رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

لماذا رقص المصريون أمام اللجان؟

.. ها يا بهوات؟

هل وصلتكم الرسالة؟

هل خرجتم من كهوفكم وأبراجكم العاجية فى مقار ومكاتب رويترز وأسوشييتدبرس وواشنطن بوست ونيويورك تايمز وبى بى سى ودويتش فيله وسى إن إن؟ أم ما زلتم متقوقعين بداخلها؟

هل ما زلتم تزعمون أنكم «تفهمون» فى الشأن المصرى ؟

هل تيقنتم الآن أن قائمة الخبراء والنشطاء والمعارضين والفوضويين و«الإرهابيين» الذين رفعتموهم وترفعونهم كل يوم عنان السماء ليسوا سوى مجرد «أراجوزات»؟

هل تلقيتم «الصفعة»؟ أم ما زلتم فى حاجة إلى صفعات أخرى، وسيظل «الاستعباط» عقيدتكم؟

هل تيقنتم الآن أن كل مقالاتكم وبرامجكم وتقاريركم المسمومة عن الديكتاتورية والقمع والتعذيب «هرى فى هري».

.. الرسالة واضحة : قولوا عن نسبة الإقبال ما شئتم، جيدا كان أم متوسطا، أو حتى محدود كما بدأتم ترددون الآن، هذه هى انتخاباتنا، وهذه هى إرادتنا، وهذه هى ديمقراطيتنا، كل شيء على «مقاسنا»، ووفق مزاجنا، وحسب ظروفنا واختياراتنا، وإرادتنا، ولا نشغل بالنا بكم.

لا نحن قاطعنا، ولا لزمنا بيوتنا، ولا خشينا إرهابا ولا تفجيرات، ولا أحبطتنا أسعار ولا ظروف معيشية، لا استجبنا لمعارضة، ولا استسلمنا لأكاذيب، ولا ذرفنا الدمع على استبعاد «سين» أو «صاد»، ولم نكترث بمحاولات «سد نفسنا» عن الانتخابات، عندما قلتم منذ شهور إنها «مسرحية»، و«لعبة هزلية»، ومباراة من جانب واحد، ونتائجها معروفة سلفا، هل هذه أعداد تنزل من بيوتها من أجل انتخابات محسومة سلفا؟

.. الرسالة قوية : فلا مصر صغيرة، ولا دولتنا قمعية، ولا رئيسنا ديكتاتورا، ولا جيشنا يقمعنا، ولا شرطتنا تنتهكنا وتعذبنا وتخفينا قسريا.

.. الرسالة مفحمة: فلا الرغبة فى الأمن والاستقرار عيبا ولا عارا، ولا نظرية المؤامرة ضد وطننا وهما أو «فزاعة»، ولا قول «شكرا» لمن يستحق من جيش وشرطة ورئيس وشهداء خنوعا أو عبودية أو تطبيلا.

.. والرسالة أيضا كانت عبقرية : فهل شاهدتم الطبل والزمر والرقص أمام اللجان؟ هل تعرفون معنى ذلك؟ اسألوا «عملاءكم» فى مصر أن يشرحوا لكم كيف أن هذه مجرد «تحابيش» مصرية خالصة نلجأ إليها فى الفولكلور الشعبى لـ«كيد الأعادي»، فقط لنرد على استفزازاتكم، ولكى تعرفوا قدركم!

أما أجمل ما فى العملية الانتخابية كلها بحق، فكانت واقعية المشهد، ونزاهته، ونقاؤه، بعيدا عن الرشاوى والترهيب والابتزاز، ودون الحاجة لحشد البسطاء بالزيت والسكر، والجنة والنار، ولا حتى التلويح بغرامة الـ٥٠٠ جنيه، فالاختيار كان حرا وواضحا :

لا يعجبك السيسي؟ انتخب موسى مصطفى، لا يعجبك موسى مصطفى؟ ابطل صوتك، أليست هذه ديمقراطية؟

ولكن، لا يعجبك السيسي، ولا موسى مصطفى، ولا إبطال الصوت، ورفضت نزول الانتخابات من الأساس؟ فهذا معناه أربعة احتمالات كلها أسوأ من بعضها :

- إما أنك ترى أن نتيجة الانتخابات معروفة سلفا، وأنه «لا لزوم» للاقتراع على شيء محسوم.

- أو أنك «مكسل» و«مش فاضي» ولديك التزامات أخرى وشغل وأكل عيش.

- أو أنك محبط لأن مرشحك المفضل من وجهة نظر ابتعد عن المشهد، بإرادته أو رغما عنه.

- أو ربما لأنك لا تعترف بشرعية الانتخابات أصلا، ولا بالدولة التى تعيش على أرضها، وتأكل وتشرب من لحم كتافها، وكتاف الدولة التى تسميها «النظام».

- أما الاختيار الأول، فمعناه أنك استسلمت للآلة الإعلامية المعادية للدولة، وارتضيت بأن تقف فى جبهة واحدة مع أعداء الوطن، شأنك شأن منفذى تفجير الإسكندرية، وإن اختلفت الوسيلة والنيات!

- والاختيار الثانى معناه أنك لم تحترم ولا حتى قطرة دم واحدة سالت من دماء شهداء الجيش والشرطة والمدنيين، ولم تؤلمك صرخات وأحزان أمهاتهم وزوجاتهم وأطفالهم، رغم أن كل هؤلاء ضحوا بحياتهم وأرزاقهم وأجسادهم وأعضائهم دفاعا عن حضرتك، وعن التزامات حضرتك، وشغل حضرتك، وأكل عيش حضرتك، لأن «عندهم دم»، وليس من أجل الراتب كما تقول!

- والاختيار الثالث معناه أنك وضعت ثقتك فى مرشحين «تعبانين» خذلوك، ولا يستحقون لا ثقتك، ولا تلميع الخارج وتضخيمه لهم، وهذه بالتأكيد ليست مشكلتنا!

- أما الاحتمال الرابع والأخير، وهو الأسوأ، فمعناه باختصار أنك ما زلت تحلم بـ«ثورة» جديدة يخرج فيها الفشلة والحاقدون والمجرمون والإرهابيون أمثالك من جحورهم ليطالبوا بإسقاط الدولة، وهو ما لن يحدث، فمن يعلن الحرب على الدولة، فالدولة مفوضة من الشعب بأن تمسحه من الأرض مسحا، ووقتها لا يصح أن تقول «أي»!

الآن، هل عرفتم لماذا انتخب المصريون وهم يرقصون؟ أم لا زلتم ترون اللجان خالية؟!


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: