رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

صفر جمارك!

طيب أنا كمواطن، ماذا استفدت من صفر جمارك؟!

ولا حاجة.. ولا الهوا.. مجرد تصريحات وشعارات للضحك على الذقون، ولخداع المواطن، لا أقول الغلبان فقط، ولكن المواطن بشتى فئاته.

فلا المواطن القادر الآن يستطيع شراء سيارة جديدة محترمة، سواء كانت الجمارك صفرا أم تحت الصفر، لأن أقل سيارة تناسبه سيكون ثمنها 500 أو 600 ألف جنيه.

ولا المواطن متوسط الحال قادر على استبدال سيارته التى اشتراها بتراب الفلوس قبل عشرة أعوام أو عشرين عاما، والتخلص من «بقها المفتوح» وأعطالها المتكررة، بعد أن أصبح أقل سعر سيارة متوسطة الحال بـ300 ألف، وربما 400 ألف!

أما المواطن المحدود الدخل، أو الذى كان لديه استعداد أو مقدره لشراء سيارة محدودة الإمكانات قبل بضع سنوات، من إنتاج أى من الدول الآسيوية الصديقة، فهو بالتأكيد، صرف النظر من زمان عن فكرة شراء سيارة أصلا، لأن أقل سيارة متاحة أمامه فى السوق الآن ثمنها لا يقل عن 200 ألف جنيه، هذا إذا ما اعتبرنا أننا نتحدث عن سيارة أصلا، وليس عن شيء آخر، فـتحويشة عمر المواطن من هذه العينة لا تكفى عمليا لشراء أكثر من موتوسيكل أو عربة كارو، وحتى إذا كان هذا المواطن يمتلك «نفسيا» القدرة على دفع 200 ألف جنيه فى سيارة «عدمانة»، فإنه بالتأكيد لا يمتلك القدرة «النفسية أيضا» على الاقتناع بأن سيارة جديدة كان سعرها قبل سنوات قليلة 60 ألفا و70 ألفا يمكن أن تساوى 200 ألف أو 250 ألفا.

والأهم من ذلك أن صاحبنا المسكين هذا بالتأكيد سيفكر مليون ألف مرة قبل أن يرمى فلوسه على الأرض، ويدفع دم قلبه فى سيارة قد تتعرض للسرقة فى أى وقت، أو للخدش أو للتلف فى لمح البصر، سواء بسبب سائق ميكروباص أرعن، أو بسبب «عيل صغير» يحمل مسمارا فى يده ويستمتع بالرسم على العربيات!

باختصار، لم أعد أطيق سماع أى مسئول يتحدث عن حكاية «زيرو جمارك» هذه، طالما أن «البيه» الذى يتحدث يدرك جيدا أن أسعار جميع السيارات الفاخرة والمتوسطة والبسيطة لن ينخفض جنيها واحدا.

ولست مقتنعا على الإطلاق بأن تسلمنا الدولة «تسليم أهالي» إلى وكلاء السيارات، لتحديد أسعار بضاعتهم حسب المزاج، وبما يضمن لهم الحصول على أعلى نسبة أرباح ومكاسب، لماذا؟ لأن تاجر أو وكيل السيارات متيقن تماما من أنه يحتكر هذه البضاعة، ويدرك أن المستهلك ليس فى مقدوره شراء ما يريد من الشركة الأم، بالسعر الأصلي، لأن البيه لازم يكسب، والمكسب لابد أن يكون 30% و40% على الأقل، بحجة أن لديه عمالا وموظفين وجراجات وممثلى مبيعات، وكلهم عاوزين ياكلوا عيش على قفانا!

ولست أدرى متى يأتى هذا اليوم المفترج الذى نستطيع فيه نحن كمستهلكين مصريين أن نستغنى عن حضرات السادة التجار والوكلاء ونشترى سياراتنا الجديدة من الشركة الأم عبر الإنترنت، كما يحدث فى جميع السلع الأخرى التى تباع بسهولة ويسر وشفافية كاملة عبر مواقع التسوق الإلكترونية؟ لنستفيد بحق من «صفر جمارك»!

ما الذى يمنعنا من ذلك، طالما أن الدولة تتفاخر بأن جمارك السيارات صفر؟ هل السيارة سلعة استراتيجية لا سمح الله؟ هل لها علاقة بالأمن القومي؟ هل شراؤها عبر الإنترنت بعيدا عن الجشع يضر الصناعة المحلية؟ طيب هل لدينا سيارات محلية أصلا؟ هل مطلوب من المستهلك أن يتحمل فارق سعر الدولار «عشرميت» مرة، مرة عند تسعير السيارة عالميا، ومرة عند الرضوخ لرغبات واشتراطات التجار، ومرة عند الصيانة وشراء قطع الغيار، ألا تكفى أسعار البنزين والجراجات والمنادين؟ أين جهاز حماية المستهلك؟ أليس ما يفعله تجار السيارات احتكارا؟ وأين إدارات الشركات الأم؟ هل يعقل أن السيارة التى رأيتها فى المعرض قبل عامين وسعرها 200 ألف جنيه بعد التعويم وليس قبله، تباع الآن فى المعرض نفسه بـ300 ألف؟ ألا يعد تحديث سيارات المواطنين بسهولة من مصلحة الدولة لتقليل الحوادث وعلاج كثير من المشكلات المرورية والبيئية؟

إلى أن أحصل على إجابات وافية، أنا ممتنع شخصيا عن شراء أى سيارة جديدة.

وحتى إذا فرطت فى سيارتى المستعملة، سأستخدم إما المواصلات العامة الأفضل حالا الآن، وإما سيارات الأجرة الخاصة الأكثر آدمية من «قرف» التاكسى الأبيض، وعلى المتضرر أن يفعل مثلي، ولنترك لهم سياراتهم فى المخازن والمعارض حتى تتعفن وتأكلها الديدان أو البارومة، وسلم لى على «صفر جمارك»!


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: 
كلمات البحث: