رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الإخلاص لوجه الوطن

فى غمرة احتفالات الشعب المصرى بذكرى ثورة 23 يوليو المجيدة، لا بد من استحضار هذه المناسبة الوطنية لتقييم ما حققته مصر من انجازات، وما تواجهه من تحديات. وعملية التقييم هذه لن تكون موضوعية إلا إذا وضعناها، أولا، داخل سياق الاحداث، وخارج الاحكام الجاهزة أو الانفعالية.

شهدت مصر على مدى ثلاث سنوات (من 2011م الى 30 يونيو 2013م)، ثورتين توسطهما عام من حكم الإخوان؛ بكل إخفاقاتهم واخطائهم السياسية الكبرى التى عكست انشغالهم فقط بمحاولات تنفيذ خطة التمكين من مفاصل الدولة. وكان كل حدث من هذه الاحداث الثلاثة كفيلا، بحد ذاته، بهدم الدولة أو إدخالها فى أتون حرب أهلية، لولا وعى الشعب المصري، واصطفافه، فى لحظات الحسم، فى صف مصلحة الوطن. وقد استطاعت مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة استجماع أنفاسها وتحقيق مجموعة من الانجازات، التى ربما لم يشعر بها المواطن بعد، لكن بالتأكيد يلمسها الزائر بشكل متزايد، فى كل مرة، تطأ قدماه أرض مصر. فبين إعادة الأمن والاستقرار الذى ظل مفقودا لأكثر من ثلاث سنوات، وبناء شبكة طرق، باعتبارها أحد أهم شرايين التنمية، ممتدة على الاف الكيلومترات، اعيد لمصر نبضها ويعاد إليها تدريجيا تدفق السياحة والمستثمرين. ومع مشاريع مثل استصلاح 1.5 مليون فدان، وإنشاء مئات الآلاف من الوحدات السكنية لذوى الدخل المحدود، والجهود الجادة للقضاء على العشوائيات والمناطق الخطرة وفق خطة زمنية محددة، سوف تسهم بلا شك فى تحسين الوضع الاقتصادى للمواطن، الذى لايزال ينتظر ثمار هذه المشروعات وانعكاسها على حياته اليومية. هذا بالإضافة الى مختلف المشاريع الكبرى، التى تعود بالتأكيد بالنفع على الشعب على المدى المتوسط، ومنها قناة السويس الجديدة، ومشروع تنمية محور قناة السويس، ومشروعات الثروة السمكية، ومشروعات الطاقة العملاقة، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع إنشاء محطة الطاقة النووية فى الضبعة، وأنفاق قناة السويس التى ستربط سيناء بباقى الجمهورية.

نجحت مصر فى اجتياز اختبار صعب، واستطاعت بفضل قيادتها الوطنية تجاوز خطورة المرحلة وتحدياتها، وعلى رأسها مواجهة الإرهاب الذى يسعى جاهدا الى النيل من البلد، ومع ذلك يبقى سقف مطالب المواطن أعلى من كل ما تحقق. فالشعب لا يزال ينتظر لحظة التغيير، التى تبدو، ظاهريا، بعيدة المنال؛ خاصة بعد قرار تقليص الدعم عن المحروقات، ورفع أسعار الكهرباء والمياه، ومن قبلها تذكرة مترو الأنفاق، ما يعنى دخول الأسر فى خطط تقشفية حادة لاستيعاب الزيادة فى الأسعار؛ لكن مهما يطُل الأنتظار، فالتغييرات لا محالة. فمسيرة الإصلاح عسيرة وطويلة؛ وإن كانت قد بدأت فعلا بطرح ثمارها؛ خاصة اذا جاءت بعد سنوات طويلة، فى الماضي، من التردد فى اتخاذ القرار السليم وترحيله للمستقبل. إن مصر تخطو بثبات نحو الانطلاق المرجو، لكن ذلك يتطلب وقتا ومجهودا وحوارا مباشرا وصريحا مع المواطن، لتفادى ما اعتبره الرئيس السيسى فى خطابه الأخير «الخطر الحقيقى الذى يضر ببلادنا والمنطقة الموجودين فيها، هو خطر واحد فقط، هو تفجير الدول من الداخل، الضغط والشائعات والأعمال الإرهابية وفقد الأمل والإحساس بالإحباط، كل الأمور تشتغل بمنظومة رهيبة جدا، والهدف منها تحريك الناس لتدمير بلدهم. لا شك أن المواطن المصرى على استعداد تام للتحمل والصبر على السنوات العجاف التى قاربت على الانتهاء، وتقبل جميع السياسات الإصلاحية، على قسوتها، الا ان ذلك يتطلب فى المقابل ضرورة وضعه فى الصورة وفتح حوار صريح معه وفق رؤية واضحة تغلق ابواب المزايدات والشائعات التى تستفز مشاعر المواطنين وتحرضهم ضد دولتهم.

ولعلنا فى معرض الحديث عن مخاطر تدمير البلاد، لابد من الإشارة الى نقطة مهمة، تخص صورة مصر فى الخارج، ودور الإعلام المصرى فى رسم هذه الصورة، ودوره فى تفنيد الشائعات او تكريسها. والحق يقال أن بعض الإعلام المصرى يصر على الإساءة لمصر ربما دون قصد، لكن بالتأكيد دون أدنى وعى ولا مسئولية. فالإعلام المصرى الذى كان فى يوم من الأيام قبلة للجمهور العربي، عندما كان يحترم عقل هذا الجمهور ويعلمه فن الحديث على مائدة الحوار، ويقدم له الجمال والرقى فى الصوت والصورة، واستطاع ان يشكل قوة ناعمة حجزت لمصر مكانا ومكانة داخل كل بيت عربي. لكن عندما تحول هذا الاعلام الى محطات للمزايدات والتبارى على من يصرخ أو يهاجم أو يتطاول أكثر، نفّر الجمهور منه، وبات هذا الاعلام يشكل عبئا على مصر بتصديره القبح كنوع آخر من تدمير البلاد. مصر تشق طريقها نحو المستقبل، رغم كل ما تعانيه من مشاكل اقتصادية واجتماعية، ورغم ما تواجهه من تحديات أمنية وعسكرية، وكل ما تحتاجه هو الكثير من العمل والإخلاص لوجه الوطن. فمصر القوية المزدهرة الصاعدة تمثل قوة لشعبها وسندا لكل العرب.


لمزيد من مقالات ◀ وفاء صندى

رابط دائم: 
كلمات البحث: