المعارضة لا تحمل السلاح، ولا تدعو للعنف. هذه الحقيقة يعرفها الإعلام الغربي، ويدرك أنه حكم لا نقاش فيه.
ومع ذلك، فى وطننا العربى فقط، يطلق على الإرهابى متشدد، وعلى من يحمل السلاح معارض، وعلى من يخطط لهدم الدول والمؤسسات لا عزل رئيس أو حكومة أو نظام «ناشط سياسي».
حدث هذا ويحدث فى سوريا، فنشأ مصطلح «المعارضة المسلحة»، وهو أغرب مصطلح يبتدعه الإعلام الدولى فى عصرنا الحديث.
وحدث الأمر نفسه فى ليبيا، فالجيش النظامي، يطلق عليها قوات «حفتر»، والميليشيات المتناحرة «فرقاء سياسيون».
والأمر نفسه فى اليمن، ومن قبله العراق، ومن قبلهما أيضا فلسطين، التى يطلق فيها الإعلام الغربى على المحتل «دولة»، وعلى المتظاهر السلمى وصاحب الأرض «إرهابي».
وفى مصر، تم استخدام هذه الحيل جميعها على مدى السنوات الثمانى الماضية لتجميل وجه الإرهاب، وإضفاء صفة المشروعية على فكرة القضاء على «الدولة»، فأصبح الإرهابيون فى سيناء مجرد متشددين أو متمردين، لهم مطالب، وأصبح النشطاء المتعاونون مع دول أجنبية «ناشطين سياسيين» يدعون للتغيير والديمقراطية، وأصبح حاملو الأسلحة والبيضاء والمولوتوف وقطاع الطرق «ثوارا» و«مناضلين».
وعلى مدى الأيام الماضية، تم رصد أكثر من مثال على استمرار الإعلام الأجنبى فى هذا النهج المخجل.
فقد أبدت وكالتا «رويترز» و»أسوشييتدبرس» للأنباء تعاطفهما الواضح مع «عبد الله» نجل الرئيس المعزول محمد مرسي، إثر التحقيق معه فى النيابة بتهمة نشر أخبار كاذبة من خلال مقابلة أجراها مع وكالة «أسوشييتدبرس» تحديدا.
جاء ذلك فى تقرير بثته «رويترز» بتاريخ 10 أكتوبر 2018 بعنوان «مصادر قضائية : إخلاء سبيل نجل الرئيس المعزول مرسى بكفالة».
كما جاء التوجه نفسه فى التقرير الذى بثته أسوشييتدبرس بالتاريخ نفسه بعنوان «الشرطة المصرية تستجوب نجل الرئيس الأسبق مرسى وتخلى سبيله».
والمعروف أن هناك إصرارا فى الإعلام الأجنبى على وصف مرسى بالرئيس الديمقراطى المنتخب الذى أطيح به قسرا، فى محاولة لتجميل صورته، وإنكار أى محاولة لفضح قيام جماعة الرئيس المعزول بحمل السلاح فى وجه المصريين، وإلصاق تهمة الإرهاب بجهات مجهولة.
كان عبد الله قد زعم فى المقابلة المذكورة سوء أوضاع والده فى محبسه، فى إطار محاولات الابتزاز المعتادة التى تقوم بها عناصر الجماعة الإرهابية للحصول على مزايا غير قانونية، وغير طبيعية، فى أماكن احتجازهم، وأيضا المتاجرة بالعقوبات الموقعة عليهم، لضمان استمرار التعاطف والدعم والتمويل الخارجى لهم.
فى الوقت نفسه، استمرت «أسوشييتدبرس» وهيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي.» فى وصف الإرهابيين بـ«المتشددين»، مع تعمد «بى بى سي» تحديدا إطلاق لقب «الجهادى العتيد» على هشام عشماوى الذى تم ضبطه فى ليبيا مؤخرا، فى إطار محاولة التخفيف من خطورة جرائم تلك العناصر، والتشكيك فى مصداقية الاتهامات الموجهة إليهم بتهمة الإرهاب.
جاء ذلك فى تقرير بثته رويترز بتاريخ 8 أكتوبر 2018 بعنوان «قوات ليبيا الشرقية تقبض على متشدد مطلوب فى مصر».
جاء ذلك أيضا فى تقرير بثته «أسوشييتدبرس» بتاريخ 11 أكتوبر 2018 بعنوان «الرئيس المصرى يريد من ليبيا تسليم المتشدد المقبوض عليه».
وكررت المصطلح نفسه شبكة «بى بى سي» فى تقرير بثته بتاريخ 8 أكتوبر 2018 بعنوان «القوات الليبية تقبض على هشام عشماوى الجهادى المصري»، واستخدمت فى سياق التقرير وصف «المتشدد» لهشام عشماوي.
إذن، الإعلام الأجنبى لا يزال مصرا على عدم الاعتراف بأن مصر تحارب إرهابيين، بل مجرد متشددين، أو حكام سابقون ومعارضون، هذا كل ما لديهم، أما من قتل المصريين، ومن أحرق مبانيهم ومنشآتهم وممتلكاتهم، ومن فجر مساجدهم وكنائسهم، فهنا تأتى الورطة، فالجهة المسئولة عن تلك العمليات ليست جماعات الإرهاب، وإنما الدولة نفسها، بدليل أن شبكة «سي.إن.إن» الأمريكية نشرت بتاريخ 11 أكتوبر 2018 خبرا بعنوان «محكمة عسكرية مصرية تحكم بالإعدام على 17 شخصا فى قضية تفجيرات الكنائس» حول قضية تفجيرات الكنائس فى عامى 2016 و2017 والهجوم على كمين أمنى تابع للشرطة، قالت فيه إن «المسيحيين الأقباط فى مصر يتعرضون للاضطهاد والتمييز، وهو ما تفاقم منذ الإطاحة بمبارك فى 2011» ونقلت عن منظمة العفو الدولية قولها العام الماضى إن «كنائس وممتلكات الأقباط تتعرض للحرق والتدمير، فى حين تتم مهاجمة الأقلية القبطية بدنيا باستمرار، ويتم نهب ممتلكاتهم»، وكأن الدولة هى المسئولة هنا عن ذلك، وليس الإرهاب المغلوب على أمره!
.. أيها الخجل، أين حمرتك؟!
رابط دائم: