آخر من مثل الثقافة الإسلامية باليونسكو، كان السنغالي مختار امبو، حيث عين السيد امبو، مديرا عاما مساعدا للتربية في نوفمبر1970. وسعى أثناء توليه إلى تحقيق هدفين رئيسيين هما، إنفاذ الحق في التعليم وإصلاح النظم التعليمية في البلدان الصناعية والبلدان النامية على حد سواء.
وعين السيد امبو مديرا عاما لليونسكو في عام 1974، وبقي في هذا المنصب حتى عام 1987. وكان أول شخص من البلدان النامية، يأتي علي رأس وكالة دولية بارزة. شارك السيد امبو، في عضوية الجمعية الوطنية في السنغال، وتولى ثلاث حقائب وزارية في الحكومة السنغالية. فقد عيِن وزيرا للتربية والثقافة، خلال المرحلة الانتقالية التي سبقت استقلال البلاد (1957- 1958)، وترك هذا المنصب للمناضلة من أجل استقلال بلده. ثم وزيرا للتربية (1966 - 1968)، ووزيرا لشئون الشباب والثقافة (1968 – 1970). أعد السيد امبو، العديد من الدراسات عن التعليم في المدن السنغالية، كما وضع عدة كتب عن موضوعي التربية وأفريقيا، فضلا عن كتب مدرسية عن التاريخ والجغرافيا.
هذه المقدمة لماذا؟ بادئ ذي بدء، لابد من الاعتراف اليوم، بأن كل أطروحاتنا الوطنية والقومية تحتاج منا جميعا وقفة صادقة مع النفس، ليس لجلدها، وإنما لمواجه الواقع، ومحاولة فهم وإدراك الأسباب الحقيقية لطبيعة الأشياء. إذا أردنا لبلدنا الإصلاح، فيجب أن نعترف بأخطائنا أولا. وفي إطار تقييم التجربة الخاصة بخوض المنافسة الدولية باليونسكو، نستطيع أن نقول، إن اختيار السفيرة مشيرة خطاب، كان اختيارا موفقا إلي حد ما، أعضاء الحملة الانتخابية الخاصة بها، لهم ثقل دولي، كما أن الخارجية المصرية، أدت دورها المنوط بها. فقد خاضت خطاب، جميع المراحل التنافسية، وفي كل مرحلة كانت تحرز تقدما، لابد من الاعتراف بكل الجوانب الإيجابية في التجربة. ولعل هذه التجربة، تكشف لنا عن بعض الجوانب التي تتطلب تعاملا مختلفا وبأساليب أخرى، من المهم أن تخوض المنافسة، وأنت مؤهل لها، أما المكسب والخسارة فلهما من الجوانب الخفية التي ستظهر آنيا أو بعد حين.
ليس عيبا أن نخسر معركة اليونسكو، كمنصب ثقافي دولي مرموق، وإنما، في اعتقادي، العيب أن نخسر معركة الثقافة في الداخل والخارج، فالثقافة ليست من اهتماماتنا، الثقافات التي تربطنا بها علاقات تاريخية، أصبحت تسبقنا بمراحل، الثقافة الهندية، الثقافة الفارسية، وغيرها. هذه الثقافات تكسب أرضا جديدة كل يوم، وتزداد تألقا وإشعاعا، وتلقي قبولا وإقبالا واعترافا واحتراما في الشرق والغرب. ليس المهم أن نكسب وظيفة ثقافية ذات طابع دولي، المهم أن يكون لنا حضور ثقافي في العالم. وأن يكون لدينا مشروع ثقافي في الداخل.
ما جرى في اليونسكو، أننا اعتمدنا على منجزات السابقين منذ عشرات السنين، والتي ينافيها بشكل أو بآخر، أوضاعنا الثقافية والعلمية غير المرضية، ناهيك عن السياسات والقرارات الداخلية في مجالات الثقافة والفنون والعلوم والآداب. أيضا، التأخر في حملة الترويج والدعاية - وهى عادة سيئة التأخر والسرعة غير المدروسة، في إعداد القضايا والملفات - في حين كانت هناك تحركات واعية ومدروسة من المنافسين محليا وإقليميا ودوليا، منذ أكثر من عامين. اعتمدنا أيضا وللأسف الشديد، علي انتظار هدايا الآخرين- من قبيل سحب بعض الدول لمرشحيهم - وعدم الاهتمام بإصلاح الشئون الثقافية الداخلية والانخراط فيها.
وكثير من وسائل الأعلام والمواقع الإخبارية، نوه في هذا الشأن لجهود وسياسات الإعداد والترويج التي اعتمد عليها المرشح القطري، والمرشحة الفرنسية صغير السن 45 عاما فقط، ونقلا عن هذه المصادر، فيما يخص بعض التفاصيل حولها ومدى كفاءتها لشغل المنصب، أودري أزولاى المنحدرة من أصول يهودية مغربية، تقلدت وزارة الثقافة والاتصالات، ما بين 2014 و2016، في حكومة رئيس الوزراء السابق مانويل فالس. وفى حوار نشر أخيرا في صحيفة "نيس ماتان" الفرنسية، قالت أوزلاى، إنها نشأت في أسرة ذات ميول يسارية، وأبنة أندرية أزولاى مستشار ملك المغرب الحسن الثاني، ثم الملك محمد الخامس.
من جانبه أصدر رئيس جمعية التراث الفرنسي، بيانا عن ترشيح وزيرة الثقافة لمنصب رئيس اليونسكو، قال فيه، " إن أوزلاى، بدأت خطوات التأهل لهذا المنصب من ثماني سنوات ". موضحا، أنها في أبريل 2014، اشتركت في عملية حصر التراث غير المادي في فرنسا، وفى نوفمبر 2015 نظمت أمسية رائعة فريدة من نوعها في إطار حملة لتطبيق مشروع الإنسانية برعاية، جيرارلارشيه، رئيس مجلس الشيوخ.
لمزيد من مقالات ابراهيم النجار; رابط دائم: