رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ترزية الميديا.. «البطاطس نموذجا»!

زمان، كان لدينا ترزية قوانين.

والآن، نعيش زمن ترزية الإعلام، من هواة اجتزاء الأخبار والتصريحات والمعلومات، وتحويلها إلى شيء آخر تماما.

هذا النوع من الترزية منتشر فى إعلامنا المحلى وعلى السوشيال ميديا كفئران المزارع، على طريقة «ولع واجري».

والمؤسف أن العدوى انتقلت منذ فترة إلى وسائل إعلام أجنبية كنا نظنها محترمة، ولكنها للأسف لا تستحق ملايين الدولارات قيمة الاشتراكات التى تدفعها لها صحفنا وفضائياتنا ومواقعنا سنويا مقابل خدماتها!

ويعد الرئيس السيسى أكثر أصحاب التصريحات التى تجتزأ وتخرج من سياقها، على أيدى هؤلاء الـ «حريفة» ممن امتهنوا اللعب بكلمات الرئيس، وقصها ولزقها وتقييفها لتتمشى مع أهوائهم، وأهداف «إللى مشغلينهم»، وربما يليه وزير التعليم.

طبعا، نتذكر «التلاجة الفاضية»، و»إحنا فقرا قوي»، و«نموت م الجوع عشان هية تعيش»، و«إسمعوا كلامى أنا»، وكيف أخرجت هذه العبارات وقتها من سياقها، وكيف نسجوا حولها التعليقات والمقالات والتحليلات.

وفى منتدى الشباب الأخير بشرم الشيخ، كانت غلة هؤلاء الترزية أكبر وأغلى، فقد تركوا عظمة الحدث، لينتزعوا مجموعة من أبرز تصريحات الرئيس خلال الجلسات، وهلهلوها، وجزأوها، وفعلوا بها ما أرادوا، وشعب السوشيال ميديا «هوب» وراهم بـ «الكوميكس»، وكأننا فى سيرك.

فى إحدى جلسات المنتدي، مر الرئيس سريعا على أزمة البطاطس فى إطار حديثه عن تطوير التعليم، عندما قال إنه فى حاجة إلى كام مليار لبناء كام فصل دراسي، مشيرا إلى أنه هكذا تبنى الدول، وأن هذا هو ما يجب على شعبنا الاهتمام به، ولو خيروه لاختار الفصول، فالدول تبنى بالتعليم، لا بالبطاطس، وكان كلامه صحيحا، فلو سلمنا أمورنا لبطوننا، فلن نبنى دولة، ولن نشبع أبدا!

هذا ما أراد الرئيس أن يقوله، ولكنهم حرفوا الكلام، ليقولوا إن الرئيس خير المصريين بين بناء دولتهم وبين البطاطس!

والمؤسف فى الأمر، أن تلتقط وكالة مثل رويترز كلاما محرفا من على السوشيال ميديا بهذه الصورة لتحولها إلى تقرير إخبارى يتحدث عن أن السيسى يخير المصريين بين بناء الدولة والبطاطس، بل والمصيبة أن رويترز نفسها أبرزت نتائح استطلاع رأى «هايف» أجرته صفحة محلية «أكثر هيافة» على فيسبوك تقول إن 88% من المصريين يعتبرون أن البطاطس أهم بالنسبة لهم من بناء الدولة!

بالله عليكم، هل هذا إعلام؟ أم مسخرة؟!

أما تصريح الرئيس عن سوريا، فقد وصل إلينا عبر مستنقعات السوشيال ميديا وكأن الرئيس يقول إن مصر لن تمنح السوريين أى مساعدات لأنهم هم الذين دمروا بلادهم، وعلى الرغم من صحة هذا الكلام من الناحية الواقعية، فإن الرجل لم يكن يتحدث بلسانه كرئيس، وإنما كان يرد على دى ميستورا «أفندى» الذى تغزل فى إحدى جلسات المنتدى وتحدث عن الربيع والحرية والتغيير فى دول المنطقة، فرد عليه الرئيس ناصحا الشباب فى القاعة بالانتباه إلى حقيقة أن الدول التى شجعت السوريين على تخريب بلادهم عبر تغيير غير مدروس لن تقدم دولارا واحدا لإعادة إعمار سوريا، وأضاف متحدثا بلسان هذه الدول، أنت الذى خربت بلدك، لماذا تطلب منى المساعدة، لن أعطيك شيئا.

طبعا، هذا الكلام وصل محرفا عن عمد إلى السوريين فغضب بعضهم، رغم أن مصر بالفعل استقبلت آلاف اللاجئين السوريين منذ ثورتهم «المباركة»، وربما يكون لها دور أيضا فى إعادة إعمار سوريا.

أما حديث الرئيس عن بدانة الشباب، فقد اجتزئ هو الآخر، فقد كان الرئيس يتحدث عن ضرورة أن يكون الشباب المصرى لائقا جسمانيا، أو Fit، زى زمان، لا قصيرا ولا هزيلا ولا بدينا ولا مقوس الظهر، ولا مليئا بالأمراض، وحثهم على ضرورة ممارسة الرياضة منذ الصغر، وعلى تنظيم طريقة التغذية مثل باقى شعوب الأرض، لأن الشاب الذى لا يملك جسما لائقا متناسقا لا يمكنه تحمل مسئولية دولة، ولا مسئولية أى شيء، وهذه مشكلة قديمة يعرفها جيدا المسئولون عن اختبارات الالتحاق بالكليات العسكرية والشرطة، ولكن إخواننا العباقرة قالوا إن الرئيس يطالب الشباب بعدم الأكل، وربطوا كلامه أيضا بالبطاطس، وقالوا إن حياتنا مش ناقصة منغصات، و»هاتجوعونا»!

وسبحان الله، لم تكد تمر أيام على كلام الرئيس الذى حرفوه ولم يعجبهم، حتى جاءت خسارة الأهلى المهينة من الترجى فى نهائى إفريقيا، والتى كانت - باختصار شديد - معركة غير متكافئة بين فريق غير لائق بدنيا، وآخر من العمالقة، وهكذا كنا فى المونديال أيضا!

.. نتكسف على نفسنا شوية بقي؟!


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: 
كلمات البحث: