رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

وثبة (الهوسا) الإيرانية !

وثبة جديدة واسعة النطاق يحققها النظام الإيرانى (بتصويب سلاح الإعلام) فى اتجاه إفريقيا الغربية هذه المرة، ونحن وقوف نستمتع بلعب دور المشاهد لما يدور من أحداث، من بعد أن غضضنا الطرف عن نشاط ثقافى إيرانى موسع فى القارة السمراء ارتدى أقنعة المدارس والمستشفيات والمراكز الثقافية تارة؛ ثم ارتدى قناع النشاط الاقتصادى والتبادل التجارى الواسع؛ ثم كان بديهيا بعد ذلك أن يرتدى قبعة عسكرية مابين تسليح وتدريب؛ ثم هاهو البارحة يحقق لتوه مزيدا من السيطرة بإطلاق (قناة فضائية) تستهدف أكبر مجموعات بشرية فى القارة يبلغ قوامها نحو مائة مليون نسمة؛ تلك الجموع المتجانسة التى تنتشر وتتشعب مابين نيجيريا والنيجر والكاميرون وساحل العاج وتشاد وتوجو وغانا؛ يعيش جلهم فى قرى و مدن صغيرة؛ ويقتاتون على الرعى والزراعة والتجارة ويتكلمون لغة واحدة ــ قبائل الهوسا !!

والمتابع للتكتيك الإيرانى بشكل عام يمكنه أن يختصره فى كلمة واحدة لا ثانى لها ــ (التوسع)؛ فى مقابل (تقوقع) تمارسه القوى العربية على بأسها ؛ وليس بالضرورة أن يكون التقوقع محصورا بالمدلول اللغوى داخل الحدود الجغرافية للبلد الواحد، وإنما قد يكون التقوقع منطبقا لغويا أيضا على الانكفاء داخل التكتل (السني) بعرض الشريط العربى من المحيط إلى الخليج ؛ باعتقاد أن الانشغال وانحصار الاهتمام فى التأثير من خلال التواصل داخل وعاء اللغة الواحدة والمذهب الواحد يمثل قمة التحقق الأيديولوجى للأنظمة السياسية.

فليس يخفى على أحد تلك النزعة التوسعية الممنهجة لإيران الشيعية منذ اندلاع شرارة الثورة الخمينية عام 1979؛ من بعد أن تبنت راية المذهب الجعفرى الإثنى عشرى واعتبرته عمادا أيديولوجيا لتحقيق أحلام هيمنة قديمة يبدو أنها ذات طابع ملح داخل العقل الفارسى منذ القدم.

وليس يخفى على أحد أن الثورات ذات الطابع التوسعى ما إن تجد ضالتها فى أيديولوجية تتبناها حتى تجدها تبحث بنهم عن عدو تضعه نصب عينها لتحقيق أهدافها وتوحيد صفوف الجموع المتعطشة لتحقيق غاية من وراء ثورتها؛ وليس بالضرورة أن يكون العدو كيانا واحدا بعينه، وليس بالضرورة أن يكون العدو عدوا واحدا، وإنما قد تتعدد الكيانات ويتعدد الأعداء مادامت الغاية واحدة.

وليس يخفى على أحد أن الكيان الأمريكى كان هو العدو (المعلن) دائما أبدا أمام زحف الجموع الثورية الإيرانية لشحذها منذ اليوم الأول، غير أن أعداء (آخرين) كان لا بأس من استهدافهم أو ربما استخدامهم لتأجيج نار الثورة المتقدة كلما كادت تخمد.

وليس أوجه فى هذا السياق من عدو دينى وحبذا لو كان مذهبيا كمثل ذلك التكتل السنى الذى يلعب دون أن يشعر نغمة أيديولوجية غير متجانسة مع النغمة الأيديولوجية الشيعية، فكانت الحسينيات المنتشرة سرا وجهرا فى ربوع الوطن العربى تنشر الفكر الشيعى الإثنى عشرى وليس غيره (بلسان عربي) مبين؛ ثم كانت الفضائيات ذات العمامات السوداء التى انهالت من فوق رؤوسنا تبدأ بالحمد لله والصلاة على رسول الله، ثم سرعان ما تنجرف نحو أتون معترك تاريخى يجلد ظهر المشاهد الكريم بذنب ما قد حدث فى (دهاليز التاريخ الإنساني) تحت سقيفة بنى ساعدة عقيب وفاة النبى صلى الله عليه وسلم ومن بعده فى موقعة الجمل وهودج السيدة عائشة رضى الله عنها، ثم يعرج رويدا رويدا إلى التشكيك فى المذهب السنى ككل من بين دفاف أمهات الكتب السنية ــ وليست الشيعية ــ بالدليل والحجة ، وإن استلزم الأمر تحديد رقم الصفحة داخل أعتى المراجع العلمية التاريخية السنية بالصوت والصورة؛ ذلك حتى لا يكون للناس على علمائهم حجة ! ولا مناص وقتئذ من توجيه خناجر التكفير والتشكيك والتقليل من شأن الصحابة وبعض أمهات المؤمنين ولامانع من مرور بين الحين والحين على حادثة الإفك ...وما شابه!

جهد جهيد منظم مدروس، مايعنينى بشأنه تلك الحرفية والجاهزية لمواجهة تكتل سنى عريض يتقن لغة القرآن أصلا ومن المفترض (نظريا) أنه مؤهل للدفاع عن مذهبه، فما بالك بجموع الهوسا وهى تتجرع الرسالة (بلسانها) عبر قناة جديدة تحمل اسمها ــ (قناة الهوسا) Hausa TV؟

... ليس عيبا أن نتعلم الدرس حتى وإن تجرعناه على يد عدو ظاهر أو حتى (خفي)، وإنما العيب أن نتجاهل الدرس (عن علم) بمدى خطورته؛ فإفريقيا الشيعية عائق لايستهان به أبدا على الصعيد الإقليمى سيشكل دون أدنى شك حجرا عثرا ثقيلا سيصعب تحريكه قيد أنملة وهو الراسخ على أرضية (عاطفية ذات طابع ديني) تروى بماء مساعدات اقتصادية وعسكرية ما إن تتأصل جذورها حتى يشتد عودها فتلقى فوق رؤوسنا تباعا (بالثمار) !

إن الانغماس فى تكريس خطاب إعلامى مصرى ـ مصرى أو مصرى ـ عربى أو سنى ـ سنى يعتمد طوال الوقت على رد الفعل وليس المبادرة هو بمنزلة انتحار عرقى منظم حتى وإن تخلله (ظاهريا) وميض صد هجمة إيديولوجية من هنا أو هناك؛ ذلك لأنها تشكل فى مجملها ومضات لاتسمن ولا تغنى من جوع شديد؛ يعوزها الكثير من التخطيط الممنهج والتكتيك المحكم ذى الرؤية والرسالة والأهداف والاستراتيجيات.

لمزيد من مقالات أشرف عـبد المنعم;

رابط دائم: