«الينايرجية» ثائرون، غاضبون، مستاءون، فقد «قصف» الرئيس «جبهتهم»، وجبهة «اللى مشغلينهم»، رغم أن ما قاله فى شرم الشيخ عن نكبة يناير يقوله المصريون فى الشارع، ليس الآن فقط، ولكن منذ 2011 والله، ونحن لا ننسي!
لم ينفعنا أحد منهم عندما انفتحت الأقسام والسجون وسرح البلطجية فى الشوارع، وقالوا العادلى السبب.
لم ينفعنا أحد منهم عندما انهارت الأخلاق والقيم والمثل، وصارت المخدرات والأسلحة البيضاء والسوداء تباع على النواصى كما تباع بواكى اللبان وأكياس الشيبسي!
لم ينفعنا أحد منهم عندما أغلقت المصانع والشركات أبوابها وأفلس التجار ورجال الأعمال وطفش المستثمرون والسائحون.
لم ينفعنا أحد منهم عندما انفتحت الحدود، وتسلل الإرهابيون، وتحولت سيناء إلى أرض ميعاد لدولة خلافة مزعومة برعاية أوباما وهيلارى وغيرهما من رعاة وممولى الربيع!
لم ينفعنا أحد منهم عندما انقطعت الأرزاق، وتوقفت الأعمال، وتعطلت المصالح، وأصبحت رواتب الموظفين تنقل بهيليكوبترات الجيش!
لم ينفعنا أحد منهم عندما صارت المظاهرات ومشاهد الدماء وقطع الطريق للركب، وأصبحت الحياة لا تطاق، وساعتها كانوا يطالبوننا بالصبر لأن «الثورة الفرنسية استمرت عشرين عاما»!
لم ينفعنا أحد عندما تعرضت الأرض الزراعية لأكبر عملية سرقة فى تاريخها فى غياب الشرطة والدولة، ووقتها قالوا «لماذا لا تقوم الشرطة بواجبها»؟
لم ينفعنا أحد منهم عندما قالوا «سلمية»، ووصل إلى السلطة على أكتافهم تنظيم إرهابى لا يعترف بالديمقراطية ولا بالآخر!
لم ينفعنا أحد منهم، لا يومها، ولا بعدها، ولا الآن، ولم نر منهم أى خير أبدا، ولا ديمقراطية أيضا، فاستحقوا لعنات المصريين.
فهل بعد ذلك كله، تنتظرون منهم أن يرضوا عن السيسى؟
أرادوا التغيير فجاءوا بالخراب، وعندما جاء لهم من صحح خطأهم وعالج مصايبهم و«غيّر» الواقع فعليا، فأعاد الاستقرار، ورد مصر لأهلها، وحارب الإرهاب، وحفر قناة جديدة، وأنشأ عاصمة جديدة، وأعاد بناء البنية التحتية، ووضع أساسا قويا لاقتصاد قوي، وغير موازين القوى فى المنطقة بكل ما تعنيه هذه العبارة من معان، هاجموه، واتهمونا بالخنوع والتطبيل!
فى منتدى الشباب، لم تكن هذه هى المرة الأولى التى يقدم فيها السيسى وصفة دقيقة لما حدث في2011، سواء فى مصر أو فى المنطقة.
المرة الأولى كانت قبل أعوام، عندما وجه كلامه إلى الشباب الراغبين فى التغيير والتعبير عن الرأى بمظاهرة أو وقفة قائلا : «وانت بتعبر عن رأيك، من فضلك، اوع تضيعنا معاك!».
والمرة الثانية كانت الشهر الماضي، عندما وصف ما حدث فى يناير بأنه «تشخيص خاطئ لعلاج خاطئ»، وبرر ما حدث صراحة بـ«غياب الوعى»، وهو بالتأكيد مصطلح مهذب جدا!
أما الثالثة، فكانت فى شرم، وتحديدا فى مداخلته أمام جلسة «ما بعد الصراعات» التى كانت أقوى وأرقى جلسات منتدى شباب العالم فى حضور سامح شكرى وغسان سلامة ودى ميستورا، فقد وصف السيسى فيها «الربيع العربى» بأنه «انتحار قومى» ووجه «ضربة معلم» إلى دول الغرب التى تلقى محاضراتها من برجها العاجى إلى شعوب المنطقة من أجل التحرر والتغيير والديمقراطية، قائلا لها «من منكم سيدفع 300 مليار دولار أو تريليون دولار لإعادة بناء سوريا؟ .. لا أحد»؟!
هذه هى كارثة «يناير» التى لخصها الرئيس، و«قصف جبهة» دراويشها الذين ما زالوا يطلون علينا بين الحين والآخر دون خجل، بزعم أنهم معارضون، والمعارضة منهم «براء»، ولا أعتقد بأنها ستكون الأخيرة التى يفعل فيها السيسى ذلك، لاقتناعه بأن معظم ملفات أزمات مصر الموضوعة على مكتبه سببها هذا الـ«يناير» الذى أعاد مصر للوراء قرونا!
ولأن الشيء بالشيء يذكر، بقيت كلمة أخيرة بخصوص نهائى إفريقيا بعد غد بين الأهلى والترجى: لن يحدث شيء فى رادس، وسيمر اليوم بسلام، فلا هى قمة «ربيع» ولا «بلا أزرق»، ولا الأهلى «فوق أحد» ولا الترجى «دولة»، وشعبا البلدين أذكى بكثير من أراجوزات القنوات إياها، وبلطجية المدرجات، وصراصير السوشيال ميديا، وأكثر خبرة فى التعامل مع مثل هذه الفتن، والمصريون ليسوا مستعدين لجزائر جديدة أو أم درمان ثانية، والتوانسة لن يخدعهم تحريض «الشعبانى» كما خدعتهم خطب المرزوقى والغنوشى، وعلاقات البلدين الشقيقين فى أحسن حالاتها الآن، وكلاهما يدرك أن ما يحدث محاولة وقيعة، كالتى حدثت بين مصر والسعودية قريبا وفشلت، واللى اتلسع من الربيع، لازم ينفخ فى «رادس»!
لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل رابط دائم: