رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حقيقة فيديو نيتانياهو

ينتشر هذه الأيام على صفحات التواصل الاجتماعى فيديو شهير لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو وهو يلقى خطبة عنترية أمام لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية «إيباك»، متحدثا فيها بكل فخر واعتزاز عن أفضال إسرائيل على العالم، وكيف أن إسرائيل تغزو العالم حاليا من خلال الإبداع والتفوق التكنولوجي.

الفيديو ومضمونه كفيلان بإصابة أى مواطن عربى من المحيط إلى الخليج بالاكتئاب والإحباط والغضب، ففيه يتحدث نيتانياهو عن إسرائيل، وكأنها زعيمة العالم، بل وكأنها العالم نفسه، فقد استعرض، وسط تصفيق وصيحات الحاضرين، الإنجازات التى حققتها إسرائيل فى مجالات العلوم والتكنولوجيا والذكاء الصناعى وفشلت فى تحقيقه أى دولة أخرى، وكيف أن إسرائيل على استعداد للتعاون مع كل الدول، أو أنها تتعاون بالفعل، من أجل نقل هذه التكنولوجيا إلى أصدقائها فى آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، باعتبارها دولة عظمى، ورائدة، وطيبة، و«بنت حلال»!

بالتأكيد، الفيديو سيصيبك بارتفاع فى ضغط الدم، لأن ما قاله نيتانياهو يمثل الحقيقة، وما ذكره معلومات لا لبس فيها ولا كذب، وحقائق دامغة تدعمها الأرقام والإحصائيات للأسف، وكان أبرز ما قاله :

-إسرائيل هى مركز تصدير المبدعين والعباقرة فى العالم.

-إسرائيل علميا 500 مرة فوق وزنها الجغرافى والسكاني.

-إسرائيل تغير العالم الآن فى إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.

-إسرائيل أحدثت ثورة فى الصناعات القديمة وخلقت صناعات جديدة بالكامل.

-إسرائيل بها مراكز أبحاث لأكبر خمس شركات فى العالم.

-إسرائيل نصيبها من إجمالى استثمارات الإنترنت العالمية 20%، رغم أن سكانها 1% فقط من سكان العالم.

-إسرائيل جلبت الماء إلى ملايين البشر فى إفريقيا بفضل قدراتها التكنولوجية.

-إسرائيل الأولى عالميا فى مجال إعادة تدوير مياه الصرف الصحى، بنسبة 90%، مقابل 20% فقط لإسبانيا.

-إسرائيل ابتكرت ما يسمى الزراعة الدقيقة التى تعتمد على التكنولوجيا.

-إسرائيل رفعت إنتاجية المزارعين فى الهند خمسة أضعاف بعد استخدامهم التكنولوجيا الزراعية الإسرائيلية المتطورة.

هذا ملخص ما قاله نيتانياهو، ومع ذلك، سنحاول أن نواسى أنفسنا بأنه لم يذكر فى خطبته العصماء أن إسرائيل هى الأولى عالميا أيضا فى القتل والتعذيب والسجن وانتهاك القوانين والقرارات الدولية.

سنواسى أنفسنا أيضا بأن نقول إن نيتانياهو تناسى أن إسرائيل هى الدولة الأولى عالميا فى العنصرية، والأولى فى العسكرة، والأولى التى قامت على احتلال أراضى الغير، والأولى التى تعيش على أساس ديني.

سنواسى أنفسنا أيضا بالقول إن خطبة نيتانياهو لم تعجب وسائل الإعلام الأمريكية نفسها، إذ اعتبرتها محاولة استعراضية فجة من جانب «بيبى» للتمسح فى إنجازات من سبقوه، ولإنقاذ سمعته ومستقبله السياسى فى الداخل، بعد أن دمرته الفضائح, ولكن تبقى الحقيقة المؤسفة، وهى أن كل ما ذكره نيتانياهو فى خطبته، لم يكن سوى الواقع المخجل جدا!

الغريب فى الأمر أن الفيديو يتم تشييره هذه الأيام على نطاق واسع جدا، ويحظى بإقبال هائل فى أوساط الشباب فى مصر والعالم العربي، لدرجة أنه حقق مشاهدات تقدر بمئات الآلاف، والأغرب أن نعرف أن تشيير الفيديو بدأ على نطاق واسع منذ أوائل أكتوبر الحالي، وانتشر بكثافة خلال الشهر نفسه، رغم أن محاضرة نيتانياهو هذه أمام الإيباك كانت بتاريخ 6 مارس الماضي، أى خلال زيارته لواشنطن، فلماذا النشر الآن؟!

ربما يكون السبب له علاقة بأكتوبر وأيامه وذكرياته الأليمة عند الإسرائيليين، وربما يكون نشره بهذه الصورة المكثفة ردا على ما قاله الرئيس السيسى فى الندوة التثقيفية للقوات المسلحة من أن مصر التى قهرت إسرائيل فى 6 أكتوبر 73 بفضل جيشها وصلابة شعبها رغم فارق الإمكانات وقتها قادرة على تكرار هذا الانتصار فى كل مرة.

وربما أيضا تم نشره ضمن حملة نشر الإحباط واليأس وكراهية الأوطان التى تفنن فيها أصحابنا الخونة والعملاء إياهم، والذين لا يكنون بشكل عام أى مشاعر عداء للدولة العبرية، بل يتفقون معها فى وحدة الهدف وخبث المقصد، ويقدمون لها خدمات جليلة. ومما يرجح الاحتمال الأخير تحديدا أن أكثر من شارك فى تشيير هذا الفيديو هم من نفس هذه النوعية بالفعل، ممن يستلذون بفكرة عقد مقاربات خبيثة هذه الأيام بين إسرائيل «المتدينة» و»واحة الديمقراطية» من جانب، وبين دولنا العربية التى لفظت «دين» داعش والإخوان ورفضت نعمة «الربيع» من جانب آخر.

عموما، فى كل الأحوال، «إلحقونى بدوا الضغط»!


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: 
كلمات البحث: