رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المصريون والإنترنت.. و«الطرف الثالث»!

لن تتقدم مصر خطوة واحدة إلى الأمام، ولن تهزم إرهابا، ولن تصلح اقتصادا، ولن تحقق أى إنجاز فى أى مجال، ولن يشعر شعبها بأى سعادة أو استقرار، طالما بقى استخدام الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى «السوشيال ميديا» فيها على هذا النحو العبثى المهين، بلا ضابط أو رابط، مفتوح لكل من هب ودب، وبحجة الحرية وتحت شعار «صحافة المواطن» وهو ما لا يحدث فى أى بلد آخر «عاقل»!

قلنا الأسبوع الماضى إن بريطانيا تريد تقييد مدة جلوس الأطفال والمراهقين على الإنترنت حفاظا على صحتهم وتحصيلهم الدراسي.

وقلنا من قبل مرارا، إن معظم دول العالم تفرض قواعد مشددة الآن على استخدام السوشيال ميديا، بداية من وضعها تحت المراقبة الأمنية، ومرورا بطلب تسجيل بيانات المستخدمين للدخول على الشبكة، ونهاية بمحاسبة المتورطين فى جرائم الخطف والقتل والسب والقذف والتشهير والتحريض على العنف وتجنيد المتطرفين و«تمجيد» الإرهاب.

أما فى مصر، فالنت فوضي، والفوضى مطلوبة، وإرادة جيل، وأى حديث عن تنظيم أو رقابة أو استخدام «محترم» لمواقع التواصل الاجتماعى حرام.

فـ«السوشيال ميديا» عندنا هى دولة اليأس والإحباط، لا مكان فيها للحكمة والعقل والاتزان، السخرية فيها من كل شيء هى الأصل، وهى سلو هذا الوطن، بحجة أن المصريين «دمهم خفيف».

التشكيك والرفض والاعتراض على كل شيء تحت شعار «قل لا» من شروط الوجود فى هذا العالم الافتراضي، ومن مظاهر الوجاهة «الإنترنتية» وأى شيء عكس ذلك رجعية وتخلف و«خنوع».

فى مصر وحدها، المحمول والنت فى أيدى الصغار، والعيال «متصلون» بالعالم 24 ساعة، يفعلون به كل شيء، إلا التعلم.

فى مصر وحدها، تنتشر على السوشيال ميديا عشرات الصفحات المزيفة لوزراء ومسئولين ومؤسسات رسمية تنشر الأخبار المفبركة، فيصدقها الناس، ظنا منهم أن هذه الصفحات رسمية، فتنتشر الشائعات، وتختلط أخبارها بما يرد على الصفحات والحسابات الرسمية «الحقيقية».

فى مصر وحدها، نترك هذه الصفحات تعمل وتنتشر، وبعد ذلك نشكو من عدم توافر المعلومة الصحيحة، ومن انتشار الشائعات، ومن فشل الدولة فى «الترويج» لسياساتها وقراراتها!

فى مصر وحدها، توجد حسابات وصفحات لأفراد ولجهات غير معروفة، بمسميات مختلفة، تزعم أنها تنشر أخبارا عن أمور شديدة الخطورة، أو معلومات يجب ألا تقال، أو يجب ألا تقال على طريقة «قريبى اللى شغال فى المخابرات» معظم ما فيها يضر بالصالح العام وبالأمن القومي، رغم أن الهدف قد يبدو أحيانا عكس ذلك.

فى مصر وحدها، صفحة غريبة مثلا تحمل اسم «وزير التربية والتعليم» هى المصدر الرئيسى لكل الشائعات المتعلقة بالتعليم والثانوية العامة والمدارس والذى منه، يتفاعل معها الآلاف ظنا منهم أن من يحدثهم هو الوزير نفسه، فى حين أن متقمص شخصية الوزير فى واقع الأمر «بيهرج» ويخاطب الناس بعبارات من أمثال «ابقوا قابلونى لو نجحتوا» و«من السنة الجاية دخول المدارس بجنيه»، وغير ذلك من التعليقات الغريبة التى تحولت إلى أخبار يصدقها الناس، وتحاول الدولة نفيها، دون جدوي!

وفى مصر وحدها، أنت مجبر على معرفة آراء المائة مليون مصرى فى كل خبر وكل قضية، ومضطر للاطلاع على مشاعر كل فرد وهو يأكل أو يشرب أو يدخل إلى الحمام، وكل المفروض مرفوض، وكل المسئولين «غلط» وكل الناس فاسدة، وكل الدنيا سوداء، والشتيمة حرية، والنميمة حلال، والنفسنة «شرف» بدليل أنه قبل أيام، كان سعر الجنيه الإسترلينى هو أكثر ما بحث عنه المصريون فور نشر خبر تجديد عقد صلاح مع ليفربول، وإجمالا، الإباحية» و«الجنس» و«سما المصري» وكليبات الفضائح هى أكثر الكلمات التى يبحث عنها شبابنا على النت طوال العام!

وفى مصر وحدها، لا يدرك الجالس على الإنترنت أن «طرفا ثالثا» - حسب وصف بي.بي.سي. - يطلع باستمرار على بياناته الشخصية وإيميلاته الخاصة وصوره وتفاعلاته على الفيسبوك من بوستات ولايكات وتعليقات وشير، ولا يدرك أن «جوجل» يراقب مكانه وتحركاته والأماكن التى زارها يوميا والمسافة التى قطعها، وربما عدد «الأنفاس» التى خرجت منه، ومع ذلك يثور عندما تسن الدولة قانونا لمراقبة الإنترنت، ويغضب لتطوير التعليم، لأنه سيحول النت إلى مكان للعلم لا لـ«الهجايص»!

فى العالم كله، السوشيال ميديا وسيلة رقى وتواصل وتعلم، بينما فى مصر وحدها، «مطواة» فى ظهر المجتمع والأسرة والفرد، ومع ذلك، نكتفى بالفرجة، وإطفاء الحرائق، الواحدة تلو الأخرى.

على من يهمه الأمر، حماية المصريين من «أنفسهم» قبل فوات الأوان، واعتبروا هذا تحريضا!


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: