على الرغم من أن قضية جمال وعلاء نجلى الرئيس الأسبق حسنى مبارك ما زالت منظورة أمام القضاء المصرى، لم تتردد وسائل إعلام أجنبية تستقى معلوماتها وتحليلاتها من أبواق جماعة الإخوان والعناصر المعادية للدولة المصرية فى الداخل والخارج فى تسييس هذه القضية، واستغلالها أيضا كفرصة لتشويه صورة القضاء فى مصر، وإظهاره وكأنه يصدر أحكاما بناء على تعليمات وتوجهات.
فقد تعمدت وكالتا «رويترز» و«أسوشيتدبرس»، فضلا عن شبكة «سى.إن.إن» استغلال تطورات قضية جمال وعلاء وإطلاق سراحهما فى قضية التلاعب بالبورصة فى توصيل هذه الرسائل المشوشة، عندما زعمت فى تقارير متتالية بأنه تم ضبط نجلى مبارك عقابا لهما على محاولتهما العودة مجدا للمشهد العام، وأنه لم يتم إطلاق سراحهما لاحقا إلا بعد تدخلهما لإلحاق خسائر فادحة بتعاملات البورصة المصرية، على الرغم من حقيقة أن خسائر البورصة فى الفترة الماضية كانت مرتبطة فى معظمها بالمصاعب التى تشهدها الأسواق المالية الناشئة بسبب الأزمة التركية تحديدا وتداعياتها على دول المنطقة. وذكرت «رويترز» فى تقرير بثته يوم 20 سبتمبر 2018 بعنوان «محكمة مصرية تفرج عن نجلى مبارك بكفالة فى قضية التلاعب بالبورصة» أن «القبض عليهما كان أحد الأسباب التى أدت إلى تراجع شديد لقيمة الأسهم فى البورصة المصرية».
وفى اليوم نفسه، بثت أسوشيتدبرس تقريرا عن الموضوع ذاته تحدثت فيه عن ملابسات القضية وتفاصيلها، وقالت فيه إن «الأخوين مبارك يظهران فى الأماكن العامة من حين لآخر، ويتم الترحيب بهما نسبيا من الجهور، ويبدو أن هذا الظهور أغضب بعض الأنصار الأقوياء للرئيس السيسي»، وهو تحليل أو تقييم أو استنتاج لا يستند إلى أى معلومات أو تصريحات أو وثائق أو إحصائيات. أما سى إن إن فذكرت فى تقرير بثته يوم 21 سبتمبر 2018 بعنوان «علاء مبارك يغرد بآية قرآنية فى أول تعليق بعد إخلاء سبيله .. ما رد فعل متابعيه»؟ اهتمت فيه بنشر تعليقات مستخدمى تويتر، مشيرة إلى أن معظمها تضمن إساءات للقيادة السياسية الحالية، فى إطار رد فعلها على قرار الإفراج عن علاء وجمال، وهو أمر غير طبيعى اللجوء إلى قياس الرأى العام من خلال تعليقات مستخدمى تويتر على صفحة أو حساب دون غيره.
ولم يكن غريبا أن تتزامن هذه التقارير مع توجه مماثل فى منصات الإخوان الإعلامية التى حاولت تسيير مجريات القضية وفقا لأهوائها، كما تزامنت أيضا مع تكثيف الحملة التى تنتقد الدولة المصرية، إما بسبب أحكامها القضائية، أو بسبب الأداء الاقتصادى، وذلك للتشكيك فى نزاهة واستقلال القضاء المصرى من جانب، وللتشكيك فى جدوى الإصلاحات الاقتصادية من جانب آخر، وهو رد الفعل الطبيعى من وسائل الإعلام الأجنبية على توالى صدور أحكام رادعة ضد متهمى قضايا الإرهاب، وأيضا على تحسن المؤشرات الاقتصادية الذى شهدت به المؤسسات الاقتصادية العالمية مثل صندوق النقد الدولي.
ومن بين الأمثلة البسيطة على هذين الاتجاهين، ما بثته أسوشيتدبرس بتاريخ 18 سبتمبر 2018 بعنوان «منظمة العفو الدولية تصف مصر بالسجن المفتوح لمنتقدى النظام»، زعمت فيه على لسان نجية بونعيم من المنظمة الدولية التى تدافع عن متهمى الإرهاب أن المصريين الذين يعيشون فى عهد الحكومة الحالية يعاملون على أنهم مجرمون لمجرد تعبيرهم السلمى عن وجهات نظرهم»، ولا ندرى من أين جاءت بونعيم بالتحديد بهذا الحكم القاطع الغريب.
والمثال الثانى ما بثته فى رويترز بتاريخ 17 سبتمبر 2018 بعنوان «مصر تلغى مزايدة على سندات الخزانة بسبب ضعف الإقبال من المستثمرين»، حول إلغاء مصر لمزايدة على سندات الخزانة، وهو الإجراء الثالث من نوعه الذى تتخذه خلال عدة أسابيع، بسبب ضعف إقبال المستثمرين على شراء أصول وإصدارات الأسواق الناشئة، ومن بينها مصر.
وما زال الإعلام الأجنبى يحاول البحث عن أى «ثغرة» على الساحة المصرية لاستغلالها والنفاذ منها بهدف الوصول إلى الترويج لفكرة الدولة القمعية الفاشلة التى لا يجب الوثوق بها ولا فى قيادتها ولا اقتصادها ولا قضائها، ولكن المشكلة أن هذه الإعلام يفضح نفسه بسذاجة عندما نجد تقاريره تسير دائما وفقا لما تقوله المنصات الإعلامية لجماعات الإرهاب الدولى وأعداء الدولة المصرية، ممن تخطت معارضتهم حدود الانتقاد بكثير.
رابط دائم: