"فيه فراخ فى الجمعية".. صرخة كانت تخرج مدوية من أعماق المواطن المصرى في فترة السبعينات والثمانينات، معلنة عن توافر فراخ أو لحوم أو صابون أو سكر أو سجاير سوبر فى المجمعات الإستهلاكية، والتي كانت تباع بأسعار مخفضة بنسبة كبيرة عن محلات الجزارة أو بيع الطيور أو البقالة، لتبدأ بعد هذه الصيحة هرولة من المواطنين ليقوموا بتنظيم طابور طويل يمتد لعدة أمتار ولا يقل عدد الواقفين عن 100 شخص بين موظف أو عامل أو دلالة أو بواب، ليضيع اليوم كله أو جزء منه في سبيل الحصول على كيلو لحم أو فرخة مجمدة أو علبة سوبر بالتسعيرة، وقد لا يحالفك الحظ وعندما يأتى دورك تكون هذه السلع قد نفذت أو تم توزيعها على المحاسيب والحبايب.
اختفى هذا المشهد بداية من أواخر الثمانينات بعد ظهور سلاسل السوبر ماركت القطاع الخاص وقيامها بالمنافسة عن طريق البيع بأسعار قريبة من أسعار المجمعات الاستهلاكية، مع توافر التغليف الجيد والشراء بالكميات التي تحتاجها، بل يمكن توصيل طلباتك للمنزل دون عناء الذهاب للشراء، وتزامن ذلك مع تراجع جودة ما يباع في المجمعات، خاصة اللحوم والدواجن، لتجد في أغلب الأيام المجمعات شبه خالية.
في الفترة الأخيرة ومع جشع التجار وبيع السلعة بأضعاف ثمنها، قامت الحكومة مشكورة بضرب هذا الجشع بتوفير اللحوم والخضروات والدواجن بأسعار مخفضة جدا في المجمعات، وهذا جهد يحسب للحكومة لكسر هذا الاحتكار، ولكن ما يخيفني هو استمرار التجار في سياسة الجشع، رغم خلو محال الجزارة من زبائن الأمس، الذين تحول كثير منهم للشراء من المجمعات، وتبعتها محلات الخضروات بعد أن قامت المجمعات ببيع الخضروات بأسعار تقل عن نصف ما يبيع به التاجر، وهذا قد يؤدي إلى عودة طوابير الجمعيات مرة أخرى، فالسعر المنخفض يقابله سعر مرتفع جدا خارجها، فيكون الملجأ الوحيد للمواطن هو الوقوف في طابور الجمعية للحصول على تموين بيته.
الحل هو عودة المنافسة بين المجمعات والتي تبيع بسعر منخفض وبين التجار ولكن بتسعيرة تحددها الحكومة وتكون رقيبة عليها وتشدد على تطبيقها لتكون رادعا لكل تاجر جشع.
أعيدوا التسعيرة الجبرية والعقوبات المشددة على المخالفين، حتى لا نعود للوراء أكثر من أربعين عاما ونقف فى طابور الجمعية.
لمزيد من مقالات عادل صبرى رابط دائم: