رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

لا تغير مبادئك!

لسنا فى زمن تغيير المبادىء، فالمبادىء لا تتغير، ولكن كل إناء ينضح بما فيه.

أى مفاجأة تلك فى واحد ليست لديه مباديء أصلا، ووجدناه ذات يوم يبيع مبادئه، أو ضميره، أو بلده؟

أى مفاجأة تلك فيمن احترف الكذب، وصدقه الناس، وفجأة، اكتشف الناس أنفسهم أنه يكذب عليهم؟

هل نسمى هذا تغييرا فى المبادىء؟ أى مبادىء هذه التى تغيرت؟

المثل الشعبى يقول «ع الأصل دور»، والحكمة تقول «من شب على شيء شاب عليه»، وقانون الحياة لا يحمى المغفلين أمثالنا ممن ينخدعون فى مباديء فلان أو إخلاص علان أو وطنية ترتان، ثم يصابون بالصدمة بسبب قرار أو تصرف أو موقف أو سقطة ما.

خذ عندك مثلا :

رجل أعمال شهير، لا خلاف على عبقريته فى مجاله، ولكنه اعتاد - بدعوى الحرية والديمقراطية - احتواء ورعاية نماذج كارهة لهذا البلد، انكشفت تباعا، فبعضها رحل أو هرب، وقبل أيام قدم رسالة مدمرة لم يستوعبها معجبوه حتى الآن، عندما قرر مد مظلة الرعاية والحماية، بل والوظيفة، إلى صبية متهمين فى جريمة تهريب زعموا أمام الشاشات أنهم «غلابة» على الطريقة «التوكتوكية» الشهيرة، واتضح بعد ذلك أن شأنهم شأن كثير من المصريين اعتنقوا الفكر الينايرجي، واحترفوا ادعاء الفقر والمسكنة، وتبرير الجرائم والسرقات بـالظروف و»الزُلم» ووجود حرامية كبار!

لاعب كرة سابق، اشتهر بإدمان الفشل، ففشل لاعبا، ومدربا، وقدوة، وفشل محللا بعد فضيحة هوا، والشيء الوحيد الذى نجح فيه فى حياته هو «الدايت»، وادعى الوطنية فترة، ثم لحس هذه الوطنية مع أول عرض من قناة الإرهاب، وأخيرا وجدناه يحاول التشهير بشركة وطنية محترمة لها سمعتها، ولها زلاتها أيضا، لمجرد أن مسئولى الشركة رفضوا استثناء سيادته من قرار حمل حقائب كبيرة على كابينة الطائرة، وكأن على رأسه ريشة!

داعية شاب من فئة الدعاة المودرن، يناقض نفسه، ويتزوج من ممثلة شابة، ضاربا بعرض الحائط نصائحه وتعاليمه للشباب على مر سنوات وحلقات وبرامج تقاضى عنها الكثير والكثير من الأموال، وعندما انفجرت موجة غضب مريديه، وحاولوا تذكيره بأحاديثه عن الأخلاق والحجاب والتبرج وذات الدين، قال لهم بتعجرف «هذه حياتى الخاصة»!

نجم كوميدى محبوب، ونجم آخر «أكشن»، ادعيا الوطنية فى أكثر من مناسبة، أثارا غيظ المصريين واستياءهم بتغريدات غريبة تعاطفا فيها بصورة مقززة مع شخصية مكروهة هاربة لتورطها فى قضايا منظورة أمام المحاكم، دون أدنى اعتبار لدماء الشهداء التى سالت دفاعا عن هذا البلد.

فنان وكاتب معروف كنا نحسبه وطنيا هو الآخر، فوجئنا به ذات يوم دون سابق إنذار يصفق ويطبل لتميم على تويتر، مبديا إعجابه بكلمة ألقاها الأمير الصغير أثناء تسلمه لواء تنظيم مونديال 2022 من بوتين، مبررا ذلك بأنه «راجل موضوعي»، ويحب قول الحق، وتاريخه الوطنى يجعله بعيدا عن أى اتهام بمجاملة تميم!

برلمانى سابق، وسفير سابق، وأستاذ علوم سياسية، اشتهروا بخطابهم التحريضى والتشاؤمى الكئيب، أحدهم باع نفسه وظهر قبل أيام على قنوات الجماعة، والثانى اقترح خريطة طريق لمصر وتنبأ بفوضى قريبة، والثالث أعد بنفسه خطة الفوضى وسماها مبادرة، وكأن «البيه مش معاكو» على رأى عادل إمام فى مسرحيته الشهيرة!

طبعا، رجل الأعمال المذكور ما زال يعمل، ويربح.

واللاعب السابق ما زال يحلل ويغرد ويصرف الشيكات.

والداعية الشاب سيعود بعد «العسل» للوعظ والإرشاد والضحك على الولاد والبنات فى سن المراهقة.

ونجم الكوميديا سيعود للكوميديا، ونجم الأكشن سيعود للأكشن، ولكن الفن لن يحرمهما بالتأكيد من أداء المباراة المرتقبة فى البلاى ستيشن مع «حبيب الملايين».

والكاتب المعروف سيواصل الكتابة، والله أعلم هل سيكون مسلسله القادم عن «تميم المجد» أم عن «خليفة المسلمين»، موضوعية بقى!

أما الثلاثى المرح: البرلمانى والسفير والأستاذ، فهم يعرفون سكتهم تماما للاستوديوهات إياها، ويعلمون ما الذى يباع من الكلام، وما الذى لا يباع، وكله بحسابه.

كل هؤلاء أحرار، يعيشون بيننا، يتحركون كما يريدون، ويعملون، ويسترزقون، ولحم كتافهم من خير هذا البلد، ينعمون بالأمن الذى يقاتل من أجله من هم أشرف منهم، ومع ذلك لا يخجلون من إيذائه إذا اقتضت الضرورة، فهذه هى أخلاقهم، وهذه هى مبادئهم التى لم ولن تتغير.

.. كم أنت قوية يا مصر كى تتحملى هؤلاء!


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: