>> الصراحة راحة.. كما يقول المثل المصرى!.
طالما الأمر كذلك.. عندى تساؤل لم يجد إجابة شافية قاطعة يومًا: هل يمكن لنا.. أن نلعب كرة قدم مثل التى يلعبونها فى الدورى الإنجليزى والإيطالى والإسبانى والألمانى وغيرها؟
بكل تأكيد نعم نقدر!. ليه؟.
لأن مصر تنتج الخامة الأساسية.. التى لا بديل لها.. فى صناعة كرة القدم!.
مصر.. أرضها تنجب المواهب الكروية المصنفة فرز أول.. ودون هذه المواهب استحالة الوصول إلى المستويات المبهرة التى نشاهدها!.
هنا يظهر السؤال المنطقى: وطالما عندنا فرز أول.. لماذا لم نصل إلى مستواهم؟.
الإدارة!. ابحث عن الإدارة تجدها وراء كل نجاح وأساس أى فشل!.
الإدارة.. هى مشكلتنا فى كل المجالات والرياضة ضمنها.. وإن كانت فى الرياضة.. المشكلة مضاعفة وأكثر تعقيدًا وأصعب حلاً!. لماذا؟.
لأننا فى كل المجالات.. ومن سنين طويلة.. أسرى نظرية أهل الثقة!. من سنين.. والمناصب على أى مستوى.. يتم إسنادها للمعارف والأقارب والمحاسيب.. وليس للمواهب الإدارية المحصنة بالخبرة والتخصص والعلم!. عندنا.. المسألة تشريف لا تكليف واستفادة لا إفادة!. هذا الوضع المائل القائم منذ أكثر من نصف قرن.. يقينًا إنه إلى زوال!. كيف؟. من قرابة السنتين.. يتم إعداد وتأهيل كوادر إدارية من شباب يِفْرِح.. مؤهلاته تِفْرِح.. تم اختياره بدقة على أساس الكفاءة.. ولا شىء سوى الكفاءة!. إنه مشروع الرئيس السيسى.. الذى عرف.. مثلما أغلبنا يعرف.. عدم وجود كوادر مؤهلة.. تتولى القيادة فى كل المجالات.. لتنهى إلى غير رجعة.. زمن الإدارة بالواسطة والمحسوبية!.
علينا تَذَكُّر أن تراكمات فشل سنين طويلة.. إصلاحها لن يكون بين يوم وليلة!. النفق الإدارى المظلم.. طاقة نور ظهرت فيه.. أراها فى الشباب الذى يتم إعداده بما يجب أن يكون الإعداد للقيادة.. وهى مسألة وقت.. وبمشيئة الله.. نرى هذا الشباب فى قطاعات الدولة المختلفة.. ويقينى أنه سينقلها من حال إلى حال!.
فى الرياضة.. الأمر يحتاج إلى جانب الكوادر القيادية المؤهلة.. أن نبدأ من أول السطر.. ونتعرف على تعريف الرياضة ونتفق على تعريف النادى ونعترف بأن الانتخابات فى الأندية.. هى مكمن مصائب الرياضة ولابد من تعديلها.. ونفهم أن «هرم» الرياضة مقلوب.. ومشاكل كثيرة متراكمة.. لها حلول.. لكن ليس بهؤلاء!. ليه؟:
1ــ فى كل البلاد المتقدمة.. أساس الرياضة الممارسة وبعدها تجىء المنافسة!. عندنا منافسة وقطاع بطولة «خبط لزق» و95٪ من أطفالنا وشبابنا لا يمارسون الرياضة!.
مقياس التَحَضُّر يقاس بأعداد من يمارسون الرياضة فى أى بلد!. الممارسة هى التى تصنع التوازن البدنى والنفسى للإنسان!. هى التى تقدم الأجيال القوية العفية القادرة على الإنتاج!. الممارسة هى التى تكشف عن مواهبنا الرياضية.. التى عليها يقوم قطاع البطولة.. القادر على المنافسة العالمية!
دون ممارسة الشعب للرياضة.. صعب جدًا إفراز نجوم وأبطال يصلون للمستويات العالمية!.
2ــ الكل يعلم هذه الحقيقة.. وكل من فى شارع الرياضة يغض البصر عنها!. لماذا؟.
لأنه لا توجد فى مصر الآن.. جهة مسئوليتها ترجمة ما نص عليه الدستور.. بأن ممارسة الرياضة حق لكل مواطن!. الدستور قال إنها حق لكل مواطن.. لكنه لم يوضح من الذى يحقق هذا الحق للمواطن؟.
مراكز الشباب أقيمت على أنها أصغر كيان رياضى فى أعماق أعماق الريف لأجل إتاحة الفرصة أمام كل طفل وشاب لممارسة الرياضة!. هذا المفهوم نسفوه من زمان.. ومراكز الشباب أصغر الهيئات الرياضية.. تحولت إلى بركان يثور كل أربع سنوات.. فى انتخابات مجالس إداراتها!. قتلوا فكرة ممارسة الرياضة فى مهدها.. ومراكز الشباب تحولت إلى صراع قبلى وعائلى.. بدلاً من أن تكون أفضل مكان لمحو وإذابة القبليات.. من خلال ممارسة الرياضة!. مراكز الشباب الآن.. جميعها إلا قليلاً.. هو من يتيح فرصة لعب الرياضة للأطفال!. الأغلبية الكاسحة.. تبيع وقت اللعب بـ250 و300 جنيه فى الساعة للأطفال والشباب الذى يريد لعب الكرة!.
3ــ الكيانات الرياضية الأكبر وأقصد الأندية.. تحملت وحدها المسئولية كاملة منذ اختفاء الرياضة من المدارس!.
المدرسة.. كانت أكبر قطاع للممارسة فى مصر.. وبالتبعية كانت أكبر قطاع كاشف للمواهب فى مصر.. بل إن أغلب المدارس كانت قاعدة ممارسة وقاعدة منافسة.. ومنتخبات مدارس التوفيقية والخديوية والسعيدية.. أكبر شاهد!.
ماتت الرياضة فى المدارس بفعل فاعل.. واختفت ممارسة الرياضة.. وفوق الـ95% من أطفالنا وشبابنا لا يلعب.. لأنه لا يجد مساحة الأرض التى يلعب عليها.. لأنه غير مشترك فى هيئات رياضية.. وحتى لو أنه عضو فى مركز شباب أو ناد.. فالأمر لم يختلف.. لأن مساحات الملاعب فى الأندية ومراكز الشباب.. هزيلة بالقياس لعدد الأعضاء.. وحتى لو كانت كثيرة.. فالمسألة لم تعد رياضة وحق كل طفل فى ممارستها.. إنما الحكاية باتت «بيزنس».. والملعب.. اللعب عليه بفلوس.. والفلوس توفر المكافآت والحوافر وأشياء أخرى.. لكن الممارسة «ناشفة»!. لا أجهزة فنية وإدارية.. ولا بيع وشراء لاعبين.. ولا مكافآت.. ولا إعلام يتكلم عنها.. «تبقى لازمتها إيه؟»!.
4ــ .. وحتى لا يبدو الأمر.. أن ممارسة الرياضة اختفت لأنه لا مكاسب مادية من ورائها.. أوضح أن الفلوس والمكافآت والفهلوة هى التى عجلت الأمر وتصدرت المشهد.. إلا أن السبب الرئيسى لاقتلاع جذورها من المدرسة أمر مختلف وبعيد عن فكر.. السبوبة والفهلوة!.
السبب الرئيسى.. أراه أحد أهم أسلحة أجيال الحروب الجديدة.. التى هدفها تدمير العادات والقيم والمبادئ والأخلاق وإشاعة الفتن والكراهية والشائعات!.
.. والرياضة هى سلاح الردع الأهم.. فى مواجهة أجيال الحروب الجديدة!.
ممارسة الرياضة.. هى التى تصنع التوازن البدنى والنفسى والصحى!. هى مجال التنفيس الإيجابى الأوحد للطاقة الهائلة الموجودة لدى كل واحد منا.. وإن لم تخرج فى ممارسة الرياضة.. خرجت فى عمل سلبى أيًا كان نوعه.. وإن بقيت مختزنة.. تحولت إلى قنبلة موقوتة.. لا أحد يعلم متى وأين تتفجر.. ولذلك!.
الرياضة أهم نشاط تربوى.. اقتلعوا جذورها من المدرسة منذ نصف قرن تقريبًا!. «قال إيه».. الفصول مُكدسة ويريدون تخفيف كثافتها.. «قُوْم يِعْمِلُوا إيه».. مصادرة ملاعب الرياضة.. وبناء فصول عليها.. لضمان عدم عودة الرياضة مجددًا للمدارس.. وهذا ما حدث.. وأكثر من 22 مليون بنت وولد فى المدارس حاليًا.. محرومون من الرياضة.. وحرمنا الوطن من أجيال قوية عفية متوازنة متماسكة متحابة.. قادرة على الإنتاج وحماية الوطن.. بالسلاح وبالوعى!. وأيضًا حرمنا الوطن من المواهب الموجودة فى 22 مليون بنت وولد!.
5ــ الحل الأسرع اقترحته الأسبوع الماضى.. وأقوله اليوم وكل يوم!.
ممارسة الرياضة وتنفيذ ما قاله الدستور.. مسئولية الدولة!. مطلوب وفورًا ألف مساحة أرض 30 *50 مترًا.. لتكون ألف ملعب فى محافظات مصر.. لأجل إتاحة الفرصة أمام كل طفل وشاب لممارسة الرياضة.. دون أى قيود أو رسوم.. لأن لعب الرياضة حق.. كما قال الدستور!.
هذه الملاعب هى هيئات لممارسة الرياضة وليست للمنافسة.. تتبع الجهة الإدارية وتدار بموظف من عندها!.
أقول ذلك.. لأن مراكز الشباب لها مجالس إدارات.. راحت ضحية القبلية.. التى حولت الانتخابات إلى صراعات عائلات وصراعات قوى ونفوذ.. وباتت السيطرة على مركز الشباب.. مسألة حياة أو موت.. وانتصرت القبليات.. وماتت مراكز الشباب!.
6ــ تفشى أمراض العصر.. الإدمان والاكتئاب والتطرف.. جعل أولياء الأمور يذهبون للرياضة كأفضل وقاية لأبنائهم!. أتكلم عن أولياء الأمور الأسعد حظًا.. بعضويتهم فى أندية رياضية.. إلا أن!.
أولياء الأمور اكتشفوا.. أن هذه الأندية رياضية شكلاً والمضمون مختلف جذريًا!. لماذا؟.
لأن المسألة بالغة التعقيد.. وأحد لم يحاول الاقتراب منها.. أو إيجاد حلول لها.. بل إن قانون الرياضة الجديد تجاهلها تمامًا!.
المشكلة.. أننا ربما نكون البلد الوحيد.. الذى يعترف فى قانونه ولوائحه بقطاع المنافسة والبطولة.. دون كلمة واحدة فى لائحته أو قانونه عن الممارسة!. هذا الوضع الخاطئ المعكوس.. حول الرياضة المصرية إلى «سبوبة» كبيرة.. الكل يبحث عن أكبر مكاسب.. ولا أحد يسأل عن مستوى!.
أحد لا يعرف تعريفًا واضحًا للنادى!. هل هو نادٍ رياضى أم نادٍ اجتماعى أم نادٍ رياضى اجتماعى أم نادٍ اجتماعى رياضى!. أحد لا يعرف.. رغم أن النادى الآن مفروض أنه المكان المتاح حاليًا لممارسة الرياضة.. إلى جانب أنه المسئول الأول عن البطولة.. إلا أن!.
النادى واقعه الحالى يؤكد أنه.. غير مؤهل علميًا وعمليًا للقيام بمسئولياته تجاه الممارسة وتجاه البطولة!.
7ــ لو تكلمنا عن دور النادى فى إتاحة الفرصة أمام أعضائه لممارسة الرياضة.. نكتشف استحالة قيامه بذلك.. لسبب بسيط.. الملاعب مستحيل استيعابها لعدد الأعضاء الهائل!. والمشكلة أكثر تعقيدًا فى الأندية التى عندها فرق تلعب فى مسابقات الاتحادات المختلفة.. حيث كل لعبة.. فيها من أربعة إلى ستة فرق فى المراحل السنية المختلفة للجنسين.. ولها تدريباتها اليومية التى تغطى أغلب ساعات اليوم.. هذا بخلاف المباريات الرسمية.. وما تبقى من وقت للأعضاء للممارسة.. وهذا معناه.. أن الفرصة متاحة لأقل من خمسة فى الألف!.
8ــ الآباء والأمهات لم يعد يعنيهم ممارستهم للرياضة.. لكنهم متمسكون بأن يلعب أولادهم الرياضة!. الأندية.. اخترعت مدارس اللعبات.. والمفترض أنها للموهوبين فى كل لعبة.. لكن هذا الأمر لم يعد مهمًا.. بعدما أصبحت هذه المدارس.. أحد أهم مصادر الدخل للأندية!.
ابنك يمارس لعبة معينة بفلوسك.. إلى حين!.
مدرسة السباحة فى أى ناد فيها أعداد لا حصر لها.. وعند وقت محدد.. لابد من اختيار.. أفضل أرقام.. لعضوية فريق السباحة فى المراحل السنية المختلفة!. الـ700 طفل وطفلة بمدرسة السباحة أقل من 100 دخلوا الفريق.. والباقى عادوا إلى بيوتهم لأن المدرسة أغلقت أبوابها!.
9ــ أى ناد معروف.. عنده أكثر من 20 لعبة.. لها 20 مدرسة.. وكل مدرسة اختارت أعدادًا قليلة للفريق وقامت بتسريح الأعداد الكبيرة.. التى تزيد على الـ2000 طفل وطفلة فى اللعبات المختلفة.. الذين لم يعد فى مقدورهم الممارسة مرة أخرى.. لأن الملاعب قليلة والأعداد غفيرة.. وهنا نكتشف أول حقيقة مؤلمة.. وهى أن أعضاء الأندية الرياضية.. الغالبية العظمى منهم لا تمارس الرياضة.. لأن ملاعب الأندية.. «يادوب» تكفى احتياجات فرق النادى فى المراحل المختلفة!.
10ــ طيب.. «بلاها» أعضاء النادى.. «وعنهم ما لعبوا لا هُمّه ولا ولادهم».. تعالوا لنرى الموقف بالنسبة للعبات المختلفة التى ينافس النادى فيها!.
أقف هنا لأوضح.. أن النادى حاليًا.. هو المسئول عن اكتشاف الموهبة والمسئول عن رعايتها والمسئول عن إشراكها فى المسابقات المختلفة لأجل أن تكون قاعدة للمنتخبات!. معنى الكلام.. أن النادى هو الذى يكتشف اللاعبين وهو الذى يختار الأجهزة الفنية التى ترعى هؤلاء اللاعبين.. إلى أن تقدمهم للمنتخبات الوطنية فى مختلف المراحل السنية!.
السؤال هنا: هل مجالس إدارة الأندية.. مؤهلة للمسئوليات الهائلة تجاه الرياضة المصرية؟.
هل الانتخابات التى تجرى فى الأندية.. تضع فى حساباتها.. أنها تنتخب من يتحملون مسئولية رياضة وطن؟. نعم.. إدارات الأندية مسئولة عن رياضة وطن.. لأنها هى من يختار الأجهزة الفنية والإدارية لقرابة الـ30 لعبة رياضية.. فهل الجمعيات العمومية فى الانتخابات.. راعت.. أنها تختار.. من يختارون الأجهزة الفنية والإدارية والطبية المسئولة عن صناعة أبطال ونجوم الوطن؟. والأدهى من هذا وذاك.. أن من تختارهم الجمعية العمومية.. هم من ينتخبون مجالس إدارات الاتحادات الرياضية «قلب» البطولة النابض.. والاتحادات هى التى تنتخب قمة قطاع البطولة وأقصد اللجنة الأوليمبية!.
طبعًا.. ولا شىء من هذا يحدث.. والأندية التى انتخاباتها اجتماعية.. هى التى تدير محترفين فى 30 لعبة.. لاعبين ومدربين وإداريين!. مجالس الإدارات فى الأندية.. يقومون بعملهم فيما تبقى عندهم من وقت.. لأنهم ليسوا متفرغين وعندهم أعمالهم!.
أهم مراحل قطاع البطولة.. سلمناها وتركناها.. لمجالس إدارات.. الأعضاء انتخبوهم لأسباب اجتماعية.. مثل الرحلات والكراسى والمطاعم والبوفتيك «اللى مرفرف» من الطبق.. وليس لخبرات وكفاءات فى عالم الرياضة!.
من الآخر.. سيبقى هذا الخلط وذاك الهزل.. مادمنا لا نعرف هوية أنديتنا الكبيرة.. رياضية أم اجتماعية؟.
11ــ إلى أن نعرف.. أكرر ما قلته الأسبوع الماضى.. والذى كتبته حقائق توضح حجم الكوارث التى نعانى منها.. وخلاصتها الممارسة قاعدتها هزيلة.. واقترحت ألف ملعب ممارسة!.
لا توجد رعاية بمفهومها العلمى.. والموجود.. اجتهادات لخدمة المصالح الشخصية.. أسفرت عن كارثة الدفع بالناشئين فى منافسات قبل اكتمال نمو جهازهم العصبى!.
الرعاية المقترحة.. خطة فنية وبدنية وسلوكية لمدة خمس سنوات.. يضعها خبراء من الخارج.. والناشئ يشارك فى المسابقات من سن الـ15 سنة.. وقبلها.. هذه الفترة للتدريب.. لإكساب المهارات وتأكيد المهارات ثم تحويل المهارات الحركية إلى عادات حركية..
وقتها نقول بكل ثقة نحن نلعب كرة قدم مثل التى يلعبونها!. أتعرفون لماذا؟.
لأن المواهب المتفردة مصر تنجبها.. ولأننا عرفنا كيف ومتى نكتشفها.. وبأى أسلوب تكون رعايتها!.
لمزيد من مقالات إبراهيـم حجـازى رابط دائم: