رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

د. بهجت قرنى: علاقات مصر وأمريكا إستراتيجية.. ولكن أحذر القادة العرب من تقلبات ترامب

أجرى الحوار ــ هانى عسل
د. بهجت قرنى يتحدث لـ«الأهرام»

  • حرب أكتوبر أهم إنجاز عسكرى وسياسى واستراتيجى فى الشرق الأوسط وأعادت التوازن الذى تحدث عنه كيسنجر
  • كامب ديفيد مكسب لجميع أطرافها وكارتر كان يجهز لـ"كامب ديفيد 2" بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. ولكن الظروف لم تمهله
  • الخارجية الأمريكية "مكتئبة" الآن وظاهرة "الأمريكى القبيح" عادت وانتخابات الكونجرس المقبلة قد تكون بداية لعزل ترامب

 

مصر تحتفل بذكرى انتصار أكتوبر.. مصر وأمريكا تحييان ذكرى مرور 40 سنة على كامب ديفيد.. السيسى يلتقى ترامب فى نيويورك، ويتحدث عن علاقات استراتيجية بين البلدين، ميلانيا ترامب تزور القاهرة .. عقوبات أمريكية «عنيفة» ضد إيران فى الطريق.. اتفاق سلام وشيك بين واشنطن وبيونج يانج .. تصريحات أمريكية غريبة ومفاجئة ضد السعودية.. انتخابات تجديد نصفى للكونجرس فى الأفق قد تؤثر على مستقبل ترامب السياسي، وربما تهز العالم بأسره.

إذن، هذا هو الوقت المناسب للاستماع إلى آراء وتحليلات الدكتور بهجت قرنى أستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، فى محاولة للتعرف منه بشكل متعمق على حقيقة ما يجرى على الساحة الأمريكية من أحداث، وتطورات العلاقات المصرية الأمريكية، وسياسة أمريكا الخارجية، ومصير ترامب، ولكن، البداية كانت بالحدث الذى وقع عام 1978 وكان ولا يزال «ذروة» قوة علاقات القاهرة وواشنطن.

د. قرنى خلال لقائه مندوب «الأهرام»

نبدأ من بوابة كامب ديفيد المثيرة للجدل، التى فتحت منذ 40 عاما طريق السلام فى المنطقة، رغم الرفض العربى الشرس لها، من خلال اقترابك من الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر، الطرف الوسيط فى هذه الاتفاقية، كيف تقيم الآن نتائجها الآن؟

كامب ديفيد علامة فارقة فى تاريخ الشرق الأوسط الحديث، وبغض النظر عن التقييمات المختلفة لها، ينبغى علينا تقييمها كحدث سياسي، اتفقنا أو اختلفنا معها، فقد كانت إيذانا ببداية ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد باتخاذ سياسة مختلفة تجاه إسرائيل، العدو التقليدى لدول المنطقة، فقد تشكلت بناء عليها بيئة سياسية وجغرافية وعسكرية جديدة، بدأت بإنهاء الحرب، ثم بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين مصر وإسرائيل، وعلى مسار العلاقات المصرية الإسرائيلية، نجد أنها حققت كل أهدافها، فمصر كانت تريد أرضها، وثرواتها البترولية فى سيناء، بينما كانت إسرائيل تريد أن تخرج الدولة الأكثر تأثيرا فى المنطقة من دائرة المواجهة معها، لذلك، كانت الاتفاقية مكسبا للطرفين Win Win، وحتى الأمريكيون أنفسهم، يؤمنون بأنهم صنعوا فى كامب ديفيد أكبر إنجاز فى مجال سياستهم الخارجية، بعقد اتفاقية سلام بين أقوى دولتين فى الشرق الأوسط، ولكن على الجانب الآخر، يجب أن نسجل أن كارتر اعترف فى رسالته الأخيرة الموجهة لندوة «40 عاما على كامب ديفيد» بالجامعة الأمريكية بالقاهرة بأن كامب ديفيد أخفقت فى تسوية أساس النزاع الشرق أوسطي، أى الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل.

نظرية كيسنجر

هل كانت كامب ديفيد جزءا مكملا لحرب أكتوبر؟ أو هل تعد «مشهد النهاية» لهذه الحرب؟

بالتأكيد، فحرب أكتوبر هى أهم إنجاز عسكرى وسياسى واستراتيجى فى المنطقة، فقد حطم فيها المصريون أسطورة خط بارليف والجيش الذى لا يقهر، وأصيب الجندى الإسرائيلى بأزمة نفسية بعد أن فر فى ميدان المعركة من الجندى المصري، ولجنة «أجرانات» التى شكلتها إسرائيل لبحث أسباب الهزيمة أكدت وجود تقصير، ومعروف أنه لم ينقذ إسرائيل إلا أمريكا التى وضعت كل تأييدها لتل أبيب، فقد كانت ترسل الأسلحة من مستودعات الناتو فى أوروبا بأغلفتها كسبا للوقت، وبالمناسبة، كيسنجر كانت له فى ذلك الوقت نظرية تقول : «لن نسمح بهزيمة إسرائيل»، ولكنه قال أيضا: «لن نسمح بانتصار كامل لأى من الطرفين»، حتى ولو تحقق ذلك لإسرائيل نفسها، لأنه كان يرى أن هذا يعوق التسوية كما حدث فى 67، وبعد الحرب مباشرة، لجأ لدبلوماسيته المكوكية بين مصر وإسرائيل، ثم جاءت كامب ديفيد بمثابة اعتراض على هذه الدبلوماسية المكوكية التى كانت تركز على جزئيات فى الصراع، وبدلا من ذلك، نظرت لجميع أبعاد القضية، وعندما وجد كارتر صعوبات لتحقيق ذلك خلال المفاوضات، قرر التركيز على المستوى المصرى الإسرائيلي، ولهذا، أرى أن كامب ديفيد أنجزت وحققت أهدافها.

إذن لم تكن كامب ديفيد لتحدث لولا حرب أكتوبر؟

طبعا، وكما قلت لك، كيسنجر رأى أنه لكى تكون هناك تسوية، يجب أن يكون هناك توازن، وإسرائيل لم تكن لتقدم تنازلات وهى فى وضع انتصار، لذلك، حرب أكتوبر كانت بالفعل صورة مضيئة ليس فقط لمصر ولكن للمنطقة العربية كلها، فقد حدث فيها تنسيق بين الجوانب العسكرية، والاقتصادية أيضا بعد حظر البترول عن الدول المؤيدة بالكامل لإسرائيل مثل الولايات المتحدة وهولندا، وبعدها جاء الشق الدبلوماسى من الحرب.

ولكن الملاحظ أن الأطراف التى شاركت فى كامب ديفيد دفعت ثمنا باهظا للاتفاقية، ومصر اتهمت بالخيانة.

نعم، كارتر كان يقول دائما إن أعداء السلام دائما متربصون بنا، وله تعبير جميل فى مذكراته، وهو أن الأخطار لا تحيق بالحرب وحدها، لأن السلام أيضا له مخاطره، فهناك من يدفع الثمن، بدليل أنه هو نفسه لم يعاد انتخابه، والسادات اغتيل، وحدث ذلك مع رابين لاحقا، عندما عقد سلاما مع عرفات.

هل صحيح أن لوبى السلاح الأمريكى أكثر من اعترض على كامب ديفيد لأنها أضرت بمصالحه، وهو ما أضعف كارتر سياسيا؟

لم أسمع شيئا مؤكدا عن ذلك من قبل، ولكن منطقيا، أساس العلاقات المصرية الأمريكية دائما هو التعاون العسكرى الذى لا يزال يحتفظ بقوته وبأولويته، بدليل أنه ما زال معروفا حتى الآن أنها مساعدة لأمريكا أكثر منها لمصر، فهى تعتمد على تصنيع سلاح وإرسال خبراء أمريكيين، والمبالغ التى تدفع تتجه للداخل الأمريكى أكثر، لذلك، من المحتمل أنهم تخوفوا من حدوث سلام، وهو ما كان يعنى أن واردات السلاح من المنطقة ستقل.

هل صحيح أن كارتر تأثر كثيرا برحيل السادات؟

أتذكر أننى بعد فترة بسيطة من وصولى لجامعة مونتريال فى كندا للتدريس، قام السادات بزيارته لإسرائيل، وبدأت مفاوضات كامب ديفيد، ووقتها، استطلعت وسائل الإعلام الكندية رأيي، وكنت من الأقلية التى تقول إن المفاوضات لن تفشل، وبعدها أوفدتنى الحكومة الكندية فى يناير 1996 كمراقب دولى لأول انتخابات فلسطينية، وكان كارتر رئيس هذا الفريق، ودار بيننا حديث حول مصير الشرق الأوسط، وقلنا إن الشرق الأوسط علمنا عدم الإسراف فى التفاؤل، ففلسطين وقتها كانت أمام طريقين، إما أن تصبح كالصومال، أو كسنغافورة، ومؤخرا، ذكرته بهذا الحوار لأدعوه لحضور منتدى كامب ديفيد بعد 40 عاما، فاعتذر بلطف قائلا : «كنت أحب أن أزور بلد أخى السادات»، واكتفى بإرسال خطاب للمنتدى، وبشكل عام، كان كارتر أول رئيس أمريكى يكرس جهوده لقضية الشرق الأوسط، بل وتكلم عن وطن للفلسطينيين، بل أذكر أنه قال إننا سننتهى من كامب ديفيد الأولى، وسنعمل للوصول إلى كامب ديفيد 2 لنركز فيها على القضية الأساسية، وهى السلام الفلسطينى الإسرائيلي، ولكن حدث شيئان : أولا لم يتم انتخابه، والطامة الكبرى له كانت اغتيال السادات، وكان كارتر يدرك أن كامب ديفيد كانت من الأسباب الرئيسية للاغتيال، فكان لديه شعور بأنه خان «أخاه»، أو أنه لم يقف بجانبه بما يكفي، فشعر بتأنيب ضمير، ولذلك كتب ضد إسرائيل كثيرا، مثل كتابه «الأبارتايد»، الذى سمى فيه إسرائيل صراحة دولة التمييز العنصري، وهو ما ثبت صحته عمليا بعد ذلك بقانون القومية اليهودية الصادر فى مايو الماضي.

أمريكا معزولة بسبب «السفارة»

ماذا عن ترامب الآن؟ هل لديه رؤية للسلام فى المنطقة؟ أم أنه يتصرف بعشوائية؟ تارة يدعم إسرائيل بنقل السفارة للقدس، وتارة يطالب نيتانياهو فى نيويورك بالدولتين، وتارة أخرى، تظهر أحاديث عن صفقة قرن؟ ما هى القصة؟

كارتر قال إن الوسيط الناجح يجب أن يتمتع بالنزاهة، وأن تثق فيه الأطراف المختلفة، وأن تكون لديه حكمة كافية لطرح حلول وسط، وترامب لا يملك أيا من هذه الشروط، وهنا، أود من خلال هذا الحوار أن أوجه نصيحة إلى جميع الزعماء العرب هى «كونوا على حذر من ترامب»، ومؤخرا كتبت مقالا بعنوان «ترامب .. فلنكن على حذر»، وكان هذا قبل عشرة أيام من تصريحه الفج عن السعودية، والذى رد عليه محمد بن سلمان ولى العهد السعودي، وقد قرأت إحصائيات تؤكد أن ترامب يكذب بمتوسط 8٫2 كذبة يوميا، وأحدهم أكد لى أنها 12 مرة، وهو مصاب بالنرجسية ويريد أن يكون دائما فى بؤرة الاهتمام، ولديه فجاجة كبيرة فى التعامل مع الآخرين، أما سياسته فى الشرق الأوسط فهى غير موجودة، ومن يقوم بهذا الدور هو جاريد كوشنر زوج ابنته، ورغم أنه درس فى هارفارد، وفى الثلاثينيات من عمره، فإنه عديم الخبرة، وهو ابن تاجر عقارات مثل ترامب، فالمسألة بالنسبة له صفقات وسمسرة، كما أنه ينتمى لعائلة يهودية أورثوذكسية، بل إن أسرته كانت تساعد فى بناء بعض المستوطنات، وهناك أيضا دور لليمين الإسرائيلي، لدرجة أن هناك من اليهود الأمريكيين من ينتقد كوشنر وترامب، ويعتقدون أن سياسات أمريكا الحالية ستريق مزيدا من الدماء فى المنطقة، ويقولون أيضا إن صفقة القرن كارثة فى المنطقة، بدليل أن قرار نقل السفارة المخالف لكل المواثيق الدولية وضع أمريكا فى عزلة، لأنها دولة كبيرة يجب أن تدافع عن المواثيق الدولية، إذن، فسياسة ترامب قد تنجح فى فرض أمر واقع، ولكنها ستؤدى لمزيد من الاضطرابات والأزمات.

وهل صفقة القرن حقيقة أم وهم؟

إلى الآن، لم نر نصا رسميا لهذه الصفقة، وربما يكون السبب أن كل الأطراف تخلت عنها، وهذا بالتأكيد نتيجة لعدم الخبرة كما ذكرنا، لأنك اخترعت بالونة اختبار، ثم تأكدت أن البالونة ستحرق الدنيا، والواقع أنك عندما تتحدث مع أناس لهم خبرة بالمنطقة مثل ويليام كوانت مستشار كارتر للأمن القومي، والأكاديمى والمحلل، وتذكر لهم اسم كوشنر، يقابلونك بابتسامة سخرية.

لماذا لم يستعن ترامب بمثل هؤلاء الذين حضروا كامب ديفيد مثل كوانت أو غيره عند التعامل مع الشرق الأوسط؟

ترامب نفسه قال لن أستعين بهؤلاء، ولن أقرأ كتبا عن الشرق الأوسط لأنها تعبر عن فشل، ولكن الحقيقة أنك لكى تنجح يجب أن تعرف أسباب الفشل، وهذا معناه أن تبدأ من جديد فى منطقة ذات تاريخ عميق منذ إعلان مشروع الدولة الإسرائيلية فى بازل عام 1897، فهل يعقل أن تتجاهل هذه الخلفيات وتتعامل مع الأمور بغباء وجهل وسذاجة؟

ولكن ترامب اشتهر بأنه يتعامل بالطريقة نفسها فى باقى ملفات السياسة الخارجية.

نعم، فعل هذا مع كل الملفات، كوريا الشمالية، السعودية، إيران، كندا، الصين، وهناك تفسيران : الأول أنه يحب أن يبدأ بالهجوم العنيف مثلما حدث مع رئيس كوريا الشمالية، ثم يحضر أرضية لاتفاق، والثانى يقول إن الرجل غير متسق مع نفسه، ويغير رأيه بسرعة، وبغض النظر عما إذا كنت أحب ترامب أو أكرهه، فإن الحقائق تقول إنه بدون خبرة، كما أنه تصادمي، حتى مع مساعديه، بدليل أنه أقال أو استقال أقرب 12 من معاونيه، وهذا مقلق بالنسبة لدولة كبيرة مثل الولايات المتحدة تعد عاصمتها واشنطن عاصمة العالم، وتشهد فوضى فى اتخاذ القرار، ولذلك، أستشعر نوعا من الاكتئاب داخل الخارجية الأمريكية، والبعض منهم يستقيل لأنهم يعترضون على تحديد مسار السياسة الخارجية لأمريكا عبر تويتر.

هو قال إنه يرفض الإعلام التقليدي، ويريد التعامل مع الناس مباشرة.

حسنا، ولكن التقلبات كثيرة، فأحيانا يتفق مع شخص، ثم يهينه، وقد انتقد الناتو، والأوروبيين ، ووصف رئيس وزراء كندا بالكاذب، فمن الممكن أن تختلف فى الدبلوماسية، ولكن لماذا المواجهة بهذه الطريقة؟

الأمريكى «القبيح»

كيف أثر أداء ترامب على صورة أمريكا فى الخارج فى رأيك؟

القوة الناعمة الأمريكية تراجعت كثيرا فى عهد ترامب، وخلال الخمسينيات صدرت قصة فى أثناء حرب فيتنام اسمها «الأمريكى القبيح» The Ugly American، وكان زملاؤنا الأمريكان يضعون علما كنديا على حقائبهم لأنهم كانوا يتعرضون للشتيمة فى أوروبا، والآن، هذه الظاهرة عادت من جديد فى أوروبا بالنسبة للشباب الأمريكى بسبب ترامب وسياساته، باستثناء بعض المتعصبين المتفقين معه فى قضية الهجرة تحديدا.

ولكن بم تفسر ارتفاع شعبيته فى الداخل الأمريكى حتى الآن، وتحقيقه إنجازات اقتصادية كبيرة؟

أنت محق 100%، فالاقتصاد يسير بشكل جيد، وبالأرقام، ولكن بعض مؤيدى أوباما يقولون إن الإصلاح بدأ قبل وصول ترامب، وأن ترامب يجنى نتائجه، لأن الإصلاح يأخذ وقتا، ولكن لا ننسى أن لترامب قاعدة تأييد من طائفة كبيرة Cult من المتعصبين فى تأييده، وهم معه على طول الخط، ظالما أو مظلوما، وهم مثله لا يريدون مهاجرين، ولا ناتو، وهو يطبق برنامجهم فعليا، وهؤلاء تحديدا هم اليهود البيض الفقراء الذين يتركزون فى الغرب الأوسط، أو «الصعيد» الأمريكي، فهم مثل الكاوبويز قديما، ممن يشعرون الآن بأن الأقليات من المهاجرين والسود نالوا حقوقا كثيرة، بما فيها وصول أحدهم إلى البيت الأبيض لمدة ثمانى سنوات، وهو أوباما، وهناك أيضا المسيحيون الأورثوذوكس، فهذه هى الأرضية الصلبة لترامب التى لا تقرأ واشنطن بوست أو نيويورك تايمز، ولا تشاهد سى إن إن، وعلى الجانب الآخر، فإن بعض المؤسسات البيروقراطية ضد ترامب، مثل الخارجية والسى آى إيه وإف بى آي.

انقسام غير مسبوق

إذن، فى ضوء هذا المشهد، كيف ترى فرص ترامب والجمهوريين فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الشهر المقبل؟

التوقعات صعبة، لأن الأمر يعتمد على عدد المصوتين، فقدرة الجمهوريين والديمقراطيين على الحشد هى التى ستحدد كيف ستسير الانتخابات، هل سيحتفظ الجمهوريون بأغلبيتهم الضئيلة التى تؤهلهم لتمرير العديد من القرارات مثل تعيين كافانو فى المحكمة العليا، أم لا، والجمهوريون يهمهم نجاح الحزب أيضا، لكن لو جاء التصويت ضد الحزب الجمهوري، ستحدث أزمة كبيرة بين الحزب وترامب نفسه، وهم الآن قلقون بالفعل.

جرت أكثر من محاولة لجر ترامب إلى المساءلة القضائية، هل تتوقع أن يكمل فترة رئاسته؟

العامل الحاسم سيكون نتيجة الانتخابات المقبلة، فلعزل الرئيس يجب موافقة الكونجرس، ولدينا الآن أغلبية جمهورية، لو تغيرت هذه الأغلبية إلى ديمقراطية، سيحدث ذلك، وأذكر أننى فى يناير الماضى كنت فى الشمال الأمريكي، ولفت نظرى تصريحا لترامب قال فيه «لو تم عزلى ترقبوا النتائج الاقتصادية التى ستحدث»، يقصد أن الاقتصاد الأمريكى سيتدهور، والاقتصاد العالمى أيضا، وهذا معناه أنه يشعر بخطر معين، ولذلك أرى أن نتيجة هذه الانتخابات ستكون مصيرية ليس له فقط، ولكن للعالم كله.

هذا معناه أن كل الملفات الخاصة بالسياسة الخارجية ستتأثر أو ستتغير؟

نتائج الفوضى التى يثيرها ستظهر لاحقا، وسبق أن هدد الإيرانيين بالفعل، والآن يستخدم معهم العصا بدون الجزرة، وقبل فترة أطلق تهديدات بشأن أسعار البترول.

ليس هذا فحسب، ولكنه هدد بنزول أنصاره للشارع، وهو ما دفعكم فى حوار سابق لـ»الأهرام» لتوقع نشوب حرب أهلية أمريكية؟

نعم، والعام الماضى حدث فى فيرجينيا صدام بين البيض الأرثوذوكس وبعض الجماعات الأخرى، ولقيت امرأة مصرعها، ونحن نسمع عن صدامات فى الداخل الأمريكي، ولكن لم يسبق لنا رؤية المجتمع الأمريكى منقسما أكثر من الآن، والسبب ترامب، وأعرف أمريكيين يشعرون بأن هذا ليس مجتمعهم، ويقولون إن الخلافات والمناقشات دائما موجودة، وهى من عوامل قوة المجتمع الأمريكي، ولكن الانقسام الحاد بهذه الصورة وكما حدث فى فيرجينيا، أمر جديد تماما، ولا ننسى هنا أن ترامب لا يريد فرض قيود على حمل الأسلحة الشخصية، ومع تزايد العنف فى المجتمع، سيتسبب ذلك فى مزيد من الانقسام، فضلا عن أنه كرئيس لا يستخدم لغة هادئة توحد الناس.

العلاقات مع مصر

ولكن، فى عهد ترامب، تشهد علاقات مصر الخارجية مع الولايات المتحدة أياما جيدة، فما تفسيرك؟

أولا، من ضمن النواحى الخلافية أثناء حكم أوباما كان الكلام عن موضوع مهم للأمريكيين وهو الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهم لديهم توجه وتعريف معين، وترامب ومجموعته لا يؤمنون بهذا الكلام، ولهذا، عاد بالعلاقات بين البلدين إلى أساسياتها، وهى المساعدات العسكرية، ومن الممكن أن يحدث نقاش أمريكى عن حجم المساعدات الاقتصادية لمصر، ويتدخل الكونجرس لمنعها، ولكن العلاقات الخارجية لا تمس، ولهذا عندما تحدث الرئيس عن شراكة استراتيجية فهذا حقيقي، لأن المساعدات العسكرية تضمن مرور السفن الأمريكية فى قناة السويس، وثانيا، يوجد توافق بين البلدين فى محاربة إرهاب داعش والمجموعات الإسلامية الأخرى، وهناك توجه لديهم أيضا مناويء للإسلام السياسي، كما يوجد تبادل معلومات وخبرات بين البلدين، وأخيرا، وهذا هو الأهم، أنه لا توجد لدى مصر الآن خلافات كبيرة مع إسرائيل التى ظلت دائما حجر عثرة فى العلاقات المصرية الأمريكية، فترامب موال لإسرائيل بنسبة 100%، ومصر ليست فى مواجهة حاليا مع إسرائيل، ولكن، أكرر، أرجو أن نكون حذرين من ترامب، لأنه لا يمكنه التنبؤ بما يقوم به، مثلما فعل مع السعودية بعد صفقات بـ400 مليار دولار، كما أن ترامب اليوم موجود، وغدا قد لا يكون موجودا، لذا، يجب أن نعمل مع كل المؤسسات الأمريكية : الكونجرس والخارجية والبنتاجون، لأن هناك ملفات قد يتم فتحها فى أى وقت، مثل قضية حقوق الإنسان التى تثيرها الصحف الأمريكية باستمرار.

هل مستقبل أمريكا أفضل مع ترامب وفى إكمال مدته، أم فى ملاحقة قضائية، وما هو الأفضل أيضا لمصر والشرق الأوسط؟

مع مصر، ليست لدينا مشكلات مباشرة لو استمر ترامب بهذا المنوال، وأنا كأستاذ متخصص فى العلاقات الدولية، أقول إن إحدى النظريات القوية تقول إن النظام الدولى الآن أصبح «أناركيا»، أو فوضويا، ومن خلال كلامى مع زملائى الأمريكيين، أرى هناك ثلاثة احتمالات : إما استمرارية ترامب وحصول الجمهوريين على الأغلبية فى الكونجرس، وفى هذه الحالة ربما يستمر بعد سنة 2020، وبهذا يفوز بتصديق على كل سياساته، والاحتمال الثانى اغتيال ترامب، وهذا يثار بالفعل، وقد حدث ذلك مع كينيدى وريجان، أما الاحتمال الثالث فهو عزل الرئيس لأسباب مختلفة، وأنا شخصيا أستبعد الاغتيال، وأرى أنه سيحول ترامب إلى بطل، وأرى أيضا أن استمراره سيكون كارثة للعالم، وللشرق الأوسط، وستكون التصادمات على كل المستويات، وستكون هناك فوضى فى العلاقات الدولية طوال الوقت.

هل يوجد احتمال لصراع مسلح مع إيران، أو مع روسيا فى سوريا؟

لا، ترامب ليست لديه رغبة فى الصدام العسكرى ولا أعتقد أنه يريد دخول مواجهة عسكرية مع روسيا، ربما إلا إذا تم الضغط عليه أو غرر به من جانب إسرائيل، كما حدث فى حرب العراق، وجزء كبير ممن ينسج سياسة أمريكا فى الشرق الأوسط هو اليمين الإسرائيلى فى أمريكا، وأنا شخصيا أفضل عزله، بأن يحصل الديمقراطيون على الأغلبية فى انتخابات الكونجرس، وبعدها، ستكون هناك قرارات ومناقشات لعزل الرئيس، وهزيمة لبعض التوجهات السياسة التى يمثلها ترامب ومستشاروه، وتعود القوة للمؤسسات التى تجاهلها واعتمد على من يدينون بالولاء له، ونحن لا نريد لهذا الشكل أن يحدث فى أمريكا، قمة العالم، وأؤكد أن كثيرا من الأمريكيين المستنيرين يفضلون هذا الاحتمال، لكى يظهر النظام الأمريكى وكأنه أنقذ نفسه وأعاد مصداقيته، وبالفعل، يوجد ميل أمريكى لهذا التوجه، مثلما حدث مع كلينتون، ومع نيكسون، وهناك أمريكى قال لى تعبيرا لطيفا : «ترامب يقول أمريكا أولا، وبناء عليه فصل أطفال المهاجرين عن ذويهم، ولكن بالنسبة للأمريكيين هذه السياسة تصدمهم، ويفضلون أن يكون الشعار : القيم الأمريكية أولا، قيم الحرية والعدالة، النخبة الأمريكية مثل الحرية الشخصية والعدالة، والنخب ترى أن ما يمثله ترامب من معتقدات وأهواء يجب ألا يستمر ويكون هو صورة أمريكا أمام العالم.

أخيرا، تعليقك على زيارة ميلانيا للقاهرة، وانتقادها المبطن لتغريدات زوجها؟

ميلانيا، أستشعر بأنها غير سعيدة من تصرفات ترامب، وبخاصة ما قيل ويقال عن فضائحه النسائية، وأعتقد بأنه لولا أنه رئيس، لكانت قد انفصلت عنه!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 2
    ابو العز
    2018/10/18 07:34
    0-
    0+

    السياسة الواضحة لأميركا ...
    دعم سياسي وعسكري مطلق لأسرائيل وكانها الولاية 51 , وتعامل مع العرب في ظل هذه السياسة التي تضمن بقاء اسرائيل وضمان حدودها التي اصبحت ولكل ناظر للخرائط الأسرائلية تفترش دولتها كل فلسطين ومن البحر الى النهر وعلى مدى عقود خاصة بعد كامب ديفيد العتيد ؟! .
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 1
    يوسف ألدجاني
    2018/10/18 00:50
    0-
    0+

    ألحقيقة هي أن ألسياسه ألأمريكية .........
    من ألبيت ألأبيض ..... ألي ألكونجرس ألأمريكي ...... في كل ألعصور ألماضية وألاحقة ..... لن يكونوا أصدقاء أوفياء للأمه ألعربية ..... ما دامت أسرائيل وأللوبي أليهودي مسيطر على ألعقل ألأمريكي ..... هناك فقط طريق واحد للصداقه ألعربية ألأمريكية أن تتحقق ( حبن ) تحقيق ألسلام ألفلسطيني ــ ألأسرائيلي ...... وألعربي ــ ألأسرائيلي ...... هناك ألحق ألفلسطيني في أرضه .... وهناك ألحق ألسوري في أرضه ..... وألعداء ألأسرائيلي أللبناني ..... وكل هذه ألقضايا ألمصيريه ( هي ) مسمار جحا ألأسرائيلي لخلق مشاكل وحروب ( تتدخل بها ألقوات ألأمريكية ) لحماية حليفتها أسرائيل ..... وأمن أسرائيل من أمن أمريكا وهي عقيدة راسخه في ألبيت ألأبيض وألكونجرس ...... ولن يكون ( أمان ) لأمريكا ( ألا ) بألسلام ألشامل مع أسرائيل ..... فكيف نحقق هذا ألأمر ؟ أنه تنبيه جاء في وقته ........
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق