فى إصرار غريب على اتهام مصر بقمع الحريات وانتهاك حقوق الإنسان وتقييد الحريات الإعلامية، وبالتزامن مع تحركات سياسية وقانونية مشبوهة فى الداخل والخارج للوصول إلى الهدف نفسه، ركزت وكالتا «رويترز» و«أسوشييتدبرس» للأنباء وشبكة «سي.إن.إن.» الإخبارية الأمريكية وهيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» بصورة مبالغ فيها على كل خبر أو معلومة تقود إلى هذا الطريق.
فقد احتفت هذه الوسائل الإعلامية الأربع بتصريحات زيد بن رعد الحسين المفوض السامى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة التى هاجم فيها أوضاع الحريات فى مصر، بدعوى تعرضها لمزيد من القيود من جانب أجهزة الأمن.
وركزت رويترز وأسوشييتدبرس وسى إن إن على الإسهاب فى نشر تصريحات رعد الحسين، كما لو كانت مصر وحدها هى الشغل الشاغل لمفوضية حقوق الإنسان، فى حين لم تفكر المفوضية فى إصدار تصريحات نارية مماثلة حول مأساة الاعتداء على الفتاة المصرية «مريم» فى بريطانيا، ولا الانتهاكات البشعة التى تقوم بها السلطات التركية فى مدينة عفرين «المحتلة» بسوريا.
واهتمت سى إن إن بشكل خاص بتغطية تفاصيل محاولة الانتهاك البريطانى للسيادة المصرية، وذلك عبر تقرير بثته بتاريخ ٦ مارس ٢٠١٨ بعنوان «نواب البرلمان البريطانى يطلبون زيارة الرئيس المصرى الأسبق فى سجنه»، حول تصريحات نواب بالبرلمان البريطانى بأنهم طلبوا من السلطات المصرية السماح لهم بزيارة «المعزول» محمد مرسى فى سجنه بدعوى القلق بشأن تدهور حالته الصحية جراء ما سمته الأوضاع السيئة التى يتعرض لها فى محبسه.
وتزامن ذلك مع قيام صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية بنشر مقال مطول كتبه نجل المعزول للحديث عن الموضوع نفسه.
وفى هذا الإطار أيضا، بثت بي.بي.سى تقريرا فى الخط نفسه، يتضمن دفاعا عن العرض المسرحى الذى تسبب فى مشكلة، وذلك فى محاولة منها لاستباق نتائج التحقيقات التى تجريها النيابة العسكرية مع المسئولين عن العرض بتهمة الإساءة إلى القوات المسلحة.
كما اهتمت وسائل الإعلام أيضا بتضخيم أنباء التحقيق مع إعلاميين أو فنانين باتهامات مختلفة، بدعوى أن ذلك يؤكد سعى الدولة المصرية لقمع الحريات وتكميم الأفواه، وسط إصرار على ربط ذلك بالانتخابات الرئاسية المقبلة.
والمؤسف أن هذه اللغة العدائية تناقضت تماما مع النهج «الدفاعي» الذى اتخذته وسائل الإعلام نفسها فى أزمة منع عرض المسلسلات التركية فى قناة «إم.بي.سي.»، حيث بثت أسوشييتدبرس مثلا تقريرا بعنوان المسلسلات التركية آخر ضحايا الصراعات فى الشرق الأوسط» بتاريخ ٥ مارس ٢٠١٨ عن هذا القرار، حيث اهتمت الوكالة فى تقريرها على تفنيد مبررات إدارة القناة فى اتخاذها هذا القرار، بل والاهتمام بعرض موقف قوى لأنقرة من هذه الأزمة، حيث نقلت ما قاله مسئول تركى من أن بلاده «لا تشعر بالقلق» من قرار إم بى سي، نظرا لأن المسلسلات التركية «لا تزال تحظى بشعبية على الصعيد العالمي».
رابط دائم: