>> مصر اليوم فى عيد.. عيد الأضحى المبارك.. أعاده الله على مصرنا الحبيبة وأمتنا العظيمة.. ولا وجود لإرهاب على أرضنا أو خونة وعملاء بيننا!.
كل سنة وكل المصريين بخير وعلى خير.. ويارب اجعل أيامنا كلها أعيادا!.
......................................................
>> زمان.. قبل العولمة.. والتواصل الاجتماعى.. المصريون درجة إحساسهم بالخطر الذى يهدد الوطن عالية و«مُنَظَّمة» وخالية من «تفاهات الأنا».. أى من نواقص الأنامالية.. أى لا وجود لـ»أنا».. الموجود «نحن»!.
وقت ما قبل العولمة.. الوعى تُشَكِّلُه مؤسسات وطنية.. التليفزيون والمؤسسات الصحفية القومية والسينما!. التليفزيون حتى يناير 2011.. أعلى نسب مشاهدة وأعلى نسب تأثير.. برامج ومسلسلات وأخبار.. ونشرة 9 مساءً مثال!. الصحف القومية حتى هذا التاريخ.. لها حصتها فى تشكيل الوعى!.
السينما فى 2011 وما قبلها بسنوات وبعدها للآن.. تأثيرها بالغ جدًا فى وعى المصريين وسلوك المصريين وأخلاق المصريين.. لكنه بكل أسف تأثير سلبى مدمر ومخطط ومدروس وينفذ بعناية ونتائجه لا يختلف عليها اثنان!. سينما استهدفت ثوابت المجتمع وركزت عليها بنظرية الإلحاح على عقل وفكر ووجدان ووعى الإنسان.. فيلم واثنان وعشرة وعشرون.. نفس الهدف ونفس المضمون ونفس الرسالة.. إلى أن يتحول الأمر إلى يقين عام لدى المصريين.. بأننا جميعًا فاسدون!.
هدف ومضمون ورسالة السينما على مدى أكثر من ربع قرن.. التشكيك فى كل شىء وأى شىء.. والكارثة أنها.. أى السينما.. تشكك فى ثوابت اجتماعية.. تشكك فى الأسرة.. الأم والأب ومحصلة ذلك على الأبناء!. ملخص ما قدمته السينما.. كأنه لا توجد امرأة واحدة شريفة فى مصر.. ولا يوجد رجل واحد تنطبق عليه مواصفات الرجولة!.
السينما قامت بدور رئيسى فى تمزيع وتمزيق المجتمع وتأهيله لما هو قادم.. للفوضى.. التى وجدت عندنا أفضل مناخ!. مصر شارع جاهز للفوضى وفى غير حاجة لأنشطة مخابراتية تحرضه على الفوضى.. والبركة فى السينما وفى الأفلام التى اسمها فوضى وتدعو للفوضى وتحرض على الفوضى!.
الذى قامت به السينما ولا تزال.. الدولة تتحمل كامل مسئوليته.. يوم قررت من زمن.. تخليها عن صناعة السينما!. الدولة كانت تنتج أفلامًا.. ووجود الدولة داخل صناعة السينما أكبر حماية للسينما وللشعب!. تركت الدولة السينما.. بقرار من مسئول وقتها بالدولة هو من أخذ القرار.. وقناعتى أنه قرار مُتعَمَّد وليس عن جهل.. لأنه فتح باب التمويل الأجنبى السرى لإنتاج أفلام مصرية.. وتمويل السينما تأثيره أخطر مئات المرات من تمويل منظمات المجتمع.. وعليه!
السينما المصرية على مدى 25 أو 30 سنة.. قامت بالواجب وزيادة فى تأهيل المصريين للفوضى الخلاقة.. التى هى واقع أرادوه للمصريين واعترفوا به أمام المصريين!.
أعود إلى ما بدأت به الكلام.. زمان إحساس المصريين بالخطر العام مرتفع.. معدل تلاقى المصريين فى مواجهة الخطر سريع.. اتفاق وتطابق رأى المصريين رائع!. ليه؟. لأن وعى المصريين تُشَكِّله مؤسسات وطنية!. هذه المؤسسات الآن.. غارقة فى مشكلات أثرت على دورها فى تشكيل وعى المصريين.. فى أخطر توقيت!. لماذا؟.
لأنه فى الوقت الذى يُجَهِزُون فيه مصر للفوضى الخلاقة «من نهاية التسعينيات».. وأهم عناصر التجهيز.. دور السينما المؤثر جدًا جدًا على الشباب الذى هو فوق الـ60% من المصريين!. فى الوقت الذى فيه «تحرث» السينما.. «أرض» القيم والمبادئ والثوابت.. ويتضاعف دورها فى تشكيل وعى.. القطاع الأكبر من المصريين.. بجعل الفوضى جزءًا من فكرهم وكل وعيهم الباطن.. وإسقاط القيمة والمبدأ والعرف والتقاليد.. وإهدار دم الخِشَى والحياء.. واحتضان الإباحية وإعلاء قيمتها وتحريرها من سطوة التقاليد المحافظة!.
طبيعى أن تنتصر السينما بل تكتسح.. فى تشكيلها لوعى الشباب.. لأنها تُشكِّلُ هذا الوعى وفقًا لغرائز جنسية لا قيم تربوية.. ولهذا السينما كانت ومازالت.. تلعب أكبر دور سلبى.. وهذا الأمر لن يتوقف.. إلا بعودة الدولة لأهم عناصر القوة الناعمة!.
زمان.. كانت المؤسسات الوطنية أهم ركائز وعى الشعب.. الآن الأمر اختلف جذريًا!. المساحة التى خَلَت بابتعاد المؤسسات الوطنية.. احتلها ما عرفناه باسم التواصل الاجتماعى.. فيسبوك وتويتر وملحقاتهما!. أسباب كثيرة جعلت التواصل الاجتماعى يحتل هذه المكانة.. التى يبدو فيها وكأنه سلب إرادة الملايين.. الذين انصاعوا له طوعًا.. وكيف لا يحدث وهم متواصلون مع التواصل بالتليفون.. فى أى وقت وأى مكان!. فى أثناء الأكل.. فى أثناء المشى.. أثناء العمل.. ووصل الأمر فى أثناء قيادة السيارة!. التواصل الاجتماعى تملَّك كل وقت المصريين!.
عالم جديد ظهر فجأة.. أهم ما فيه.. أن الكل فيه على مسافة واحدة من التساوى!. يعنى إيه؟. مشكلة ما.. وكل يوم توجد مليون مشكلة مطروحة!. الكل يدلى برأيه.. والكل متعصب لرأيه.. تساوى فى ذلك الخبير الذى يتكلم عن عِلم.. ومن لا دراية له بالموضوع.. وقال رأيه!. ناس مع وناس ضد.. والاختلاف وارد.. لكن غير الوارد الشتيمة والسباب وقلة الأدب!.
نكتشف هنا.. أن التواصل الاجتماعى.. ليس هدفه تبادل الآراء لأجل الوصول إلى حلول.. إنما هو آلة صناعة الخلاف بين المصريين.. وهذا وحده شىء عظيم لمن بشرونا بالفوضى الخلاقة.. وهل هناك أسوأ من أن نختلف ونشتم بعضنا بعضًا.. بمجرد أن يقول إنسان واحد رأيه!.
فى ظل هذه الفوضى العارمة التى لا يحكمها سقف أو تربطها ضوابط.. والقائمة والموجودة يوميًا بمجرد وقوع حدث.. لتقوم دولة التواصل على حيلها.. رأى ورأى آخر وتتحول المسألة إلى حرب كلامية.. كلماتها تكشف حجم الكارثة التى وصلنا إليها!.
كارثة فقدان مفهوم وقيمة وأهمية الحوار بيننا كمصريين!.
كارثة اعتبار الشتيمة والبذاءة أسلوب حوار!.
كارثة إنكار الآخر بل كارثة عدائنا للآخر لمجرد أنه قال رأيًا يخالف رأيه!.
كارثة استباحة دم الحرية!. مات مفهوم حريتى تنتهى أمام حريات الآخرين!. الآن.. لا سقف للحرية!.
للعلم هذا المفهوم.. هو العمود الفقرى للفوضى الخلاقة التى نحن فيها!.
>> نحن فى زمن الفوضى الخلاقة وقمة الفوضى الخلاقة.. ليس فى دولة عربية واحدة.. إنما دول عديدة طالها الربيع العربى ومصر منها.. وربما تكون مصر أقلها!.
عندما تنظر إلى ليبيا والدمار الذى حل على ليبيا.. فى الظروف الطبيعية لأى شعب.. إرادة الانتماء تنتصر على أى شىء.. وتجد الشعب كله رجلا واحدًا وهدفًا واحدًا!. هذا لم يحدث.. لأنهم قبل أن يطلقوا «رياح ربيعهم العربى».. زرعوا مكونات الفوضى القائمة على استهداف العصبيات القبلية واللعب عليها!. اختلقوا هم الحدث الأول.. لإيقاظ فتنة القبلية.. وعملاؤهم قاموا بالواجب فى تأجيج مشاعر الكراهية.. ومجرد ظهور ألسنة اللهب.. كل شىء سينتهى كما أرادوا.. إلى دمار!.
دمروا ليبيا.. التى تحتاج إلى سنوات للعودة إلى الحياة.. والمصيبة أنهم يقفون على أطلالها منقسمين مختلفين رافضين أى فكرة لوقف نزيف الدم الليبى!.
هذا ما فعلته الفوضى الخلاقة بالوطن العربى.. ولا تزال!.
هل «جرفتنا» هذه الفوضى الخلاقة إلى «دَوَّامَتِها».. وسلبتنا إرادتنا لندور فى فلكها رغمًا عن إرادتنا؟. الحقيقة أن هذا هو الواقع المؤكد الثابت الذى نراه.. فى الدول العربية!.
السؤال المنطقى هنا: ألا يوجد سلاح نهزم به هذه الفوضى الخلاقة التى تملكت منا؟.
يوجد بالطبع.. والسلاح الذى ينسف الفوضى الخلاقة نحن أكثر شعب معرفة به.. وآخر مرة استخدمناه من أربع سنوات!
>> نعم.. عودة الوعى.. سلاح 30 يونيو 2013.. الذى أطاح بالإخوان فى نهار يوم وأسقط أكبر وأعقد مؤامرة لتمزيع وتمزيق الوطن العربى.. بما عُرِفَ بالربيع العربى!. سلاح أسقط الإخوان المدعومين من دول العالم الكبيرة.. ونسف مؤامرة الدول الكبيرة نفسها.. وأنقذ مصر من بحور الدماء التى جرت فى كل الدول التى هَبَّ عليها ربيع أمريكا العربى!.
الحقيقة التى لم نعرف حقيقتها.. ولم نحاول أن نستوعبها.. أن عودة الوعى للمصريين فى 30 يونيو.. أسقط حكمًا مستبدًا المخطط له أن يستمر قرونًا.. ونسف مخططًا مخابراتيًا لأكبر دول العالم لتحويل المنطقة من دول إلى دويلات.. الوعى الذى عاد.. حقق كل ذلك دون طلقة رصاص واحدة!. الوعى وعودته أقوى من صواريخهم النووية وطائراتهم ودباباتهم وأموالهم التى هى مئات المليارات تنفق على الجماعات الإرهابية التكفيرية ذات الأسماء المختلفة والأصل الواحد الذى خرج من رَحِمِ الإخوان!.
فى 30 يونيو 2013.. عاد الوعى عندما ألَّفَ الله سبحانه وتعالى بين قلوب المصريين.. لنجد 30 مليون مصرية ومصرى.. على قلب واحد وهدف واحد وإرادة واحدة.. وأى قوة فى الدنيا بإمكانها أن تصمد لحظة أمام إرادة 30 مليونًا جمعهم وعى واحد.. قرارهم واحد.. هدفهم واحد!.
وفى أقل من شهر.. ألَّف الله قلوب المصريين مرة أخرى يوم 26 يوليو 2013.. وعى واحد فى وقت واحد.. «يُشَاوِر» لهم على شخص واحد.. بأن يثقوا فيه ويتبعوه لأنه من اختاره الله حاكمًا لمصر!. «قل اللهم مالك المُلك تؤتى المُلك من تشاء وتنزع المُلك ممن تشاء» صدق الله العظيم.
عودة الوعى للشعب فى 26 يوليو 2013.. أظنها لم تحدث فى أى دولة بالعالم!. المصريون فى شهر رمضان.. نشاطهم فى الصيام محدد.. وكل شىء عندهم مُرَحَّل إلى ما بعد الإفطار.. وغالبًا يعتذرون عنه.. لأنه من بعد أذان المغرب وحتى الفجر.. هناك المسلسلات التى جعلناها ملمحًا أساسيًا لشهر رمضان.. ونحن وصلنا إلى 20 و30 مسلسلاً فى رمضان!. وعندنا التراويح وعندنا الزيارات العائلية.. وعندنا ما لا نضعه فى الحسبان!. موائد الإفطار عليها ما يفوق أى شهية بآلاف المرات.. وعليه!. بعد الإفطار.. القدرة على الحركة معدومة.. لأن عشرات الأصناف التى كانت على الموائد.. راقدة فى البطون.. ومن بإمكانه النهوض من مكانه.. وليس الحركة والمشى والخروج من البيت!.
أن يخرج 40 مليون مصرية ومصرى من منازلهم إلى ميادين مصر كلها من صباح 26 يوليو.. باعتبار نزولهم للميادين.. تفويضًا لجيش مصر لمواجهة إرهاب محتمل!. أن يحدث هذا.. فهذا إعجار مُكمِّلٌ لإعجاز 30 يونيو.. وفى اليومين وعى المصريين هو البطل!.
>> أربع سنوات مَرَّتْ على عودة الوعى مرتين فى شهر.. هل يكرمنا الله ويعود الوعى للمصريين فى وقت صعب.. صعب التغلب عليه وتخطيه ومصر تصلب عودها.. مرهون بعودة الوعى!.
عودة الوعى.. تجعلنا جميعًا نحن المصريين.. نتفق على أن نتفق!.
تجعلنا نرى الأمور على حقيقتها!.
تجعلنا نعيد الحوار إلى مكانه ومكانته.. ليكون هدفه الوصول للأفضل للوطن!.
تجعلنا لا نتكلم.. نُحِبُّ لا نكره.. نتكاتف لا نتفرق.. «نحن» لا «أنا»!.
أضرب لحضراتكم مثالاً نعيشه.. ومنه نعرف ما أحوجنا إلى عودة الوعى!.
أمريكا من سنوات وتحديدًا من التسعينيات.. وهى تلعب بحدوتة المعونات.. مدخلاً للتدخل السافر فى شئوننا!
من أيام عاودت أمريكا لعبتها.. وقررت من طرف واحد تخفيض المعونة بحجة حقوق الإنسان وقانون المنظمات المدنية!. هذه المرة.. أغلب أهالينا فى دهشة وحيرة.. لأن ما يسمعونه فى الإعلام.. أن الرئيس الأمريكى علاقته وثيقة بالرئيس السيسى.. وهذا ليس كلام إعلامنا فقط.. إنما إعلام أمريكا!. وجه الحيرة أن الرئيس الأمريكى يقول كلامًا والأفعال عكس هذا الكلام!. الرئيس الأمريكى يخرج فى مؤتمر صحفى للعالم كله ويعلن أن قطر تدعم الإرهاب وتمول الإرهاب!.
المصريون الطيبون اعتقدوا بعد هذا الاتهام الصريح.. أن يتم القبض على حمد وموزة وتميم وجاسم وبقية من تلوثت أيديهم بدماء مئات الآلاف من العرب وغير العرب.. ضحايا الإرهاب.. الذى تنفرد قطر بالوكالة الحصرية له!.
المصريون طيبون فعلاً.. لأنهم تصوروا ذلك!. المصريون غلبتهم الدهشة عندما وجدوا وزير خارجية أمريكا.. يذهب بنفسه إلى قطر.. بدلاً من أن يستدعى حاكم قطر للمكان الذى يريده فى أى مكان!. يذهب إلى قطر.. واجتماعات ومشاورات ثم إعلان عن اتفاق أمريكا أكبر دولة مع قطر أصغر دويلة على مكافحة الإرهاب!. اتفاق مثل هذا.. معناه أن قطر لا علاقة لها بالإرهاب.. والدليل اتفاقها مع أمريكا على محاربة الإرهاب!.
لفظ واحد يعبر عن هذا الموقف الأمريكى المفضوح.. لكن لا أستطيع كتابته لأنه خارج!.
عند هذه النقطة نتوقف.. ونطرح على أنفسنا سؤالاً واحدًا!. هل حقًا توجد عدالة فى المجتمع الدولى؟. موقف أمريكا والغرب كله بل روسيا.. موقفهم من قطر.. يوضح أن العدالة غير موجودة!. يوضح أن الديمقراطية التى يعاقبوننا بسببها.. هى موجودة لفرض عقوبات علينا!. هى موجودة مبررًا لتدمير دولة مثل العراق!. هى موجودة كلمات على ورق.. لا وجود على الأرض!. لو هناك ديمقراطية بجد وحرية بجد وحقوق إنسان بجد..
لو هذه الشعارات معمول بها بجد.. لوجدنا نصف رؤساء أمريكا فى السجن.. من أول قنبلتى هيروشيما ونجازاكى والحرب الكورية وحرب فيتنام وحرب أفغانستان وغزو العراق لتمكين شعبه من الديمقراطية.. فأرسلوا شعبه إلى الآخرة!.
كلهم ظَلَمَة.. والتصدى لهم والانتصار عليهم.. نقدر عليه بعودة الوعى.. ويقينى أنه سيعود!
لمزيد من مقالات ابراهيم حجازى; رابط دائم: