مع اقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية فى مصر، والتوقعات شبه المؤكدة للنتيجة التى ستسفر عنها هذه الانتخابات، والتى ستأتى على عكس هوى دول كثيرة، احتدم الوطيس فى وسائل الإعلام الأجنبية المعادية لمصر، لتضخيم السلبيات، التى يتحدث عنها الإعلام المصرى بحرية وشفافية مطلقة، ولتجاهل الأخبار الإيجابية والتشكيك فى الإنجازات الجارية على أرض الواقع.
وقد يقول قائل إن الإعلام الأجنبى ليس معاديا لمصر، وأن من حقه الحديث عما يريد، حتى وإن تعمد تضخيم السلبيات والأخبار «السوداء»، والتهوين من الإنجازات لدرجة الإخفاء التام لأنشطة الرئيس والحكومة والوزراء، وهذا مردود عليه بأن ما يفعله الإعلام الأجنبى مع مصر، لا يفعله مع أى دولة أخرى فى العالم، بدليل أسلوبه ولهجته فى التعامل مع الشأن القطري، أو الشأن التركي، بكل ما فيهما من مهازل وسلبيات حقيقية، بصورة لا تدع مجالا للشك فى أن مصر لها وضع خاص فى هذا الإعلام، الذى يزعم النزاهة والمصداقية.
وفى الأسابيع الماضية، صعدت وكالتا «رويترز» و«أسوشيتدبرس» للأنباء، وشبكة «سى.إن.إن» الأمريكية، وهيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي.» من تغطيتها السلبية للشئون المصرية على أكثر من جبهة، على النحو التالى :
أولا : توجيه وكالة أسوشيتدبرس اتهامات وإساءات صريحة ومباشرة وغير مسبوقة للقيادة المصرية بدعوى اتهامها بالديكتاتورية، وبأنها تنظم «مسرحية» الانتخابات، بما يخرج بالوكالة عن دورها المهنى فى توفير المادة الخبرية والتحليل الموضوعي.
ثانيا : تعمد الوكالة نفسها استغلال حوادث القطارات والطرق فى مصر للتدليل على افتقادها التام لضمانات السلامة، وبما يسيء لحركة السياحة والاستثمار.
ثالثا : توسع الوكالة الأمريكية فى الدفاع عن العناصر المناوئة للدولة المصرية، وتبريرها تجاوزات هذه العناصر، بما فيها اتهامات بالتحرش والإساءة جرى توجيهها لأحد الحقوقيين ومعاونيه، مع تلميح الوكالة لاحتمالات افتعال تلك الاتهامات ضدهما ردا على مواقفهما المعارضة لـ«النظام».
رابعا : تداول الوكالة أيضا أخبار معاقبة القضاء المصرى لبعض المتهمات فى قضايا غير أخلاقية، وتحديدا بعض المطربات، باعتبارها تعكس اتجاه مصر نحو التشدد وقمع الإبداع.
خامسا : رفض هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي.» عبر فضائيتها العربية بث أى آراء تنتقد تغطيتها المنحازة ضد مصر، وذلك ردا على تقريرها الأخير حول مزاعم الاختفاء القسرى لمواطنين مصريين، وهو التقرير الذى ثبت عدم صحته.
سادسا : نشر الشبكة ذاتها تقريرا مطولا عن مشروع «سد النهضة»، حيث شبهته بـ«السد العالي»، فى إطار محاولتها التشكيك فى جدوى الملاحظات المصرية بشأن المشروع، باعتبار أن إثيوبيا لديها الحق فى إقامة السد الخاص بها أيضا مثلما حدث مع مصر، وذلك على الرغم من وجود اختلافات سياسية وتاريخية وفنية كثيرة بين المشروعين.
سابعا : تقديم الشبكة البريطانية، وكذلك «أسوشيتدبرس» و«سي.إن.إن» و«رويترز،» فى المقابل، تغطية محدودة وضعيفة للغاية للاتهامات الجديدة التى جرى توجيهها للنظام القطرى بشأن استمرار انتهاكاته لحقوق العمالة الأجنبية لديه، وعدم توفيره ضمانات السلامة والأمان فى مشروعات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 فى قطر، وبما يؤدى لاستمرار سقوط المئات من العمال الأجانب البسطاء بين قتيل ومصاب فى مواقع تلك المشروعات، مع تجاهل الدوحة حمايتهم سعيا لمضاعفة أرباحها فى المقام الأول، الأمر الذى يعكس تواطؤ الإعلام الغربى فى التعتيم على مثل هذه الانتهاكات.
ثامنا : تقديم وسائل الإعلام الأربع تغطية شديدة الهدوء والتعقل إزاء الانتهاكات المستمرة لنظام رجب طيب أردوغان فى تركيا، سواء فى عفرين السورية، أو فى الداخل التركي، أو فى مياه شرق البحر المتوسط، وتجاهل توجيه انتقادات لاذعة إلى أنقرة مقارنة بما تفعله هذه الوسائل فى تناولها للشأن المصري.
ولحين انتهاء الانتخابات الرئاسية، وخروجها بالنتيجة غير المرجوة بالنسبة لهذه الوسائل الإعلامية، يبقى الحال على ما هو عليه، لحين إشعار آخر، بما فى ذلك السقوط فى مزيد من الأخطاء المهنية، وفقدان مزيد من المصداقية والسمعة!
رابط دائم: