ماذا يعنى غياب الوعي؟
غياب وعي، يعنى علاجا خاطئا لتشخيص خاطئ، وأسود يوم فى تاريخ مصر، ومع ذلك نطلق عليه ثورة، ونمجده فى الدستور!
غياب وعى يعنى تدمير بلاد، وترويع عباد، و"مرمطة" اقتصاد، وتطفيش سائحين ومستثمرين، وانهيار أخلاق، وإعلاء بلطجة وديكتاتورية شارع وتنمر نخب، ومع ذلك، نقول عنه ربيعا وتغييرا!
غياب وعى يعنى 6 دول فى الإقليم تتعرض للدمار أو الانهيار أو التقسيم من حولك، و3 دول أخرى بتشاور عقلها، ومع ذلك لا توجد مؤامرة.
غياب وعى يعنى إزاحة تنظيم إرهابى من الحكم لا يؤمن بالديمقراطية ولا بالدولة وبالوطن، ومع ذلك «انقلاب وثورة مضادة».
غياب وعى يعنى حربا شرسة تدار ضد مصر من داخلها وخارجها، ومع ذلك «بلاش فزاعات».
غياب وعى يعنى صفقات سلاح وعتادا وتقوية جيش لتأمين حدود وحماية موارد، ومع ذلك «لا لعسكرة الدولة»!
غياب وعى يعنى حزما وحسما فى مواجهة العملاء والخونة والمحرضين، وإعادة بناء جهاز شرطة تم تدميره بفعل فاعل، ومع ذلك «دولة قمعية ونظام بوليسي».
غياب وعى يعنى شهداء يسقطون هنا وهناك ويفقدون أعينهم وأيديهم وأرجلهم وترمل نساؤهم وتيتم أطفالهم دفاعا عنى وعنك، ومع ذلك «الجيش والشرطة واكلينها والعة».
غياب وعى يعنى قناة سويس جديدة وعاصمة تليق بمصر لزيادة موارد الدولة، ومع ذلك «إهدار أموال وفشخرة».
غياب وعى يعنى استثمارات هائلة ومشروعات عملاقة وبنى تحتية وطرقا وأنفاقا وجسورا ومحطات مياه وكهرباء وصرفا ومفاعل انوويا وتطوير عشوائيات، ومع ذلك «فنكوش، وبروباجاندا».
غياب وعى يعنى شهادات رائعة من مؤسسات مالية دولية مرموقة عن أداء الاقتصاد، ومع ذلك «مش شايفين حاجة، ومش حاسين بحاجة».
غياب وعى يعنى اكتشافات غاز وبترول وثروات جديدة تطمئننا على مستقبل أبنائنا وأحفادنا، ومع ذلك «المهم هانقبض كام»!
غياب وعى يعنى القضاء على مساخر الدعم، ومع ذلك .. الأسعار، والغلابة!
غياب وعى يعنى قوانين ضريبية لجمع حق الدولة المنهوبة منذ عشرات السنين من شعب لا يعمل ولا ينتج، ومع ذلك «حكومة جباية».
غياب وعى يعنى الاحتياطى النقدى يرتفع إلى نحو 50 مليار دولار بعد أن كان «تلاتة جنيه وربع»، ومع ذلك «يا عم كلها قروض ومنح».
غياب وعى يعنى تطوير تعليم فاسد فاشل متهالك، وضربة قاضية لمافيا الدروس الخصوصية ولمناهج الحفظ والصم، ومع ذلك «الوزير خربها»!
غياب وعى يعنى ثورة صحية حقيقية فى مصر، وإنشاء مستشفيات جديدة، وتطوير أخرى، وفتح مستشفيات عسكرية للمدنيين، وحربا ناجحة ضد فيروس سي، وحملة لإنهاء قوائم انتظار المرضي، وعيادات الأطباء بفواتير، ومع ذلك «الدولة بتموتنا».
غياب وعى يعنى ترسيم حدود دولة، وتأمين ثرواتها، ومع ذلك «باعوا الأرض».
غياب وعى يعنى مجموعة مجرمين، يشتمون بأجر، ويخربون بمقابل، ولا يحترمون صغيرا ولا كبيرا، ومع ذلك «جمهور كورة وأبطال وولاد ناس، وبرافو عليهم».
غياب وعى يعنى إسرائيل تتذكر كل عام «خيبتها القوية» فى أكتوبر 73، وحضرتك ما زلت تتحدث عن الثغرة والشاذلى والنصر «الناقص»، ولا مؤاخذة!
غياب وعى يعنى مصريين وطنيين يتبرعون بالغالى والنفيس، ومع ذلك يقال عنها «تمثيليات».
غياب وعى يعنى كل مسئول شيطان، وكل قرار مرفوض، وكل إنجاز «شو»، وكل كلمة طيبة تطبيل، وكل شتيمة رجولة وشجاعة.
غياب وعى يعنى إدمانا للفوضى والفساد والتنبلة والسبهللة، وأى محاولة للاقتراب من هذه الفوضى اعتداء على الشعب!
وفى مسألة غياب الوعي، لم يكن الرئيس يتحدث عن إرهابيين أو أعداء للدولة، ولكنه كان يتحدث عنك وعني، عن مواطنين عاديين، نظروا تحت أقدامهم، ورضوا بأن يسيروا كالسذج فى ركب أعداء الدولة، يرددون ما يقولونه، ويؤمنون بصدق ما يملى عليهم على السوشيال ميديا، حتى وإن كانت أكاذيب تم نفيها 30 مرة، بل ويتصرفون ويقررون بناء على قناعاتهم المغيبة تلك، تماما مثلما نزلوا فى يناير 2011 لتصوير الثورة بالموبايلات، وبعدها لطموا الخدود! تحدث السيسى عن غياب الوعى لأنه كان - ولا يزال - نقطة ضعف واضحة فى ظهيره الشعبى، بدليل أن حديثه عن العمل والفهم والصبر لم يعجب البعض، وكأنه عيب، و»ما يصحش»، ومع إنى أرى أن مصطلح «غياب الوعى» الذى استخدمه الرئيس كان مهذبا ومخففا جدا لوصف هذه الحالة العقلية الجمعية الفريدة فى تاريخ الأمم والشعوب، بل وفى تاريخ مصر نفسها، بدليل أن صفحات تاريخنا وشعبنا قديما، وعلى الأخص فى أيام أكتوبر 73، وما قبلها وما بعدها، بالمقارنة بيناير وما بعده، وحتى آكتوبر الحالي، تبدو لنا الآن وكأنها تتحدث عن شعب آخر!
لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل رابط دائم: