يبدو أن فكرة تصوير مصر على أنها دولة قمعية «متوحشة» تلقى رواجا كبيرا هذه الأيام فى بعض وسائل الإعلام الأجنبية! ربما يكون الهدف هو تشويه السمعة بشكل عام، وربما كان الهدف «تطفيش» المستثمرين والسائحين، وربما كان ذلك بغرض ابتزاز الدولة المصرية بين الحين والآخر بأخبار وتقارير عن انتهاكات مزعومة.
وتفننت وكالة أسوشييتدبرس للأنباء مؤخرا فى التركيز على هذا الهدف، فقد بثت بتاريخ 3 أكتوبر 2018 تقريرا بعنوان «مصر تعلن مقتل 15 متشددا على يد قوات الأمن فى سيناء»، لم تكتف فيه بوصف الإرهابيين القتلى بأنهم مجرد «متشددين» فقط، رغم وجود فارق شاسع بين المعنيين، وإنما وصفتهم أيضا بأنهم «يشتبه فى أن يكونوا من المتشددين»، فى محاولة لتصوير قوات الأمن على أنها الطرف المعتدى، وأن القتلى هم من المدنيين الأبرياء أو المسالمين! كما بثت الوكالة نفسها خبرا بتاريخ 3 أكتوبر 2018 بعنوان «منظمة هيومن رايتس ووتش تعلن أن السلطات المصرية وراء الاختفاء القسرى لمحام حقوقى»، حول دعوة هيومن رايتس ووتش للسلطات المصرية للكشف عن مكان المحامى الحقوقى عزت غنيم الذى قالت إنه مفقود بعد اعتقاله، وادعائها بأن الشرطة المصرية هى التى تقف وراء هذا الاختفاء.
وبتاريخ الثانى من أكتوبر 2018، بثت الوكالة نفسها خبرا بعنوان «نجل الرئيس الأسبق محمد مرسى يشن حملة من أجل والده»، حول قيام عبد الله الابن الأصغر لمرسى بحملة للمطالبة بما سماه بـ«معاملة أفضل» لوالده، زاعمة أن «المعزول» لا يحصل فى سجنه على الرعاية الصحية المناسبة، لدرجة أنها نقلت عن ابنه قوله إنه ينتظر مرة فى الشهر خارج سجن طرة سيئ السمعة ـ حسب وصف الوكالة ـ ساعات ويقف دون ظل فى شمس مصر المحرقة من أجل الحصول على فرصة لرؤية والده، وفى كل مرة تقريبا لا يسمح له بزيارته.
وفى الإطار نفسه، بثت هيئة الإذاعة البريطانية «بى.بى.سى.» خبرا بتاريخ 29 سبتمبر بعنوان «مصر تحكم بالسجن على ناشطة لنشرها أخبارا كاذبة»، حول الحكم الصادر من إحدى المحاكم على ناشطة بالسجن لمدة عامين مع إيقاف التنفيذ وغرامة بعد نشرها مقاطع فيديو تنتقد الحكومة بسبب انتشار التحرش الجنسى فى البلاد، رغم أن هذه ليست التهمة الموجهة بالفعل إلى هذه الناشطة. ونقلت بى.بى.سى. فى خبرها نفسه عن منظمة «هيومن رايتس ووتش» قولها إن السلطات المصرية تستخدم على نحو متزايد قوانين مكافحة الإرهاب والمحاكم للمقاضاة الجائرة للصحفيين والنشطاء والنقاد بسبب انتقاداتهم السلمية، رغم أن ما ذكرته تلك «الناشطة» فى الفيديو الشهير، لم يكن سوى عبارات سب وقذف وإهانات لمجموعة من الناس ولبلد بكامله، وليس فقط انتقادا لأى جهة. و«الكذبة» نفسها لجأت إليها سى.إن.إن فى تقريرها حول الموضوع نفسه بتاريخ 30 سبتمبر 2018 عندما بثت الخبر مستخدمة عنوان «الحكم على ناشطة مصرية بسبب انتقادها الحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي»، وذكرت فيه أن تهمة الناشطة الإضرار بسمعة البلاد، دون التطرق إلى تفاصيل الاتهامات الموجهة بالفعل لها.
كما لجأت «رويترز» فى تقرير مماثل بتاريخ 29 سبتمبر إلى الأسلوب نفسه، وفى القضية نفسها، حيث أصرت على أن الناشطة «مدافعة عن الحريات» و»رافضة للتحرش»، فى محاولة لتقديم صورة مكذوبة لها أمام الرأى العام الأجنبى، وتشويه القضاء والدولة فى مصر أيضا.
ورغم حقيقة أن هذه القضية مضى عليها وقت طويل، فإننا نختم بسؤال فى صورة طلب متواضع : «هل تستطيع أى وسيلة إعلامية أجنبية نشر تفاصيل الفيديو المنسوب إلى تلك الناشطة متضمنا ما ورد فيه من شتائم واتهامات، لنتأكد ما إذا كان ما قالته نقدا سلميا، أم شيئا آخر»؟
وسؤال آخر: «هل أنتم بالفعل مقتنعون بما قاله زوج الناشطة من أن أى سيدة مصرية تفتح فمها بشيء عن التحرش، تذهب إلى السجن»؟!
هل مصر فى نظركم بهذا السوء؟
هل هذا معقول؟!
رابط دائم: