رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى ذكرى «محمد محمود»

بداية، أعتذر لحضراتكم على تذكيركم بهذه السيرة الكرب!

طبعا كرب، ففى مثل هذه الأيام من عام 2011، كانت مصر تشهد أسوأ وأسود وأخطر أيامها!

فى الفترة من السبت 19 نوفمبر 2011، وحتى الجمعة 25، وقعت ما يعرف باسم أحداث محمد محمود الأولى، نسبة إلى اسم الشارع الذى يربط بين ميدان التحرير ومقر وزارة الداخلية فى لاظوغلي.

فى تلك الأيام، حاولت مجموعات محترفة ومدربة معظمها من البلطجية والعملاء وأطفال الشوارع والألتراس وكل من له مشكلة مع الداخلية اقتحام مبنى الوزارة، ضمن خطة ثوار يناير لإسقاط الدولة المصرية.

فى تلك الأيام، لم يكن الأمر مجرد اقتحام أقسام، وإخراج مساجين، ولكن كان الأمر عملا تآمريا من الدرجة الأولي.

كان الكذب وقتها على أصوله، والمظلومية والمسكنة على أشدهما، والتطبيل على ودنه، التطبيل الحقيقي، فكانت فضائياتنا وصحفنا الخاصة المبجلة المملوكة لرجال أعمال والممولة من طوب الأرض، بل وبعض وسائل الإعلام الحكومية، تصف ما حدث بأنه الموجة الثانية من ثورة يناير، وكانت تصف الشباب الموجودين وقتها فى التحرير ومحمد محمود ومحيط وزارة الداخلية بأنهم أطهر وأنقى شباب مصر!

كانت الخطة اقتحام الوزارة، المعقل قبل الأخير فى رحلة إسقاط مصر، قبل محاولة جرت لاحقا لاقتحام وزارة الدفاع، وكانت الكعكة كبيرة ولذيذة، والتسعيرة مغرية جدا كما هو واضح من سير الأحداث، بدليل أن المتظاهرين رابطوا فى الشوارع المحيطة بمبنى الداخلية سبعة أيام كاملة واقفين على أقدامهم، مفتوحى الأعين، لا يأكلون ولا يشربون، يرفضون كل محاولات للتهدئة، فى الوقت الذى كان فيه الإنهاك يحل أحيانا ببعض أفراد الشرطة، ولكن الطرف الأول المعتدى كان صاحب حق، والطرف الثانى المعتدى عليه هو المفتري!

على مدى تلك الأيام التى أصابتنا جميعا بالاكتئاب، تألق السادة الثوار فى تطبيق كل ما تعلموه من تقنيات حرب الشوارع، فبزغ نجم أولاد أبو إسماعيل، وظهر إجرام الألتراس، ولعبت الجزيرة دورا تحريضيا يستحق أن يدرس فى مقار أجهزة المخابرات العالمية.

على مدى سبعة أيام، كان من حق الثوار استخدام المولوتوف والحجارة والزجاجات والشماريخ وفرد الخرطوش، وما تيسر من الأعيرة النارية، بجانب الشتائم القذرة «المتنقية»، بينما لم يكن من حق القوات التى تدافع عن مقر عملها استخدام أى وسيلة مشروعة للدفاع عن النفس، لا قنابل الغاز المسيل للدموع ولا الخرطوش ولا الهراوات، فقد كانت عدسات المصورين المحترمين لهم بالمرصاد، وكانت صورة المتظاهر الذى يمسك بقنبلة الغاز المسيل للدموع وكأنها صاروخ نووى تنتقل فى ثوان قليلة إلى قنوات التليفزيون العالمية عبر الجزيرة مباشر وصحافة المواطن.

فى تلك الأيام السوداء، سقط كثير من القتلى والمصابين من الجانبين، وسقط أبرياء كثيرون بالتأكيد، ومع ذلك، كانت الشرطة هى المتهمة دائما بالقتل والوحشية، والثوار «كيوت» ورجالة، ومطالبهم مشروعة!

أيامها، نزل كثير من العقلاء، وبعض النخب، بل وبعض قيادات الميدان أنفسهم، للتحدث إلى المتظاهرين والمرابطين، فى محاولة لإقناعهم بإنهاء هذه الحرب المفتوحة، ولكنهم أجمعوا وقتها على أن الشباب الموجودين لا يمكن الحديث معهم، وبعضهم لا يعرف ماذا يفعل أصلا، فهم مكلفون بمهمة محددة، «ربيع بقى كل سنة وانت طيب»!

هذه هى ذكرى محمد محمود، وهذه هى واحدة من أيام يناير السوداء التى يصفها البعض حتى يومنا هذا بالأيام المجيدة، وكأنها أيام رمضان أو أيام التشريق!

ولنا أن نتخيل الآن، ما الذى كان يمكن أن يحدث لو نجحت عملية اقتحام الداخلية ورفعت عليها أعلام داعش والقاعدة والإخوان والألتراس؟ وماذا لو كانت هذه الأشكال أحكمت سيطرتها على المشهد السياسى والأمنى فى حالة نجاح خطتها فى استعداء الجيش، وتوريطه فى أى مصيبة، خاصة أن هذه الأيام «أرخت» بالفعل لبداية ظهور الهتافات المعادية للجيش، والتى فضحت أهداف يناير.

الحمد لله «»بجد»، ولكن تبقى كلمة بخصوص محمد محمود: على الدولة المصرية، ومؤسساتها الدبلوماسية والإعلامية، والقضائية أيضا، أن تتحرك وتتعامل بكل جدية وحزم مع موقع ويكيبيديا، بسبب طريقة عرضه تلك الأحداث المشينة من وجهة نظر واحدة، بكل ما فيها من أكاذيب واتهامات، بل وأساطير.

واسألوا الدول الأخرى، وأولها تركيا، ماذا فعلت لتأديب ويكيبيديا!

ولا تنسوا بالمرة سؤال فرنسا عن طريقة التعامل مع متظاهر يقطع الطريق أو يعتدى على الشرطة!

.. مرة ثانية، قولوا الحمد لله!


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: 
كلمات البحث: