رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

السيسى و«السادات» .. والكيلو 93!

بصراحة، الخروج من القاهرة مكسب، أيا كانت الأسباب!

قديما، كان أهل الريف يطلقون عليها اسم «مصر»، فقد كانت هى «الحضر»، وكل شيء، و«الكل فى الكل»، بتاريخها، وأهلها، وسحرها، وصخبها، وسكانها، واتساع رقعتها.

ولكن مع تزايد مشكلاتها، وطغيان الزحام والغبار والفوضى والانفلات والقبح على التاريخ والسحر والصخب، وتزايد معاناة أهلها، وتحول اتساع رقعتها إلى «لعنة»، تبدل الحال، وصارت القاهرة «مخنوقة» بأهلها وزائريها معا، بدليل أنك بمجرد أن تخرج من حدود القاهرة الكبرى إلى مدينة أخري، تشعر وأن «غمة» كبيرة انزاحت من على صدرك!

لا أتحدث عن الإسكندرية أو بورسعيد أو الإسماعيلية، الأنظف والأرقى والأفضل حالا من القاهرة، ولكن أتحدث عن المدن والمجتمعات حديثة المنشأ نسبيا، أو الجاذبة بحق، بداية من شرم الشيخ والغردقة، ونهاية بالتجمع الخامس و6 أكتوبر والعبور والعاشر من رمضان والسادات، وغدا، تزين العاصمة الإدارية الجديدة هذه القائمة.

فى هذه المجتمعات «البكر»، تتأكد تماما من أن القاهرة الساحرة «وهم» كبير، وأن من يبادر بالخروج من عنق زجاجة العاصمة القديمة، الآن، وليس غدا، هو من سيربح، ويستفيد، ويرتاح.

صحيح أن بعضا من هذه المدن والتجمعات الجديدة لا يخلو من المشكلات، إلا أنك تستطيع أن تشعر فيها بأنك «حر»، وبأنك خرجت من «القمقم» بحق، فتستمتع بالهدوء الذى أصبح حلما بعيد المنال فى القاهرة منذ زمن، وتستنشق الهواء النقى الذى طردته عوادم سيارات العاصمة منذ عقود، وترى الحداثة التى خاصمت مدينة المعز منذ الستينيات، وتستلذ سحرا وجمالا طبيعيا لم يعد له مكان فى عاصمة المحروسة، التى أصبحت فيها القمامة مشهدا معتادا، اللهم باستثناء بقع صغيرة نادرة متبقية فى بعض أحيائها مثل الزمالك ومصر الجديدة والمعادي!

وفى المدن أو المناطق الجديدة أيضا، لن تستطيع أن تخفى إعجابك عندما تلتقى وجها لوجه مع شاب اختار العمل والإقامة وتكوين أسرة فى إحدى هذه المدن، مستغنيا بشكل كامل عن «صيت» القاهرة المزعوم!

وفى هذا الصدد، اندهش الجميع عندما قال وزير الإسكان مصطفى مدبولى أمام الرئيس السيسى فى مدينة العاشر من رمضان ارتفاع عدد سكان هذه المدينة الصناعية الصغيرة الواقعة فى محافظة الشرقية إلى نحو مليون نسمة، واندهشت أكثر عندما أكد الوزير فى السياق نفسه أن معظم هؤلاء المليون يقيمون مع أسرهم ويعملون فى العاشر أيضا!

واندهشت أيضا عندما قرأت أن سكان مدينة السادات التى زارها الرئيس أمس الأول – الإثنين – اقترب أيضا من حاجز النصف مليون نسمة، معظمهم من العاملين المقيمين فى المدينة!

قبل زيارة السيسى لها، كانت معلومات المصريين عن مدينة «السادات» تنحصر فى أنها تقع عند الكيلو 93 من طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي، وأنها «بعد الريست هاوس بشوية»، وأنها تتبع محافظة المنوفية إداريا، وأنها كانت مشروع عاصمة منذ أيام السادات، وفشل، إلا أن ما لا يعرفه كثيرون هو أن هذه المدينة، الصناعية الزراعية، والتى تصلح أيضا لسياحة اليوم الواحد لو نالت اهتماما، تنتج بما يقدر بـ66 مليار جنيه سنويا، وقد يتضاعف هذا الرقم مع عودة تركيز الدولة عليها وعلى باقي المدن الصناعية، خاصة وأن «السادات» تصلح لأن تكون معقلا للصناعات الثقيلة، وأيضا للصناعات الصغيرة والمتوسطة، التي تقوم عليها الاقتصاديات الصاعدة، والأجمل من ذلك أن منظمة الصحة العالمية وضعت المدينة ضمن أفضل عشرة مجتمعات صناعية فى الشرق الأوسط، لنظافة بيئتها وسلامة مواردها الطبيعية.

فى الكيلو 93، أجمع الحاضرون من رجال الدولة والصناعة على أن زيارة الرئيس لمدينة السادات تدشن عصرا جديدا تماما، ولمصانعها، وظهر ذلك من خلال عدم انبهار الرئيس بالمشروعات والافتتاحات الرائعة بقدر «قلقه» على نفقات تمويل صيانة واستمرارية كل مشروع أو منشأة، وظهر ذلك أيضا من خلال تعليقات الرئيس الدقيقة جدا على الطريقة الآمثل لتنفيذ مشروع مدينة النسيج الصينية “المليارية”، كما أعجبني تفكير أصحاب المصانع هناك «خارج الصندوق»، تماما كالصينيين والكوريين، عبر تركيزهم على هدف تصدير منتجاتهم إلى الدول المجاورة التى تمر بمرحلة إعادة الإعمار، بدلا من الدخول المتأخر إلى أسواق أخرى “متخمة”، ومزدحمة.

وأخيرا، ومن رحم «هدوء» و«ثقة» مدينة «السادات»، خرجت كلمات الرئيس أيضا واثقة وهادئة، ومتزنة، تدعو للتعقل فى منطقة «مجنونة»، وترفض التآمر فى زمن «عز فيه الشرف»، وتنبذ التطاول فى عصر يحكم فيه المتطاولون دولا!

وكان أفضل ما قيل فى هذا اليوم أن مصر دولة «سلام» و«بناء» و«تنمية»، وليس أى شيء آخر.


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: