رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تطوير التعليم مرتبط بوجود هذه المعايير!

احتلال مصر المرتبة الأخيرة فى جودة التعليم، لم يأت من فراغ، ولكنه جاء نتيجة سنوات كثيرة، تم فيها القضاء على قيم و أساسيات العملية التعليمية برعونة و استهتار مفزعين.

نعم كانت حجة هذا التردى الزيادة السكانية، التى كانت تأكل أى مظهر للنمو، هكذا كانوا يرددون، ومن ثم يزداد السكان دون أن يجدوا زيادة مقابلة فى الأصول التعليمية من مدارس تستوعب عددا لائقا من التلاميذ، وسنة تلو الأخرى أصبحت كثافة الفصل فى بعض المدارس 120 تلميذا، بخلاف وجود مدارس بها أكثر من فترة! لذلك الحديث عن تطوير التعليم، لما يمثله من أهمية عظيمة لدى كل الأسر المصرية، دائما يجد الاهتمام المناسب منهم، كما سيظل الحديث عنه، هو شاغلهم الأكبر.

ولكن قبل استكمال الحديث عن جدوى التطوير، لابد من الإشارة لبعض الموروثات التى أصبحت عرفا لدى المصريين، و بالتبعية محاولة تغييرها، قد يقابل بدرجة واضحة من المقاومة.

أولها، فُرغت المدرسة من مضمونها تماما، وتحولت لمكان يذهب إليه التلميذ للسمر فقط، وبدأت الأسر فى البحث عن إطار آخر لتلقين أبنائهم المحتوى الدراسى، فكان الحل فى الدروس الخصوصية، ومراكزها، التى أجادت فن التعامل مع التلاميذ، من خلال مناهج تحض على الصم.

ثانيا، مع انحدار جودة التعليم، و التيقن من أن المحصلة معنية بالحصول على الشهادة التعليمية، ولوجاً لدخول الجامعة، ومع اكتساب الناس خبرات التعامل مع هذه الحالة، أضحت المدرسة فراغا لا طائل من الذهاب إليها!

إلا فئة محدودة من المدارس ذات المصاريف الباهظة، التى تولى التعليم اهتماما واضحا، وتتعامل مع منظومته بحرفية عالية، وهذه الفئة من المدارس، لا يستطيع دخولها إلا عدد محدود جدا، مقارنة بمجموع الناس.

ثالثا، كانت هناك آليات للتعامل مع المنظومة التعليمية، حتى أضحى سلوكا شائعا، كان يركز على أن الأهم هو حصول الطالب على درجة كبيرة فى الثانوية العامة، وذلك يستلزم توفير السبل اللازمة للفوز بها، وكان أهمها تيسير الغش، وصل فى بعض الأحيان إلى المجاهرة به، دون وازع أو ضابط، وكانت هناك لجان مشهورة بتلك الوقائع أطلقوا عليها لجان أبناء الكبار!

رابعا، اختفت تماما قيم التربية من المدارس، وأمست قيما بالية، بعد أن تحول غالبية المدرسين من مربين، لأناس آخرين، مهووسين بجمع الأموال، من خلال إعطاء الدروس الخصوصية، مسوقين لمبرر أن أجورهم قليلة، و يحتاجون لزيادتها لمواجهة أعباء الحياة، فتحول المدرس من معلم ومرب إلى أجير يعمل عند الطالب، فانهارت القيم و المعايير!

لذلك حديث التطوير كان مزلزلاً ، لأنه ضرب نظاما باليا فى مقتل، ووجه بمقاومة عنيفة خاصة من أصحاب المصالح، مثل مدرسى الدروس الخصوصية، وأيضا بعض الناس الذين رتبوا أنفسهم على معيار مختلف لطريقة التعليم، أما السبب الأهم، أن كل جديد دائما يخشاه الناس، فهم لم يألفوا كيفية التعامل معه!

ولكن هل التطوير، هو المنهج الجديد الذى يعمل على بناء الفكر و الشخصية؟

الإجابة لا، لأنه مع قناعتى التامة بالمشروع الجديد للتعليم، الذى يؤسس لبناء جيل مختلف من أبناء مصر، بعد عقد ونيف من السنوات سيكونون نواة البناء لمستقبل رائع، إلا أنه سيظل منقوصا ما لم يأخذ فى اعتباره معالجة سوءات أركان العملية التعليمية على مر العقود السابقة.

فلابد من الاعتراف و بوضوح أن هناك تباينا واضحا جدا، فى حالة المدارس الموجودة فى الحضر، عن الموجودة فى الأماكن المترامية الأطراف البعيدة عن المناطق المركزية، ولا أبالغ حينما أقول إن هناك مدارس فى العاصمة أيضا كثافة فصولها كبيرة للغاية، مثل التى فى أماكن متطرفة، ومصابة بعيوب من شاكلة، عدم وجود مقاعد محترمة تليق بالتلاميذ، أضف إلى ذلك عدم وجود مراحيض تليق بآدمية الأبناء.

أما الكارثة تكمن فى وجود فصول زجاج نوافذها «مكسورة» ونحن على مشارف فصل الشتاء!

كيف يستقيم الحال، وهناك عدم عدالة فى تقديم الخدمة التعليمية للدارسين بنفس الجودة فى كل المدارس! ماذا سيفعل المنهج المتميز لطالب قد لا يجد مكاناً فى فصله نظرا لزيادة الكثافة! وقد تعانى مدرسته سوءات ذُكرت سالفا، وهناك طالب آخر، الوضع مختلف تماما بالنسبة له، هو فى مدرسة صالحة تماماً لتقديم الخدمة التعليمية، مع أن ذلك هو المفروض وجوده فى كل المدارس!

وكذلك الحال بالنسبة للتابلت، الذى لا توجد بنية تحتية فى جميع المدارس تدعم استخدامه! وإذا كان محتوى التابلت متوافرا من خلال الكتب الدراسية، فمؤقتا قد تُعوض الطالب الذى لا يستطيع استخدامه لأسباب خارجة عن إرادته و إرادة وزارة التربية والتعليم. فسنلاحظ أيضا أن هناك عدم مساواة بين جميع الطلبة، لأن هناك من تدرب على استخدامه، بحكم أن امتحان تقييم المرحلة سيكون من خلاله، وآخر يفتقد تلك الميزة، وفى النهاية أيضا سيكون امتحانه من خلال التابلت!

وفى الأخير، نكتشف أن تطوير المنظومة التعليمية، مرتبط كليا، بوجود بنية أساسية جيدة، وهو ما نفتقده حاليا لأسباب لا علاقة لها بالحكومة الحالية، الملزمة بتطوير تلك البنية بالشكل اللائق لصلاح العملية التعليمية، التى سيظل تطويرها منقوصا، بقدر خلل بنيتها!

[email protected]

[email protected]
لمزيد من مقالات ◀ عمـاد رحـيم

رابط دائم: