طيب طالما «الهاشتاج» إياه مكسر الدنيا كما يقولون، ويتمتع بشعبية كبيرة، ومصداقية رفيعة، وعدد مشاركيه وصل إلى كام ألف، أو كام مليون، ماذا ينتظرون إذن؟
لماذا لم ينزل أصحاب الهاشتاج إلى الشارع طالما أن هذا العدد حقيقي؟ وطالما أعضاؤه أشخاصا حقيقيين يعيشون بيننا، وعلى أرض مصر؟
لماذا لم ينظم هذا العدد الذى يسد عين الشمس مظاهرة، أو حتى مسيرة، أو حتى وقفة بالشموع، أو حتى وقفة بالدموع، فى أى ميدان، أو أى شارع، أو أى حارة، للإعلان عن نفسهم؟
هل هؤلاء «مشغولون» مثلا؟ أم أنهم «هايقضوها نضال» من وراء الشاشات للأبد؟ أم أنهم يشتتون الدولة فقط ويسحبونها إلى ملعبهم الموجه والمدعوم خارجيا، أو بالأحرى مستنقعهم؟
هل ينتظر هؤلاء مثلا موعدا أسطوريا؟ هل ينتظرون مثلا أن يأتى يوم 25 يناير متوافقا مع يوم جمعة حتى تكون ثورتهم «كيوت»؟
طيب، هل يخشون القمع؟ هل يخشون الاعتقال بموجب الطوارئ؟ لماذا الخوف والميادين مفتوحة، ومحطة مترو السادات تعمل، والتجمعات لا يوجد لدينا أكثر منها؟
طيب وإذا كان الخوف هو الحجة، كيف نزل أجدادهم القدماء إذن فى 25 و28 يناير 2011 أيام القمع والقبضة الحديدية والطوارئ أيضا؟ بل ولماذا نزل عشرات الملايين من المصريين إلى الشوارع فى 30 يونيو إبان وجود الإرهاب فى الحكم ليثوروا فى موعد محدد مسبقا؟
هل أعضاء الهاشتاج يعانون ارتفاع الأسعار لدرجة أنهم لا يملكون ثمن المواصلات والانتقال؟ كيف يقولون إنهم «مش عايشين» و«يأكلون التراب» وهم فى ذات الوقت يملكون ثمن باقات النت التى تسمح لهم بالجلوس بالساعات والأيام والليالى على تويتر وفيسبوك لتقديم الآلاف من تدوينات الدعم من صفحاتهم وحساباتهم الميمونة التى تحمل شعار «فولو وريتويت مع بعض يا جماعة»؟
لماذا لم يرشد هؤلاء «المعدمون» فلوس النت والكهرباء والمحمول والاتصال بالفضائيات طالما أن حالتهم «كرب» بهذا الشكل؟
ولو فرضنا أن «هاشتاجاتهم» هذه أسقطت رئيسا أو حكومة أو دولة، لا قدر الله، كما يحلمون، من سيدير البلد منهم؟ هل ستدار من على تويتر، أم من على الفيسبوك؟ ومن سيحكم مصر؟
من سيمنع دخول داعش إلى أراضيها من الشرق والغرب؟ من سيؤمن وصول الناس إلى أعمالهم؟ من سيدفع لهم رواتبهم؟ من سيوفر لهم السلع الأساسية؟ أم لن تكون هناك أعمال ولا رواتب ولا سلع أساسية؟
هل سيأتيهم رئيس يوزع عليهم رغيف العيش والزيت والسكر والتموين «ببلاش»؟
هل سيسدد عنهم فواتير الماء والكهرباء؟
هل سيوفر لهم البنزين والسولار بجنيه اللتر؟
هل سيردم قناة السويس الجديدة والقديمة والمزارع السمكية؟
هل سيهدم الكبارى والأنفاق والطرق الدائرية والمصانع ومفاعل الضبعة ويفككها ويبيعها خردة؟
هل سيعرض الرافال والميسترال فى سوق السبتية ليوزع ثمنها على المواطنين ويرتاحوا ويملأوا بطونهم وكروشهم؟
هل سيفتح شقق العاصمة الإدارية بالمجان للغلابة ليستوطنوا فيها ويشوهوا شوارعها وجدرانها ويحولوها إلى «خرابة»؟
بالله عليكم، هل وجدتم لدى أصحاب هذه الهاشتاجات أى حلول لأى مشكلة؟ هل لديهم مبدأ؟ هل لديهم أخلاق؟ أو أدب حوار؟
هل وجدتم لديهم أى شيء مفيد يقولونه أو يفعلونه سوى فبركة الأخبار والفيديوهات واجتزاء التصريحات والتشكيك فى كل ما تفعله الدولة والتطاول على من هم أشرف منهم؟ واجتذاب ضعاف النفوس والهمم من المصريين من مرضى «اللايكات اللاإرادية» و«التشيير اللاإرادي» الذين يتناقلون «إنتاج» هؤلاء كالببغاوات دون فهم أو تمييز؟
هل وجدتم لدى أصحاب هذه الهاشتاجات أى خطط أو أفكار للمستقبل، أو معارضة محترمة، أم أن كل ما لديهم فقط «إرحل» و«مجلس رئاسى مدني» و«لغلابة» و«شيل المستشارين»، والغ البرلمان، واعدم الوزراء، ووزع أموال الأغنياء على اللى يسوى واللى ما يسواش، وساوي بين العالم والجاهل، وبين المجتهد و«التنبل»، و«طبطب» و«دلع» فى اللصوص وسارقى الدعم، ليواصلوا استنزاف الدولة، وكأننا نعيش فى تكية؟
و«من الآخر كدة»، لماذا «سخنت» غزوة الهاشتاجات هذه بالذات تزامنا مع زيارة «جوز الهانم الصغيرة» للمنطقة للترويج لـ«نصباية» القرن التى رفضها السيسى وأثبت بذلك كذب اتهامات خصومه له؟
ولماذا ظهر الآن على تويتر بالذات هاشتاج مشبوه اسمه «ادعم شمال سيناء» يصف سيناء بأنها «دولة» تواجه حربا من المصريين، وكل «بوستاتها» بالإنجليزية لزوم مخاطبة الخارج؟
ولماذا الضرب الآن فى كل شيء، القوانين والقرارات والوزراء والمنتخب وصلاح وقوة مصر الناعمة؟
.. اشبعوا بهاشتاجاتكم، أو بلوها واشربوا ميتها، وسيظل مكانكم دائما خلف الشاشات، كالجبناء، لا قيمة لكم، وشتائمكم وأساليبكم دليل على عجزكم.
.. خيبكم الله أنتم و«هاشتاجاتكم»!
لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل رابط دائم: