سبق أن حذرنا مرارا من التجاوزات الخطيرة والسقطات المهنية التى تقع فيها وسائل إعلام عالمية مرموقة فى تغطيتها للشأن المصري.
وسبق أن حذرنا من أن هذه التجاوزات ستؤدى بهذه الوسائل الإعلامية مثل «رويترز» و«بي.بي.سي.» و»أسوشييتدبرس» و»سي.إن.إن» إلى الوقوع فى سقطات مهنية فادحة ومخجلة، نظرا لأنها ارتضت لنفسها تنفيذ سياسات إعلامية «معينة» و«مخططة» للإساءة للدولة المصرية، ولمؤسساتها، بل ولشعبها أيضا.
وسبق أن حذرنا من أن مجموعة المصادر التى ترتكن إليها هذه الوسائل فى تقاريرها عن مصر غير دقيقة، ومنحازة، وتعبر عن وجهة نظر طرف ما غير نزيه، وسيتسبب فى إحراج هذه الصحف والشبكات، بل وسيؤكد ما يقال عنها إنها «مخترقة»، أو يسيطر عليها فصيل بعينه.
وبعد فضيحة «زبيدة» التى تورطت فيها الـ«بى بى سي»، فعلت «رويترز» خيرا باتخاذ قرار فورى بسحب تقاريرها المضللة عن الانتخابات الرئاسية فى مصر، والتى أساءت كثيرا إلى جموع المصريين الغفيرة التى خرجت للإدلاء بأصواتها فى هذه الانتخابات بحرية كاملة، ودون أى مضايقات أو إكراه، خاصة بعد أن تضمنت هذه التقارير معلومات مستقاة من مصادر معروف عنها عداؤها للدولة، وبعضها ينتمى لجماعة الإخوان الإرهابية.
وعلى الرغم من أن رويترز اتخذت القرار الصحيح بسحب هذه التقارير، لأنها تسيء إلى مهنية رويترز قبل أن تسيء إلى مصر وشعبها، بدليل أن رويترز نفسها وصفت هذه التقارير المسحوبة بأنها تفتقر إلى المعايير المهنية، فإن رويترز مدينة باعتذار إلى عموم الشعب المصري، وتحديدا إلى الدولة المصرية، وما لا يقل عن 25 مليون ناخب ممن اتهمتهم تقارير الوكالة صراحة بأنهم لم يشاركوا فى الانتخابات إلا عبر التهديد والتخويف والإرهاب والرشاوي، علما بأن هذه الأساليب كانت شائعة بالفعل فى انتخابات سابقة تصفها رويترز ووسائل الإعلام الأجنبية حتى يومنا هذا بأنها كانت «ديمقراطية» و«حرة»!
والحق يقال إن قرار رويترز جاء بعد سلسلة من التجاوزات فى الفترة الماضية تجاه مصر، فقد نشرت قبل الانتخابات تقارير وأخبارا كلها تتضمن افتراءات من شخصيات مناوئة للدولة ومصادر مجهلة حول قمع الحريات وعدم جدوى الانتخابات بهدف تضليل الرأى العام وتشويه صورة العملية الانتخابية، والتشويش أيضا على مظاهر إقبال المصريين فى الخارج على التصويت.
ومن الأمثلة على ذلك ما بثته رويترز بتاريخ 16 مارس 2018 بعنوان «قبيل الانتخابات المثيرة للجدل .. مصر ترصد الأخبار الكاذبة»، حول تصريح محامى أحد الصحفيين بأنه ما كاد يبدأ العمل فى فيلم وثائقى «ينتقد» الرئيس السيسى حتى ألقت الشرطة القبض عليه، ونلاحظ هنا كلمة «ينتقد»، البعيدة تماما عن الواقع.
وأيضا فى تقريرها يوم 16 مارس، وتحت عنوان «المصريون فى الخارج يتوجهون لمراكز الاقتراع للتصويت فى الانتخابات الرئاسية»، تركت الوكالة جموع المصريين فى الخارج، ونقلت عن آخرين قولهم إنهم لا علاقة لهم بالتصويت، ووصف أحدهم للعملية الانتخابية بأنها «خدعة»، بينما ذكرت أن مشاهد طوابير الناخبين فى الخارج «نقلها التليفزيون الرسمى المصري» فقط!
ولاستكمال «الحبكة»، ذكر التقرير فى نهايته أن هذا المواطن – المقيم فى واشنطن – رفض نشر اسمه خوفا من رد فعل انتقامى من جانب السلطات لدى عودته إلى مصر!!
ناهيكم عن إصرار الوكالة نفسها على الحديث عن الظلم الذى تعرض له كل منافسى الرئيس السيسى فى الانتخابات، دون أن تجرؤ صراحة على الإشارة إلى حالة كل واحد منهم، ما بين مرشح قيل إنه معتقل، ولكنه شارك فى الانتخابات بحرية كاملة، ومرشح آخر فشل فى تجميع عدد التوكيلات اللازمة لترشحه، وثالث أراد خوض الانتخابات فقط للهروب من قضية جنائية، ورابع لا يحظى بأى شعبية وأراد أن يصنع لنفسه بطولة زائفة على أنه «مستبعد»، وخامس متهم بإيواء إرهابيين مطلوبين للعدالة، بينما المرشح الذى ترشح بالفعل وحصل على أصوات ناخبين «فعليا» فى الانتخابات، كان تصفه دائما بعبارات «غير لائقة»!
إذن، رويترز ما زالت مدينة باعتذار للمصريين، مع إجراء حقيقى لتنقية شبكة معلوماتها ومراسليها المكلفين بتغطية الشأن المصري، فسحب التقرير بعد انتهاء الانتخابات خطوة جيدة، ولكنها لا تكفي.
وعلى بى بى سى أيضا الاعتذار للمصريين وتدارك أخطائها، ليس فقط بعد فضيحة زبيدة، ولكن أيضا على ما قاله أحد أساتذة العلوم السياسية عبر تليفزيونها العربى من أن الـ21 مليون مصرى الذين انتخبوا السيسى نزلوا بالترهيب والتهديد والأموال، وذلك بتاريخ 29 مارس 2018.
وعلى أسوشييتدبرس أيضا تدارك أخطائها، لأنها سارت على النهج نفسه طوال الانتخابات، وما قبلها وما بعدها.
رابط دائم: