رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

قنبلة ترامب!!

شهدت الأراضي الفلسطينية، حالة من الغضب والغليان الشديدين، إزاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، "الصادم"، بشأن نقل السفارة الأمريكية للقدس أو إعلانها عاصمة لـ إسرائيل، وسط تحذيرات من اشتعال الأوضاع خلال المرحلة المقبلة. والسؤال الذي يفرض نفسه الأن، هو ما الرد المناسب على هذا التعالي وإعلان الحرب الصريح على الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية؟ هل سيقود نقل السفارة والاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلى سحب الاعتراف بدولة الاحتلال والتحلل من تبعات "أوسلو" وحل السلطة؟ أم ستبقى الأمور تراوح في إطار الشجب والاستنكار والنضال القانوني والدبلوماسي؟

إن الفلسطينيين، وعقب القرارات الأمريكية الأخيرة، باتوا أمام مرحلة إستراتيجية جديدة، يجب أن يكون عنوانها التحرر من قيود "أوسلو"، ومقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة والممكنة، يظهر فيها الشعب الفلسطيني خلالها، أن القدس ليست عنوانا يمكن التفريط به والتساهل حياله.
وعلي الرغم من الرفض الدولي الواسع لقرار الإدارة الأمريكية فإن إسرائيل، تحاول انتهاز الفرصة للتوجه إلى دول أخرى، لمعرفة استعداداتها لتحذو حذو واشنطن، وتعترف بالقدس عاصمة لها. فها هي وزارة الخارجية الإسرائيلية والسفارات الإسرائيلية في العالم، بدأوا بعمليات فحص أولية مع دول أخرى لمعرفة ما إذا كانت ستوافق على السير على خطى واشنطن، واتخاذ إجراءات مماثلة، بما في ذلك نقل السفارات إلى القدس.
وأمام عاصفة ردود الفعل المتوالية، تطرح العديد من التساؤلات، حول ما هية الخيارات التي في جعبة الفلسطينيين، والخطوات التي من المتوقع اتخاذها إزاء تنفيذ وعد ترامب؟
فحسب مراقبين، فإن علي الرئيس محمود عباس، الإعلان وبشكل عاجل عن دولة فلسطين، ونقل مهام السلطة إلى قطاع غزة. فالحل في استبدال السلطة الفلسطينية بالدولة، مؤكدين علي أن قرار ترامب، مؤشر على أهمية إعلان عباس الدولة الفلسطينية. إن الاستنكار العالمي والبكاء على قرار ترامب لن يغير شيئا، وعلى العالم تثبيت وقائع أساسية، بإعلان دولة فلسطين، ومن ثم قطع التنسيق مع إسرائيل، وسحب أي اعتراف من السلطة بـ إسرائيل. لابد من أخذ زمام المبادرة، وتوحيد مؤسسات الشعب والصف الفلسطيني، لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، في إطار برنامج فلسطيني جامع وموحد، فلا خيار أمام الفلسطينيين إلا أنفسهم، ومحاولة استنهاض همم الشعوب العربية مرة أخرى لصالح قضيتهم لتكون فعلا قضية العرب المركزية.
تواجه السلطة الفلسطينية، أزمة خيارات حادة بعد اعتراف ترامب، بالقدس عاصمة لإسرائيل، خصوصا على صعيد خياراتها السياسية، سواء على صعيد مستقبل علاقتها بحكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، أوعلي صعيد أنماط تعاطيها مع الساحة الداخلية الفلسطينية. فقرار ترامب، لم يسدل الستار على فرص حل الصراع سياسيا فقط، بل إنه جعل البرنامج السياسي لرئيس السلطة، الذي يقوم على المفاوضات، غير ذي صلة بالواقع. وقد باتت القيادة الفلسطينية، مطالبة بتحديد مسار آخر لنمط العلاقة مع تل أبيب، في ظل انسداد الأفق السياسي على هذا النحو. فيمكن أن تتحول الاحتجاجات الجماهيرية إلى مواجهة شاملة، قد تسمح أيضا، بعودة العمليات الفردية، أو تلك التي تنفذ على خلفية تنظيمية. ومما لا شك فيه أنه في حال تحقق هذا السيناريو، فإنه سيمثل اختبارا لمستقبل التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
كما أنه بإمكان السلطة، أن تقدم على إجراءات قانونية ودبلوماسية ضد إسرائيل، مثل التحرك بشكل جدي لرفع دعاوى ضد إسرائيل، أمام محكمة الجنايات الدولية، أو تفعيل طلب الحصول على اعتراف دولي بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وهي الإجراءات التي تتردد قيادة السلطة، في الإقدام عليها بسبب الضغوط الأمريكية. في حين يري آخرون، أن أبلغ رد على قرار ترامب، يكون بزيادة الضغط السياسي العالمي على واشنطن، وتفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية ضد الشركات والمنتجات الأمريكية، لإثناء إدارة ترامب عن هذا القرار.
كما يتوجب علي الفلسطينيين، إعلان رفضهم المسبق لأي مبادرة يقدمها ترامب، لحل القضية باستثناء القدس، فضلا عن أن الولايات المتحدة، لم تعد طرفا نزيها للوساطة والتدخل في الصراع العربي الإسرائيلي، ورفض أي لقاءات مع الإدارة الأمريكية. أيضا من الأهمية بمكان، التحرك على المحور الفلسطيني المصري، إلى جانب الأطراف التي تنظر إلى فلسطين على أنها القضية الأساسية. ودعوة الجانبين الروسي والفرنسي، إلى استكمال ما شرعت فيه فرنسا، حول مؤتمر "باريس٢" لعملية السلام، وكذلك قيام موسكو، باستكمال دورها التي شرعت فيه، في وقت سابق، حول بلورة مؤتمر دولي حول عملية السلام في الشرق الأوسط.
أخيرا، إن القرار الأمريكي، رغم ما يحمله من دلالات خطيرة، فإنه فتح المجال أمام الدول العربية لبلورة تحرك عربي بشأن قضيتهم الأم، وهي قضية القدس والقضية الفلسطينية. المطلوب اليوم العمل الفلسطيني المشترك لتصعيد المواجهة مع الاحتلال، ورفع كلفة احتلاله، والخروج بشكل عارم إلى الميادين والشوارع تنديدا ورفضا للمساس بالقدس، فإذا لم تكن القدس سببا كافيا لتوحيد الفلسطينيين ودفعهم للخروج والمواجهة مع الاحتلال، فمن ذا الذي سيوحدهم ويدفعهم لذلك؟ ومن ثم فإن علي الفصائل والسلطة الفلسطينية، في ظل القرار الأمريكي، المضي قدما بالمصالحة والوحدة الوطنية، وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة، والتحلل من التنسيق الأمني مع الاحتلال، واتخاذ قرارات إيجابية باتجاه المصالحة، والإعلان بشكل واضح أن قرار نقل السفارة، يتناقض بشكل كامل مع برنامج التسوية الذي تتمسك به السلطة.


لمزيد من مقالات ابراهيم النجار;

رابط دائم: