بين حين وآخر تتسرب إلينا أخبار عن حقب زمنية قديمة، تصل إلى أكثر من 70 عاماً، وقت أن كانت مصر مملكة، تروج للملك ولفترة حكمه، ثم يخرج علينا من يكذبها، وهكذا الحال فى فترات أخرى من تاريخ مصر، من أول رئيس لها «محمد نجيب» وحتى يومنا هذا.
ولكل منا رأيه الذى بناه على معطيات قد تكون سماعية، أو من خلال وقائع فعلية، لكن تظل هناك ثوابت لا جدال فيها، منها أنه يُحسب لعبد الناصر بناء السد العالى كإنجاز لا غبار عليه، ولا يمكن إنكاره، وللسادات نصر أكتوبر المجيد، ولمبارك، محاولة استعادة مكانة مصر العربية، بعد القطيعة التى قررها الأشقاء بعد معاهدة كامب ديفيد، ولمرسى تمكين الأهل و العشيرة من الامساك بزمام الأمور، وبعضنا يتذكرجملته الشهيرة الحفاظ على أرواح الخاطفين والمخطوفين! ويحسب لعدلى منصور، البدء فى إصلاح ما أفسده سابقه.
فماذا سيقول التاريخ عن الرئيس السيسى؟
إجابة هذا السؤال ليست بسيطة، بل هى معقدة، وتأتى تلك التعقيدات من مجمل الأعمال المتشابكة والمتلاحقة، المستمرة ليل نهار، ولا أعرف من أين أبدأ هل من الجانب الإنسانى فى شخصه، عندما قرر الإفراج عن جميع الغارمات، وهن بضعة آلاف من السيدات البسيطات، لم يستطعن دفع بعض ما عليهن من أقساط متأخرة، فتم دفعها. أم قراره الخاص بإجراء الجراحات العاجلة والقضاء على قوائم الانتظار، وصلت حتى الآن 17437 حالة، مع تحمل الدولة كامل النفقات، وفى هذا الصدد، الروايات التى يمكن أن تُحكى عن هذه الحالات تحتاج لمجلدات لاستيعابها.
أُناس بسطاء، لا يملكون ما يستطيعون به علاج أمراضهم، رغم تأخر حالتهم الصحية، التى تحتاج لنفقات باهظة، فكان أملهم الوحيد انتظار دورهم فى العلاج، الذى قد يأتى وقد حان أجلهم، وفى لحظة تتغير الأحوال، وتهب الدولة عن بكرة أبيها لتحتويهم، وتنهى آلامهم، وتحقق أحلامهم فى الشفاء.
أم ننتقل إلى الجانب العملى، لنشاهد آلاف المشروعات التى تعيد بناء مصر من جديد، على كل الأصعدة، عاصمة جديدة، يتم تنفيذها وفق أحدث ما توصل إليه العلم، لتكون بمنزلة قلب جديد لمصر مفعم النشاط و الحيوية، بها ستكون مصر أحد أهم مراكز الاستثمار فى المنطقة.
وعلى التوازى تم تنفيذ طرق جديدة بإجمالى 4700 كيلو، ورفع كفاءة 2350 كيلو، كما تم تنفيذ 6 محاور على النيل، من شمال مصر لجنوبها، ومن غربها لشرقها، ليكون الأمر أشبه بعملية جراحية، تم فيها تغيير الشرايين القديمة واستبدالها بأخرى تستوعب الكتل البشرية لعقود قادمة، فالآن السفر باتت له متعة خاصة، ومع دخول العاصمة الإدارية الجديدة الخدمة، سيخف الضغط على القاهرة، ومن ثم تستعيد حيويتها مرة أخرى.
أما ملف العشوائيات فحدث عنه بكل فخر، حيث تقرر القضاء على 351 منطقة عشوائية فى جميع أنحاء مصر من منطقة الترابين بنويبع، مرورا بمنطقة الكاكولا بالاسماعيلية، وتل العقارب بالقاهرة، وغيط العنب بالاسكندرية، ونجع بكار بسوهاج، والصحابى بأسوان، ليكون عام 2018 عام القضاء على العشوائيات فى مصر بتكلفة تجاوز الـ 21 مليار جنيه.
هذا جنباً إلى جنب مع ما حدث فى مجال الإسكان فقد تم تنفيذ 915 مشروعاً لكل طبقات المجتمع، تم خلالها الانتهاء من تنفيذ 377 ألف وحدة سكنية.
هل تتذكرون ما حدث فى قطاع الكهرباء؟، وما كان يحدث من انقطاعات للتيار الكهربائى، كانت تصل أحيانا لعشر ساعات يوميا. الآن، وصلت قدرة إنتاج الشبكة الكهربائية لمصر لـ 52000 ميجا وات، محققة وفرة غير مسبوقة، على مدى تاريخها بالكامل.
والكثير من الإنجازات فى مجال الزراعة، بعد إطلاق مشروع المليون و نصف المليون فدان، وطريق الضبعة شاهد حى على جزء كبير منها، وفى البتروكيماويات، استطاعت مصر من خلال تنميتها لهذا القطاع، أن تكون مركزاً إقليميا لإنتاج الغاز.
مئات المشروعات تم إنجازها فى العديد من القطاعات، تخطت تكلفتها 3.45 تريليون جنيه. تزدهر وتتلالأ بها مصر فى كل ربوعها، لم تميز تلك الإنجازات بين الفقير والغنى، ولا بين الجنوبى أو الشمالى، كان الهدف مصر بكل أبنائها.
ولم يكن الهدف اللعب على وتر الشعبية، فبعض من قرارات الرئيس كانت جريئة و لم يستطع رئيس من قبله اتخاذها، مثل قرارات الرفع النسبى لمنظومة الدعم التى كانت تستنزف جزءا كبيرا من موارد الدولة وأغلبها لا يصل للمستحقين، أو قرار تعويم الجنيه، الذى عالج تشوها مؤلما لعملتنا المحلية، بسبب كوارث اقتصادية سابقة، كان أثره صعبا على شريحة كبيرة من الناس، ولكنه كان دواءً مراً لابد منه.
اليوم تشهد مصر طفرة ونقلة نوعية فى مجالى التعليم و الصحة، ليواكب الاستثمار فى الحجر الاستثمار فى البشر، يسيران متوازيين، فالمخطط فى المجالين، إذا تم تنفيذه كما هو مرسوم له، سيكون له أثر عظيم فى تغيير نوعى متميز لإيجاد جيل متمكن واع يستطيع قيادة وطنه صوب تحقيق نهضة حقيقية.
لا أعرف ما سيذكره التاريخ حرفيا بعد عدة عقود عن تلك الفترة، وقتها سيكون معظم جيلى فى دار الحق، ولكن المؤكد أن التاريخ سيذكر أن هذه السنوات، كانت البداية الحقيقية لبناء مصر، وقتها ستكون «أدلة» البناء راسخة ضاربة بجذورها فى أعماق الأرض، شامخة برءوسها فى عنان السماء.
[email protected]لمزيد من مقالات ◀ عماد رحيم رابط دائم: