رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

من يدافع عن حقوق «الجزيرة» فى مصر؟

يبدو أن أصابع نظام قطر ما زالت تعبث داخل مصر.

وواضح أن قناة «الجزيرة» لديها من يدافع عن وجودها ويتبنى مصالحها ومواقفها داخل السوق المصرية بقوة.

من لا يصدق فليقرأ تفاصيل مشروع قانون جديد معروض على مجلس النواب هذه الأيام.

المشروع يحمل اسم «مشروع قانون تنظيم جرائم المعلومات» وقد بدأت مناقشته فى لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالمجلس قبل بضعة أسابيع، تحت ضغوط شعبية للتعامل مع قضية الإرهاب الإليكترونى وفوضى الإنترنت وفبركة الأخبار وانتشار الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ولكن يبدو أن من اقترح نص القانون تمادى فى الأمر، ونسى القضية الأساسية، وتوغل إلى مناطق أخرى، لدرجة أنه وضع ضمن النصوص موادا ملغومة، بل كارثية، ربما تهدد بإدخال آلاف أو ملايين المصريين السجن، لحساب القناة القطرية، ومصالحها، وذلك فيما يتعلق بقضية «وصلات» القنوات الفضائية المشفرة، بحجة أنها تنتهك حقوق الملكية الفكرية!

فماذا يقول مشروع القانون «المقترح» فى هذا الصدد؟

المادة 14 تقول بالحرف الواحد، ووفقا لما نشر فى أكثر من وسيلة إعلامية محلية : «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تتجاوز 50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من انتفع وبدون وجه حق عن طريق شبكة النظام المعلوماتى أو إحدى وسائل تقنية المعلومات بخدمة اتصالات أو خدمات قنوات البث المسموع والمرئي».

هل تعرفون ما الذى تعنيه هذه المادة؟

معناه أن القانون المقترح يريد أن يحارب ظاهرة استخدام الوصلات غير الشرعية للقنوات الفضائية المشفرة، وبخاصة الرياضية منها، باستخدام «الكرباج» أى بمعاقبة موصل الخدمة بشكل غير شرعي، ومتلقيها أيضا، على حد سواء!

يعنى العقوبة تشمل «المهندس» أو «الفني» الذى يقوم بتوفير هذه الوصلات لمن يرغب من المقاهى والمحلات والمنازل لمشاهدة مباريات صلاح والريال والبارسا، وتشمل أيضا صاحب المقهى أو المحل أو حتى صاحب المنزل الذى يملك هذه «الوصلة»!

طبعا، واضح أن واضعى هذا النص وأعضاء اللجنة لم يفكروا، وهم جالسون فى مكاتبهم، فى عدد المواطنين المصريين الذين يمكن أن يتعرضوا للغرامة أو الحبس نتيجة لهذا القانون «المصيبة».

لم يأت على بال هؤلاء أن عدد أصحاب الوصلات فى مصر كبير، حتى وإن كنت لا أملك أرقاما محددة لهم، بل لا أعتقد بأن الدولة نفسها لديها إحصائية بذلك.

وحتى إذا افترضنا أن مصر قررت بين يوم وليلة أن تعيش صح وتمشى صح وتضع قوانين «ما تخرش المية» فى موضوع حماية الملكية الفكرية، لماذا لم يفكر السادة أصحاب هذا القانون فى المبررات والأسباب التى دفعت وتدفع المصريين البسطاء وغير البسطاء لاستخدام هذه الوصلات لمشاهدة المباريات الرياضية فى منازلهم؟

أليس من العيب السماح بالاحتكار وتسهيله وتمريره، ثم تجريم من تضرر من هذا الاحتكار؟

هل أنتم مقتنعون بأنه من العدل أن يظل المصريون محرومين دوما من مشاهدة مباريات منتخبهم أو أنديتهم؟

هل يعقل أن «تبيع» هذه القنوات المشفرة بملايين الدولارات على حس الكرة المصرية ومنتخباتها وأنديتها، ولا نستطيع نحن هنا، جمهور الكرة فى مصر، مشاهدة مباريات هذه الفرق، إلا إذا دفعنا المعلوم؟

لست مع مخالفة القوانين، ولكن ألا توجد أيضا قوانين لمنع الاحتكار؟ هل تم تطبيقها على أصحاب هذه القنوات الذين يتلاعبون فى الأسعار والعروض والاشتراكات، ويجبرون المشاهد العادى على عروض غير مرغوبة، وبخاصة قبل البطولات الكبرى؟

ولماذا يتعين على المشاهد المصرى أن يشاهد المباريات بأصوات معلقين مزعجين أشبه بمقدمى فقرات الأسود فى السيرك؟

ولماذا يتعين على المشاهد تحمل سخافة وتقل دم وتحيز محللى وخبراء هذه القنوات المشفرة؟

ومن يحمى المشاهد المصرى «البريء» الذى يريد مشاهدة مبارياته المفضلة دون أن «يتسول» هذا الحق من أحد، ثم يوصف بأنه «حرامي»؟

أليست مهمة الحكومة المصرية الدفاع عن حق المواطن المصرى فى المشاهدة، وفى كسر هذا الاحتكار؟

وبعدين، أين أمن مصر القومى يا حضرات؟!

هل البرلمان تعجبه فكرة الظهور بمظهر المجلس التشريعى الذى يسن قوانين مثالية لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع؟

نصيحة : القوا بمشروع القانون هذا فى أقرب سلة مهملات، أو عدلوه، أو على الأقل، اتركوا الناس تمارس حقها فى محاربة الاحتكار والابتزاز بطرقها الخاصة، أما إذا أردتم عمل إنجاز، فيمكنكم التركيز مع قضايا القمامة والتلوث والبناء غير المرخص والمرور والميكروباص والتوك توك، فهى أولى وأجدى من الدفاع باستماتة عن حقوق «الجزيرة»!


لمزيد من مقالات هانى عسل

رابط دائم: