ماذا يحضر لليمن يا ترى بعد مقتل علي عبد الله صالح؟ فقصة الرجل، من بدايتها حتى نهايتها أغرب من الخيال.
هذا الداهية الذي تلاعب بكل القوي السياسية، وأتي بالمتناقضات كلها، حقق الوحدة ودافع عنها، وأفشل المشروع الانفصالي، غير أن سياساته غذت الرغبة في الانفصال مجددا، حارب الحوثيين في ست جولات دامية، ثم تحالف معهم، وهيأ لهم الطريق إلي صنعاء، تعرض لمحاولة اغتيال في مسجد النهدين، كاد يقتل فيها، لكنه خرج منها أقوي مما كان، قبل المبادرة الخليجية مكرها، لكنه ظل يماطل في توقيعها حني لا يوقع علي شهادة وفاته -كما كان يقول- كان يريد من تحالفه مع الحوثيين شيئا، وكان الحوثيون يريدون شيئا آخر. هو جمهوري وهم ملكيون، وكان أمرا شديد الغرابة، أن يظهر صالح، في الإعلام قبل أيام ليدافع عن الجمهورية التي أهدر قيمها بتحالفه مع أنصار الحكم الإمامي.
قتل علي عبد الله صالح الرجل الداهية، رجل البقاء وصاحب كل الألقاب التي حملها علي مدار ما يقرب من أربعين عاما من الحكم، صار بها أقدم حاكم عربي، قتل بيد خصوم الأمس وحلفاء أول أمس، فمهما كان السياسي محترف، فإن اللعب على الحبال، اثبت تاريخا أن اللاعب سيسقط مهما كان ماهرا وذكيا. فأسرع عسكري سقط بعد أن لعب على الحبال، كان الزعيم عبد الكريم قاسم في العراق 1958-1963.
ولكن ماذا بعد مقتل صالح؟ سؤال طرح نفسه بقوة على الساحة الإقليمية والدولية، بعد مقتل زعيم حزب المؤتمر الشعبي العام ورئيس اليمن لأكثر من 30 عاما، حيث يرى كثيرون أن بمقتل صالح، سيزال أي حاجز يحول دون التحالف بين حزب المؤتمر والشرعية ضد ميليشيا الحوثي. ومنذ انقلاب ميليشيا الحوثي وصالح، على شراكتهم وظهر تباين في رؤى المحسوبين على الشرعية حول التحالف مع صالح ضد ميليشيات الحوثي، حيث رأى الكثير من قيادات الشرعية في ميادين الحرب، صعوبة ذلك نظرا لمشاركة صالح في تحالف قتل اليمنيين، بل أنه لم ينسحب من المجلس السياسي الرئاسي في صنعاء. ورغم الهالة الإعلامية، التي كانت تحيط بـ صالح، إلا أنه أصبح منذ التحالف مع ميليشيا الحوثي، بعيدا عن المعارك الميدانية وعن القيادة العسكرية على أرض المعارك، ومن ثم برزت أسماء أكثر قوة، على رأسها عودة القيادي العسكري الأبرز أحمد علي عبد الله صالح. ففور مقتل والده وصل العميد صالح الابن، العاصمة السعودية الرياض قادما من دولة الإمارات العربية المتحدة، لقيادة العمليات العسكرية ضد ميليشيات الحوثي، وهو ما سيمثل ثقل عسكري للحرس الجمهوري اليمني.
وبعد وفاة الرئيس السابق صالح، على يد مليشيا الحوثي، بدأ جدل واسع يثار، حول من يخلف الرجل في قيادة الحزب. وعلى قدر ما يمثل عارف الزوكا الأمين العام لحزب المؤتمر، إلا أن الكثير يستبعدوا أن يخلف صالح، في قيادة المعارك، وإنما قد يكون هو المسئول عن الحزب كجانب سياسي.
ويتجه آخرون للقول، أن أبرز من سيظهر للواجهة بعد مقتل صالح، هو نجله أحمد صالح، والذي يعيش حاليا في دولة الإمارات العربية المتحدة، وسيقود الجانب العسكري لتطهير البلاد من الحوثيين. في حين يرى مراقبون، أن مقتل صالح، بهذه البشاعة يعطي التحالف العربي، جرس إنذار أخير، بحجم وخطورة مليشيا الحوثي الانقلابية الجناح العسكري لإيران في اليمن، وضرورة التخلص منها والقضاء عليها.
ويؤكدون علي ضرورة أن يعد التحالف العربي والجيش اليمني خطط عسكرية شاملة وعاجلة لتحرير صنعاء وبقية المحافظات، والتخلص من مليشيا الحوثي، بشكل كلي لبتر ذراع إيران العسكري في اليمن. وأكدوا علي أن مقتل صالح، بهذه السهولة على الرغم من الانتفاضة الشعبية ضد الحوثيين في صنعاء، أغلق الباب أمام التحالف العربي والجيش اليمني، على المراهنة على أية خيارات أخرى للحسم سوى على يد الجيش الوطني، وهو ما يجعل خيار الحسم عن طريق الجبهات هو الخيار الوحيد والأساسي لحسم المعركة بتحرير البلاد.
لمزيد من مقالات ابراهيم النجار; رابط دائم: