رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

يناير .. «ثورة» أم «غلطة شعب»؟

قولوا عن 25 يناير «ثورة»، قولوا «نكسة» أو «نكبة» قولوا «مؤامرة»، أو حتى «غلطة شعب»، ولكنها بالنسبة لى ولكثيرين «أسوأ يوم فى تاريخ مصر»!

ونظرا لأننا فى موسم، وحيث إن «الثورجية» و«الجماعة» عادوا من جديد هذه الأيام بتأثير رائحة الانتخابات، ونسوا فجأة أنهم «مقموعون» و«معتقلون»، يبقى لازم نقول كمان، ونبدأ «من الأول»!

دستوريا، الأمر محسوم، فقد تحدث الدستور الحالى عما حدث في يناير بلفظ ثورة «25 يناير- 30 يونيو»، يعنى لا توجد ثورة مستقلة بذاتها اسمها ثورة يناير، وهى بدون 30 يونيو شئ آخر تماما غير «الثورة»!

سياسيا، لم ينكر الرئيس ولا الحكومة ولا أحد حقيقة نزول مصريين «شرفاء» إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم، لكنهما تحدثا أيضا عن «ركوبها» و«استغلالها» و«استغلالهم» من قبل البعض لهدم مصر.

أما شعبيا، وواقعيا، فيكفى أن تسأل المصريين فى الشارع عن آرائهم فى 25 يناير، والإجابة معروفة بالطبع : «أيام سودا يا بيه»!

أى ثورة هذه التى يعترف «مجاذيبها» و«صانعوها» فى الداخل والخارج حتى يومنا هذا بأنها «فشلت» والحمد الله أنها فشلت؟!

أى ثورة هذه التى قطعت الأرزاق وكبدت الاقتصاد المصرى خسائر نعانى منها حتى الآن، وفاقت فى قيمتها خسائرنا فى الحروب مع إسرائيل؟

أى ثورة هذه التى أوقعت «الفتنة» بين المصريين، ففرقت بين المرء وزوجه، وبين الأب وابنه، وبين الصديق وصديقه؟

أى ثورة هذه التى كان من أبرز إنجازاتها اقتحام وإحراق أقسام الشرطة وسرقة المتحف والمولات والمحلات والمنازل والسيارات، وترويع الآمنين؟

أى ثورة هذه التى كان من أبرز نتائجها ضياع الأخلاق، وإهانة الكبار، وانهيار القانون، ووصول جماعة متطرفة للحكم، وفتح أبواب سيناء أمام ميليشيات الأرض، وبناء سد النهضة، و«نهب» أموال الدولة فى صورة تعيينات ومرتبات وعلاوات وزيادات بالإكراه، ودعم غير مستحق؟!

أى ثورة هذه التى لم يستفد منها سوى اللصوص والبلطجية والمسجلون، بداية من المتعدين على الأراضى الزراعية ومخالفى البناء، ونهاية بسائقى الميكروباص والتوك توك والباعة الجائلين وعصابات الألتراس؟

أى ثورة هذه التى قامت على تكنولوجيا الاتصال الحديثة، ومع ذلك، اقترح «مهاويسها» أن تمتد 50 سنة على غرار الثورة الفرنسية، باعتبار إننا «شعب فاضي»؟!

أى ثورة هذه التى لم يعرف المشاركون فيها أنها «ثورة» إلا بعد قيامها بأيام؟

أى ثورة هذه التى بدأت كمظاهرة ضد الشرطة فى عيدها، ثم رفعت بقدرة قادر شعارات أخرى متباينة، من إسقاط النظام، إلى «إسقاط مخالفات نيابات المرور» وأحكام تجار المخدرات؟!

أى ثورة هذه التى لم يكن لها مطالب محددة أو مفهومة أو منطقية، بدليل «استعارة» هتافها الرئيسى «الشعب يريد تغيير النظام» من دولة أخرى لا تزال تعانى من «ثورتها» حتى يومنا هذا، ويزعم الإعلام الغربى أن معاناتها سببها الابتعاد عن «الربيع» لا «الربيع» نفسه، لا والله؟!

أى ثورة هذه التى لم يكن كثير من مشاركيها أصلا يعرفون معنى كلمة «النظام» الذى هتفوا بإسقاطه، فهل هو نظام الحكم، أو النظام بمعنى القانون والدولة، أو النظام بمفهوم «برايز» فى «فيلم ثقافي»؟!

أى ثورة هذه التى لم يكن لها قائد ولا قيادة؟ وحتى عندما ظهر لها قادة، كانوا «عارا» عليها؟

أى ثورة هذه التى تمسحت بالحرية والديمقراطية والليبرالية، ومع ذلك، كان السادة الثوار «يتعفرتون» كلما جاءت سيرة استفتاء أو انتخابات، ويتهمون معارضيهم دوما بأنهم «نظام» أو «بلطجية» أو «أمنجية»؟

أى ثورة هذه التى اختصمت «طوب» الأرض، فنادت بإسقاط النظام والرئيس والحكومة والبرلمان والحزب الحاكم والجيش والشرطة والقضاء والنائب العام والإعلام، ولم يسلم من أذاها السياسيون والفنانون والأدباء؟!

حتى أفضل أيام هذه الثورة «المجيدة» وهى ليالى السهر والبرد وسط الجيران وسط «اللجان الشعبية» لم تكن سوى تنفيذ عملى لخطة «الشرطة البديلة» التى كانت الخطوة التالية لها إسقاط الجيش، والثالثة الانهيار، والرابعة الاحتلال، والخامسة التقسيم، وفقا لسيناريو العراق وصدام!

قولوا عن يناير وأيامه ما شئتم، ولكن دعونا نحن أيضا نقول عنها ما نشاء، فيناير بالنسبة للتاريخ ليس مجرد مظاهرات و«خيم» وهتافات و«كوفية» وصورة مع دبابة، بل نتائج وأحداث وأرقام وأدلة وواقع فاضح على الأرض ما زلنا نتجرعه ونداويه، ونحمل رئيسنا الحالى «أوجاعه»، والحق أننا لن نخطو خطوة للأمام إلا بعد أن تحصل «يناير» على التوصيف الحقيقى لها في الدستور!

.. كل عام ومصر بخير بمناسبة عيد الشرطة!


لمزيد من مقالات هانى عسل

رابط دائم: