رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

العبرة من الاغتيال

نعم فشلت محاولة اغتيال اللواء توفيق أبو نعيم، قائد قوى الأجهزة الأمنية في غزة، فالفشل ليس فقط في محاولة التنفيذ، بل أيضا في الإجراءات الأمنية المتخذة لحماية رأس الأجهزة الأمنية في قطاع غزة. التقصير في حماية رجل بهذا المستوى وفي هذا التوقيت الحساس من تمكين الحكومة، انعكس في سهولة التفجير الذي استهدف اللواء أبو النعيم، لتعطيل مسار قطار المصالحة تطبيقا لاتفاق القاهرة، وربما لتعطيل الإجراءات الأمنية المتخذة لضبط الحدود مع مصر، والتي يقودها أبو نعيم شخصيا.

التقصير انعكس أيضا، في وصول أيدي المنفذين بهذه السهولة إلى السيارة الخاصة برأس الأمن في القطاع، ووضع العبوة الناسفة فيها، أيا كان نوعها ومكانها وطريقة التشغيل، دون أن يتم اكتشافهم في المكان والزمان، أو على الأقل التصعيب عليهم وإحباط غايتهم. هناك عدة قواعد أمنية معدة لحماية الشخصيات الأمنية والسياسية في المواقع الحساسة، لم تتبع مع اللواء أبو نعيم، ولا مع غيره في هذا الظرف الحساس الذي تمر به "فتح" و"حماس". من بين هذه القواعد الأمنية، كان يجب وضع دوائر أمنية مغلقة بإحكام حول هذه الشخصيات، وحصر تحركاتها أيضا في مسارات ومناطق مغلقة وممسوحة أمنيا بشكل جيد، وعدم التساهل بهذه الإجراءات تحت أي مبرر وعدم ترك وسائل تنقلهم في الطرقات مكشوفة، دون وضعها تحت حراسة مشددة.
اللواء أبو نعيم، أحد قادة حركة "حماس"، ومسئول جهاز العمل الجماهيري في الحركة، تحرر من سجون الاحتلال ضمن صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011. وعقب تحرره من السجن بعد 22 عاما، شغل منصب رئيس جمعية "واعد"، للأسرى والمحررين. وفي عام 2015، عينت قيادة وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة، أبو نعيم قائدا جديدا لقوى الأمن الداخلي. غير أن السؤال الرئيسي هنا، من يقف خلف محاولة الاغتيال هذه؟ فلم يمض أكثر من سبعة أشهر على اغتيال القيادي في "كتائب القسام" مازن فقهاء، حتى صدم الفلسطينيون، الأسبوع الماضي، بمحاولة اغتيال فاشلة تعرض لها قائد القوى الأمنية في غزة، اللواء أبو نعيم. محاولة الاغتيال، فتحت الباب واسعا أمام التحليلات التي سعت لكشف الطرف المتورط، وأهدافه، وانعكاسات محاولة الاغتيال على الوضع الداخلي، لا سيما، أنها نفذت في أوج انشغال الساحة السياسية الداخلية بتمكين حكومة التوافق الوطني من أداء مهامها بغزة. وتشير أصابع الاتهام إلى الاحتلال، أو بعض العناصر الموالية لتنظيم "داعش"، الذين شنت بحقهم الأجهزة الأمنية بغزة، مؤخرا أوسع عمليات اعتقال وملاحقة في أعقاب التفاهمات التي جرت مع مصر.
محاولة اغتيال أبو نعيم، كانت دقيقة، باختيار شخصه والتوقيت الذي يتميز بكثرة الحركة وتنقل الناس، وهو ما يدلل أن الفاعل متمكن جدا، ولديه دراسة مسبقة للثغرات الأمنية الخاصة به. وحسب مراقبين، فإن المسئولية الأولى عن الاغتيال تقع علي عاتق الاحتلال، والذي اتضح بعد عملية اغتيال الأسير المحرر مازن فقهاء، أنه يخوض حربا مع الأسرى الذين تقلدوا مناصب رفيعة، سواء أمنية أو سياسية وعسكرية في فصائل المقاومة. كما أن الاحتلال، - ولعله ليس سرا - يقف وراء بعض التنظيمات المتطرفة في غزة، حسبما كشفت عنه مؤخرا تحقيقات الأجهزة الأمنية. حالة التراخي الأمني، وعدم وجود إجراءات أمنية مشددة من قبل قادة المقاومة والأجهزة الأمنية، تعتبر أحد الأسباب الواضحة لتنفيذ محاولات اغتيال لشخصيات قيادية في غزة.
محاولة اغتيال شخصية بحجم أبو نعيم، تعتبر تطورا نوعيا وخطيرا ، ينبأ أن هناك من يحاول العبث وخدش الاستقرار الأمني، ويبدو أن الاحتلال مستفيد وبشكل كبير، من محاولة اغتيال أبو النعيم، لدوره السابق في المقاومة، والحالي في حماية المقاومة عبر عمله في الأجهزة الأمنية.

فلا يخفي علي أي متابع، الدور الذي لعبه أبو نعيم مؤخرا، لا سيما بعد التفاهمات التي جرت مع الجانب المصري، والتي أفضت لضبط الحدود لمنع خروج هؤلاء المتشددين فكريا من تجاوز الحدود والوصول إلى الأراضي المصرية، وعلي الأرجح أن هذا أغضبهم بشكل واضح.

العملية لها تبعات خطيرة، ويمكن أن يكون للاحتلال يد، ويريد من وراءها توجيه ضربة للاستقرار الأمني الذي يعتبره مضرا له. وحتى لو ثبت تورط الاحتلال في محاولة الاغتيال، فهل سيكون لفصائل المقاومة رد؟ وما شكله وحجمه؟. أخيرا، لاشك أن التفجير دليل على تقصير في الحماية، وثغرة في المنظومة الأمنية، التي يجب إعادة النظر فيها، واستخلاص العبر مما حدث فورا، لمنع ما لا يحمد عقباه.


لمزيد من مقالات ابراهيم النجار;

رابط دائم: