تعلمنا أن الدراما هى مرآة للمجتمع وانعكاس لواقع الحياة الاجتماعية بما فيها من تفاعلات وروابط إنسانية وصراع بين الخير والشر. لكن معظم صناع الدراما فى وقتنا الحالى يرفضون شعار (دراما أو سينما نظيفة) ويعتبرونه دخيلا على صناعتهم وتقييدا لحرية الإبداع, وعندما تناقشهم فى المفهوم المتعارف عليه بأن الدراما تعكس الواقع لكنها مسئولة عن قيادة وعى المشاهد نحو الحق والخير,تجدهم يتنصلون من المسئولية ويتخلون عن دورهم التنويرى, رغم تمسكهم بتوصيفات مطاطة تعظم من قيمة أهل الدراما والسينما مثل القوة الناعمة والسفراء فوق العادة وغيرها من التوصيفات التى تداعب شغف المشاهدين بالنجوم. وينطبق ما سبق بشكل حرفى على مسلسل (سابع جار) الذى يعرض فضائيا, ويثير حالة جدلية ويتصدر مواد البحث على محركات البحث بسبب الجرأة الشديدة لقصصه الإنسانية واستخدام ممثليه اللغة المتداولة بين أفراد الأسرة بدون (فلاتر) والتى تقترب من لغة السوقة والدهماء!
يرصد المسلسل قصص ساكنى عمارة سكنية وما تحمله حياتهم من أسرار ومشكلات وعلاقات مشبوهة خلف الأبواب المغلقة، وهى مادة درامية غنية يمكن أن تكون مرشدا لتنوير المجتمع وتعظيم دور الأسرة المصرية التى تواجه أكبر تهديد لتماسكها بفعل ظروف اقتصادية واجتماعية خانقة لكن صناع العمل اختاروا الشطط والمعالجة الدرامية الأسهل من أجل مشاهدة أكبر وفتح منافذ تسويق أكثر من خلال التركيز العمدى على سوءات الأسرة والخفايا الفاضحة للعلاقات الاجتماعية دون وضع شخصيات بتفاصيل درامية محددة تجذب المشاهد نحو الحق دون التباس مع الباطل. وكما هو متوقع يجادل صناع العمل بأن الفن يقدم (استثناءات) من الواقع وليس الواقع بحذافيره, وأن هذا الواقع أكثر سوادا وينبغى أن يعتمد المشاهد على وعيه للتفريق بين الحق والباطل وهو ما يقودنا للمناقشة الجدلية حول العربة والحصان !
صناع الدراما وهم يتنصلون من مسئولياتهم تجاه المتلقى يبطلون بأيديهم هذه الهالة التى يحيطون بها أنفسهم ماداموا يديرون ظهورهم للدور الحقيقى للفن (التنوير والإصلاح) وليس مخاطبة شباك التذاكر والتسويق الفضائي,ليستحقوا لقب (سابع ضار) وليس (سابع جار)!
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: