رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الحقيقة فى زمن «الهَبْد»!

حضرتك لا تقرأ، ولا تفهم، ولا تريد أن تفهم، هذه مشكلتك، وليست مشكلتنا نحن!

مصادرك مجهولة، ومعلوماتك مشوشة، وأخبارك تستقيها من قمامة السوشيال ميديا، هذا ليس ذنبنا!

تعرف ما يدور من حولك من خلال الفيسبوك، وتستسلم تماما للمواد المفبركة التى تنهمر يوميا على صفحتك ليصدقها السذج أمثال سيادتك، هذه أيضا ليست مسئوليتنا!

مصادرك الجزيرة ونبض والشرق ومكملين، وقالوا وقلنا، وبيقوللك، وقريتها ع النت، والأخبار المزورة التى تحمل لوجوهات مضروبة لصحف مصرية شهيرة على الفيسبوك، ليخدعوا أمثال حضرتك، إذن، لا تلومن إلا نفسك!

أنت الذى اخترت أن يكون هذا هو مستواك، ومستوى تفكيرك.

أنت الذى استكبرت معرفة الأخبار من مصادرها الحقيقية المحترمة.

أنت الذى اعتدت أيضا الضغط بإصبعك لا شعوريا على زر الإعجاب «اللايك»، أو زر المشاركة «الشير»، مع كل كذبة، أو كل بوست يسخر من بلدك، ويتطاول على مؤسساتها وقياداتها وشعبها، وأنت الذى ارتضيت أن تسير كالقطيع وتعلق على كل خبر بعبارات سخيفة سمجة من نوعية «آه يا بلد»، وتحيا «ماسر»، مع شوية حوقلة وحسبنة، وتنكيت واستظراف وتكرار لعبارات أسخف مثل «الصب فى المصلحة» مع كل قرار أو تصريح رسمي، ومثل كلمة «التطبيل» لوصم كل من يتجرأ ويتحدث عن أى شيء حسن أو يدعو للتفاؤل.

أنت الذى اخترت هذا الطريق، عن عمد، أو عن بلاهة، لا فارق، المهم النتيجة، ألف مبروك، فأنت الآن لقمة سائغة وزبون «لقطة» فى حروب الجيل الرابع التى تتعرض لها مصر والمنطقة.

بالتأكيد، أنت الآن مقتنع بأن مصر تنهار، والسيارة ترجع الى الخلف، والدنيا سودا، والسيسى ضحك علينا، والإخوان ما كانوش وحشين، ودولة الظلم ساعة، والسجون مليانة مظاليم، وناس كيوت!

أنت الآن مقتنع بأن مصر تنازلت عن تيران وصنافير، ووافقت سرا على بيع سيناء، وعلى صفقة القرن.

أنت مقتنع بأن قناة السويس طشت وترعة وبتخسر، والعاصمة الإدارية بذخ، وحدائقها تروى بالمياه المخصصة لزراعة الأرز.

مقتنع بأن المطار انفجر، وأن طائرة احترقت، أو انفجرت فى الجو، أو اصطدمت بطائرة أخرى، أو بمبنى الركاب، وأن قريبك اللى فى المطار شاهد حفرة فى المطار، وبل وشاهد الطائرة وهى داخلة عليه المكتب.

مقتنع بأن دخول المدارس سيكون بجنيه، وأوائل الثانوية العامة لازم يهاجروا، وكليات الجيش والشرطة بتاخد أو مجموع 50%!

مقتنع بأن وزير النقل لديه خطة لإنشاء قطار جديد لا ينقلب، ووزيرة الصحة لديها خطة لتغيير سارينة سيارات الإسعاف لتقول تحيا مصر بصوت السيسي، ومحافظ الإسماعيلية افتتح مروحة سقف فى مستشفى!

مقتنع بأن مصر استوردت أرزا من البلاستيك، وبيضا من البلاستيك، وأسماكا من الكاوتش.

مقتنع بأن الحكومة ستفرض ضرائب على الموتى وعلى التنفس.

مقتنع بأن رئيسة كرواتيا ست فاضلة، ونهضت ببلدها، وأنها عملت جمعية لكى تزور روسيا وتحضر المونديال!.

مقتنع بأن الفتاة اللبنانية إياها محترمة وعفة اللسان وقالت الحقيقة، و»بتاع» الجمارك ولى من أولياء الله الصالحين وكبش فداء للحرامية الكبار، إللى هما مين، ما حدش يعرف!

أى متهم بالنسبة لك بريء طالما ألقت الشرطة القبض عليه، وأى مدان بريء وبطل وضحية، ولا تقنعك الحقائق الدامغة التى تصدر عن الشرطة أو تحريات النيابة، ولا تعجبك أحكام القضاء، فالحق والصواب والعدل مصدره بالنسبة لحضرتك شوية كدابين وصيع على السوشيال ميديا، وتختخ الذى يرقد بداخلك!

أنت الآن مصاب بهوس أن تعرف كل شيء، وأى شيء، وفى أسرع وقت، بل وعلى الفور، وتلهث أنت وبعض الإعلاميين المنسحقين تحت عجلات قطار السبق الصحفي، والانفرادات المزعومة، وراء سبب أى حادث، ربما بعد دقيقة، أو بعد ثانية، وشعارك أن الكذبة الأسرع أفضل من الحقيقة الأبطأ!

إذن، حبيبي، اترك النت قليلا!

دع المحمول والفيسبوك وتويتر، والتفت لعملك أو لدراستك أو لبيتك أو لأهلك، أو لأكل عيشك، أو لأى شيء مفيد فى حياتك غير هرشة صحافة المواطن هذه اللى هاتوديك وتودينا فى داهية!

كفاك طيبة، وكفاك سخرية، وكفاك «هبداً» على السوشيال ميديا، أى كفاك تعاملا بـغشومية مع القضايا المحيطة بك، لا بالتعليقات المسيئة، ولا بالأخبار الكاذبة، ولا بالتحليلات اللوذعية.

اتقل شوية، فشائعة واحدة كفيلة بتفجير أزمة، وإفقار وإفلاس وتفجير دول بأكملها.

ولا توجد دولة فى العالم تستطيع أن تترك عملها وتقعد على النت للرد على هبد حضرتك، وتلم فى مصايب حضرتك، ولكنها ستفعل، وليتها تفعل!


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: