أسئلة كثيرة تحيرني:
هل مصر «مزنوقة قوي» فى تركيا؟
هل نحن «مضطرون» بشكل أو بآخر للحفاظ على علاقات اقتصادية وتجارية طبيعية مع أنقرة فى ظل الظروف السياسية الراهنة؟
هل ما نستورده من تركيا غير موجود فى أى دولة أخرى شقيقة أو صديقة؟
طبعا، الشعب التركى «على عينى وراسي»، وتركيا دولة مهمة ومؤثرة إقليميا وقوة سياسية واقتصادية وعسكرية لا يمكن إنكارها «ماشي».
ولكن لماذا هذا «الزن» على «حميمية» التجارة مع تركيا؟ ومن المستفيد من ذلك؟ وهل الاستفادة الأكبر تصب فى صالحنا أم فى صالح نظام أردوغان الذى توترت علاقاته مع «طوب الأرض»؟
ما هى الحكمة من استمرار انعقاد اجتماعات مجلس الأعمال المصرى التركى فى ظل استمرار العداء التركى الصارخ ضد مصر وجيرانها؟
ولماذا الرعب من دعوات مقاطعة «التركي»؟ هل لغة «البيزنيس» و«المصالح» و«الدولارات» أعلى وأقوى من لغة المصلحة العليا ودواعى الأمن القومى ودماء الشهداء التى أريقت وتراق يوميا، وتقام الأفراح عليها فى تركيا؟
هل «شوية» حديد تسليح وقطع غيار سيارات و«حلل» و«طاسات قلية» أهم لدينا من دماء جنودنا؟ هل انهارت صناعة الملابس عندنا حتى نقبل «إغراق» أسواقنا بالقمصان والبنطلونات و«الطرح» التركي؟ هل نضبت مصر سياحيا وفاضت لدينا الدولارات حتى نصدر لهم سائحين؟
هل يوجد لدينا شك فى أن تركيا دولة «معادية»، وتهدد الأمن القومى المصرى بصورة مباشرة، ولديها أطماع تاريخية استعمارية قديمة فى مصر، ولا تزال ترفض حتى الآن الاعتراف بثورة 30 يونيو وبكل ما حدث بعدها؟
هل لدينا شك فى أن تركيا تستضيف منصات تحريض سياسية وإعلامية وحقوقية مسئولة بشكل أو بآخر عما تشهده مصر من إرهاب وأزمات اقتصادية؟
هل لدينا شك فى أن محور الشر التركى الإيرانى القطرى خطر على أمن مصر والمنطقة كلها؟
هل لدينا شك فى أن تركيا تحاول إيجاد موطيء قدم لها فى مياه البحر الأحمر لتهديد مصر؟
هل لدينا شك فى أن تركيا تعبث بأمن المتوسط وباستقرار ليبيا؟
هل لدينا شك فى أن تركيا لديها قوات احتلال فى العراق وسوريا؟
هل لدينا شك فى أن تركيا مسئولة عن ظهور واستمرارية، ثم اختفاء، تنظيم داعش الإرهابي؟
الأرقام تقول إن مصر تصدر لتركيا حاليا بــ1٫4 مليار دولار، وتستورد منها بـ2٫7 مليار دولار.
والأرقام أيضا تقول إن تركيا لديها استثمارات فى مصر بقيمة مليارى دولار، تعمل بها عمالة مصرية تقدر بنحو خمسين ألف شخص.
أما آخر الأخبار فتقول إن مجلس الأعمال المصرى التركى الذى تردد أنه عقد فى القاهرة أخيرا ناقش سبل زيادة حجم التجارة والاستثمارات المتبادلة بين مصر وتركيا!
بل إن وكالة أنباء الأناضول التركية، التى لا تزال تصف الحكومة الحالية فى مصر حتى يومنا هذا بأنها «حكومة الانقلاب»، نقلت عن محمد مسعود توبراك الذى وصفته بأنه رئيس مجلس الأعمال المصرى التركى قبل وصوله للقاهرة قوله إن العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وأنقرة يجب أن تتجاوز عقبة السياسة، وأن صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين يجب أن تبدأ، «طب إزاي»!
قد تكون إجابات هذه الأسئلة عند الحكومة، وقد تكون تحديدا عند المهندس طارق قابيل وزير الصناعة، وقد تكون الأسباب مقنعة، وقد لا تكون كذلك، ولكن الذى أؤكده أن تركيا، رقميا، هى المستفيد الأكبر من علاقاتها الاقتصادية مع مصر، وأن كل جنيه مصرى يتم دفعه لشراء منتج تركى يدخل الخزانة العامة التركية، ليقدم دعما مباشرا وصريحا إلى نظام أردوغان الذى يتطاول ويحرض يوميا على مصر، قيادة وحكومة وشعبا، وآخر «المصائب» ما قرأناه على لسان وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو من أن أنقرة ستبدأ قريبا التنقيب عن البترول والغاز فى شرق المتوسط، وأن تركيا تعتبر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص «غير قانونية»، يعنى وقاحة و«بلطجة» وتهديدات للسيادة المصرية عينى عينك!
السيناريو الوحيد الذى يمكن أن يبعث على التفاؤل وسط كل هذا «العك» هو أن رجال الأعمال والمستثمرين الأتراك ربما يتصرفون بمنأى عن نظام أردوغان، ولحماية لمصالحهم ومكاسبهم فقط، وربما رفضا لسياساته، وانتظارا ليوم تنزاح فيه هذه «الغمة» عن بلدهم.
.. أقول «ربما»، ولكن «برضه»، لماذا العجلة واللهفة والكرم الزائد من جهتنا ونحن فى «عز» المعركة، بل ربما يكون القادم من هناك أسوأ؟!
.. حد يقول حاجة!
لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل رابط دائم: