رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

خاشقجى المصرى!

محاولات حثيثة تجرى هذه الأيام لصناعة خاشقجى مصرى!

لن نزيد ونعيد فى الكلام عن خاشقجى الأصلى وحادث مقتله، ولكن ما يعنينا هنا هو أننا قرأنا خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من تقرير، فى أكثر من وسيلة إعلامية أجنبية، كلها تسير فى نسق واحد، وهو «الزن» على فكرة وجود معارضين مصريين فى المنفى يخشون نهاية خاشقجي، على اعتبار أن السلطات فى مصر مستبدة ودموية ومفترية، تعتقل وتعذب وتشرد وتسحل، بل وتأكل لحوم البشر أحياء وتشرب من دمائهم، فهذه هى الصورة التى يروجون لها منذ خمس سنوات.

من بين هذه التقارير، لفت انتباهى ما نشرته وكالة بلومبيرج قبل أيام تحت عنوان: لماذا يشعر المنفيون المصريون خاصة بالرعب؟, بقلم إيلى ليك المتخصص فى شئون الأمن القومى والسياسة الخارجية.

يقول التقرير إن «المعارضين» المصريين الذين يعيشون فى المنفى يتابعون بقلق شديد هذه الأيام رد الفعل الرسمى الأمريكى على حادث مقتل صحفى واشنطن بوست جمال خاشقجي، وينتظرون التعرف على الإجراءات التى ستتخذها، أو التى لن تتخذها، إدارة الرئيس دونالد ترامب حيال السعودية بسبب هذا الحادث، لماذا؟ لأن هؤلاء المعارضين المصريين المنفيين «يا حرام» يخشون أن تكون نهايتهم مثل خاشقجي، لأن حضراتهم ثوار وأبطال وينادون بالتغيير والربيع والشتاء والصيف، وربما طاردهم النظام المصرى القمعى فى الخارج لاعتقالهم أو تعذيبهم أو قطع رقابهم، زاعمين أن الفترة المقبلة قد تشهد محاولات لتصفيتهم، على طريقة جريمة خاشقجي، التى يريدون أسيادهم استغلالها لابتزاز السعودية!

التقرير تضمن أقوالا وتصريحات من ناشطين مصريين مقيمين فى الخارج مليئة بمثل هذا الهراء، من بينها تصريحات لناشطة تدعى ن.ع. حوكمت من قبل فى قضية منظمات التمويل الأجنبى، قالت عن نفسها إنها تعيش حتى الآن بأمان فى المنفي، وتعمل الآن مديرة تنفيذية لمعهد أبحاث «مش عارف إيه»، وزعمت أن تلقت تهديدات عديدة من جانب السلطات المصرية، ولكنها لم تكن تخشى شيئا طوال الفترة الماضية، ثم تحولت هذه الثقة إلى قلق ورعب بعد ما حدث لخاشقجي، الذى كانت تعرفه جيدا، لأنهما كانا على حد وصفها جزءا من حلقة مغلقة من المنشقين العرب المقيمين فى واشنطن، وقالت «ن.ع» أيضا لبلومبيرج إن مقتل خاشقجى يعد «تصريحا بقتلنا جميعا»!

التقرير تحدث أيضا عن أمثلة أخرى بخلاف الأخت «ن»، فهناك أيضا «ب. ح.» الذى وصفته بلومبيرج بأنه صحفى وناشط حقوقى يعيش فى باريس الآن، ونقلت عنه قوله إن السلطات المصرية تلاحقه مع غيره من النشطاء «فى المنفى»، وطبعا، سنلاحظ أن مصطلح «المنفى» هذا سيتكرر كثيرا خلال الفترة المقبلة على لسان الهاربين من قضايا الإرهاب وقضايا جنائية.

ونقلت بلومبيرج عن «ب.ح» قوله إنه خائف «يا عينى» لأنه تلقى هو الآخر تهديدات بالقتل، ودلل على ذلك بأن مقدم برنامج توك شو فى مصر حث السلطات على خطفه وأمثاله وإعادتهم إلى مصر فى أكفان!

واتفق معظم النشطاء الذين التقت بهم بلومبيرج فى أنهم يشعرون بالأمان فى الولايات المتحدة تحديدا، ولكن الخوف ينتابهم من أن تتم تصفيتهم فى دول أخرى مثل تركيا، ربما لأن الدولارات أكثر دفئا وأمنا من الليرة بطبيعة الحال!

إذن، واضح من خلال تقرير بلومبيرج، وغيره من التقارير، أن هناك محاولات من جانب جهات خارجية، ووسائل إعلام أجنبية، ونشطاء ممولين، ومتهمين هاربين، لصناعة «خاشقجي» مصرى بأى ثمن، على غرار نموذج ريجيني، الذى فشل فى تحقيق أغراضه فى الوقيعة بين مصر وإيطاليا تحديدا.

وواضح أيضا أن هناك اتجاها - ربما - لافتعال أى أزمة أو توريطة لمصر عبر استهداف جهة ما لأى ناشط أو سياسى فى الخارج لا يساوى «تلات تعريفة»، لإلصاق التهمة مباشرة بالسلطات المصرية، رغم أن مصر لم تتعقب معارضين فى الخارج فى تاريخها، هذا إن اعتبرنا هؤلاء أصلا «معارضين» بحق وحقيقى فى هذا الزمن الذى يطلقون فيه على تاجر الدم والخائن والعميل وصف ناشط سياسى أو أيقونة ثورة أو معارض فى المنفي.

ومما يعضد هذا الاتجاه الشيطانى أن بعض هؤلاء الهاربين الذين احترفوا الكذب يدركون تماما أنهم صاروا عبئا أمنيا وسياسيا وماليا على الدول التى تستضيفهم، وقد يتم «بيعهم» فى أى وقت.

.. فهل استعدت مصر لهذه السيناريوهات القذرة؟!

وهل يدرك المصريون العاديون ما يُدبر لبلادهم لتكدير معيشتهم؟

أم أننا مشغولون بالبطاطس والطماطم؟!


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: 
كلمات البحث: