الإيقاع المتسارع للإنجازات، يدعو للفخر بكل المعايير، فما كان حلماً صعب المنال بالأمس، أمسى واقعاً مبهرا اليوم، فى مجالات عديدة، تحدثنا عنها سابقا، وسنتحدث عن غيرها لاحقا، إلا أن هناك بعض الملاحظات الواجب متابعتها بدقة لتبيان الصالح منها لتعزيزه، والطالح لتقويمه.
فى سبيل التيسير على المواطن، قطعت الحكومة أشواطا جيدة، لاسيما بعد بناء شبكة معلومات دقيقة، اتضح ذلك جليا، فى العملية الانتخابية السابقة، فمن خلال الضغط على بعض أزرار لوحة المفاتيح بجهاز الكمبيوتر، بعد كتابة بيانات الرقم القومى، تعرف بوضوح مقر اللجنة الانتخابية، رغم أن هناك أناسا وُجدت مقار انتخابية قريبة جدا من محل إقامتهم، فإن مقارهم الانتخابية كانت على مسافة أكثر بعداً بلا داعى، وهو الأمر الذى أتمنى أن يتم تلافيه فى الانتخابات المقبلة للتيسير على المواطنين. أيضا، يستطيع المواطن أن يعرف حجم مخالفات سيارته، وقيمة الضرائب المستحقة عليها، وزاد التيسير على الناس، وأضحى هناك بديل للحصول على رخصة السيارة، فى حالة التجديد دون فحص، وتسلمها فى المنزل بعد دفع كل الرسوم المطلوبة، مع دفع رسم التوصيل للمنزل.
وفى مقابل ذلك ما زال الكثير من المتعاملين مع المرور فى أغلب وحداته، يعانون بعد اللف و الدوران على أكثر من شباك لإنهاء إجراءات الترخيص، فى مشاهد عبثية غير مفهومة و لا مبررة ، وأيضا غير مقبولة، و لا تستقيم مع ما سبق ذكره، فكيف يمكن أن يحصل مواطن على رخصة سيارته المُجددة فى منزله، مقابل دفع رسم التوصيل، ومواطن آخر يذهب لوحدة المرور، يدور على عدد من الموظفين لاستيفاء الأوراق، ثم دفع الرسوم من دمغات و ضرائب و تأمينات.. إلخ ثم ينتظر فى مكان قد لا يكون مؤهلا للانتظار!وحديثنا هنا منصرف عن التجديد فقط دون الفحص.
وفى خطوة مهمة للتطوير، أصبح لدينا قاعدة بيانات، لكل المواطنين، وبات الحصول على مستخرج رسمى لشهادة الميلاد و الوفاة و الزواج و الطلاق أمرا يسيرا، بما يؤكد اتساع قاعدة البيانات الخاصة بالحكومة لكل المواطنين، وهذا أمر محمود للغاية. ولكن رغم وجود هذه القاعدة الغنية، مازالت تحتاج لتطوير حتى يتسنى لنا معرفة عدد الملتحقين بالتعليم و متابعتهم، ومن ثم معرفة المتسربين لحصرهم، فلا يُعقل أن نكون فى القرن الحادى والعشرين، وعندنا نسبة أمية تقترب من خمس عدد السكان!
وجود قاعدة بيانات مرنة و متطورة ستمكننا من متابعة المواليد أولا بأول منذ لحظة الميلاد، ثم التعليم بمراحله، مروراً بالعمل، وتطوره ودرجاته، وتغيره إن حدث، وصولا لاستخراج شهادة الوفاة. هذه القاعدة من شأنها، منع التسرب من التعليم، قبل أن يصبح ظاهرة، ومواجهتها فى البداية، وصولا للقضاء على الأمية تماما، إننا بصدد تنفيذ ما يسمى التوقيع الإلكترونى، وهو ما سيسهل كثيرا من آليات التعامل داخل الجهاز الإدارى للدولة، لاسيما بعد نقل أجهزته للعاصمة الإدارية الجديدة، لتقفز مصر بهذه الآلية صوب مرتبة تقنية رائعة، سيكون لها مردود فعال على أداء الأعمال بشكل أكثر انسيابية
و انضباطا فى آن واحد.
أصل لنقطة أرى أنها غاية فى الأهمية، وهى المتعلقة بالضريبة العقارية، التى قررت الدولة مد مهلة تقديم إقراراتها لبداية يونيو المقبل، ولحرص الغالبية العظمى من أصحاب الإعفاءات، المالكين عقاراً واحداً ثمنه فى حدود الإعفاء أقل من 2 مليون جنيه، على الذهاب للمأموريات التابعين لها، أصابتهم الصدمة، وأجمعوا دون استثناء تقريبا، على سوء مأموريات الضرائب العقارية، من حيث جاهزية مكانها لاستقبال الناس، أو حتى تأهيله بالأجهزة اللازمة لتسجيل البيانات، وفى هذا السياق هناك قصص يمكن أن يرويها المواطنون عن كم المعاناة التى واجهوها، حتى أن بعضهم قال إن هذه الأماكن لا يمكن أن تكون فى مصرنا الحديثة على الإطلاق، وأثق أن شكوى الناس من سوءات مأموريات الضرائب العقارية قد وصلت لآذان وعيون الحكومة الذكية.
فهل من حل؟ الحل يتمثل فى وجود قاعدة بيانات لكل العقارات، مثلما هناك قاعدة بيانات للسيارات، فالعقارات فى مصر يتم بناؤها من خلال أفراد أو شركات، والاثنان لابد من حصولهما على ترخيص البناء من الحى التابعين له، فما هو الأسهل، هرولة المواطن على مأموريات الضرائب العقارية، أم اللجوء للأحياء المنتشرة فى ربوع مصر للحصول على بيانات بالعقارات المسجلة لديها، وإذا قال مواطن إن الأحياء لها سمعة غير طيبة، حيث إن هناك وحدات سكنية غير مًرخصة.
وهنا أسأل بدورى، إذا كانت تلك الوحدات غير المًرخصة تعدى ثمنها الـ 2 مليون جنيه،حد الإعفاء، هل سيتم فرض ضريبة عقارية عليها؟
إذا كانت الإجابة بنعم، فأيضا الأحياء لديها بيانات كاملة بكل الوحدات غير المًرخصة، و من المفترض صدور قرارات إزالة بشأنها، سواء التى تم بناؤها بواسطة أفراد أو شركات.أما إذا كانت الوحدات مرخصة، فليس هناك إشكالية فى توثيق بياناتها.
الخلاصة، على الحكومة الذكية من الآن وحتى نهاية المهلة التى أعطتها للمواطن لتقديم ما يفيد إعفاءه من الضرائب العقارية، أن تخطو بشكل عملى نحو تطبيق نظام دقيق لتسجيل كل العقارات فى مصر، و هى تستطيع، ومن ثم يقدم المواطن بيانات و حدته ، كما يقدم بيانات سيارته، ليعرف حدود الإعفاء المسموح به، وهنا تضرب الحكومة عدة عصافير بحجر واحد، أهمها مراقبة سوق العقارات بمصر، ويليها توثيق بياناتها بدقة مطلوبة.إضافة إلى التيسير على الناس.
[email protected]لمزيد من مقالات ◀ عمــاد رحــيم رابط دائم: