لا يزال أداء الإعلام يثير إشكالية مدى توافقه مع الأهداف العليا للبلاد,ومدى نجاحه فى الانضواء تحت مظلة القوى الناعمة المدافعة عن الوطن فى مواجهة تهديدات الأمن القومى .أحدث اختبارات كفاءة واستعداد الإعلام فى مواجهة الأزمات الآنية كالإرهاب تجسدت فى الإعلام الغربى الذى لم يكتف بنشر أنباء انتقال اللاعب (نيمار) من الدورى الإسبانى إلى الفرنسى فى أضخم صفقة فى تاريخ كرة القدم,حيث اجتهد المحققون الرياضيون الغربيون فى الكشف عن أغوار الصفقة التى تتجاوز تكلفتها النهائية المليار يورو.ولم يكن صعبا الربط بين الدعاية السياسية والرياضة كون النادى الباريسى المشترى يمتلك حصة حاكمة فيه مؤسسة تابعة لحاكم قطر حيث لم يكن معروفا عن النادى الباريسى الدخول فى صفقات باهظة.
الصحافة الغربية ممثلة فى (الجارديان) و(الديلى تليجراف) البريطانيتين و(لاريبابليكا) الإيطالية و(ماركا) الإسبانية,مارست دور الإعلام الكاشف المسئول حين أماطت اللثام عن أهداف قطرية أخرى فى الصفقة لاعلاقة لها بالمنافسة الرياضية بقدر ما لها علاقة بالدعاية السياسية، فى غطاء رياضى فاضح لكسر عزلتها السياسية فى ضوء الاتهامات الموجهة للدوحة بدعم الإرهاب.واعترفت قطر على نفسها عبر إعلامها الموجه باستخدام (نيمار) لكسر الحصار المفروض عليها,وهو اعتراف عبرت عنه صحيفة (الراية) القطرية بعنوان عريض يقول: صفقة نيمار (صفعة توجع إعلام الحصار) ! قطر تحاول قلب نظام انتقالات اللاعبين كما تحاول أن تهدم أنظمة سياسية عبر بعثرة المليارات من الدولارات، لاعتقادها أنه ليس بإمكان دولة صغيرة أن تتبوأ مكانة بين الدول الكبرى سياسيا ورياضيا إلا عبر بوابة السفه المالى وشراء الذمم,هذا ما أثبته الإعلام الهادف الذى يعى ما يحدث خلف الأبواب المغلقة,وشتان بينه وبين إعلام صدعنا على مدى أسبوع بتفاصيل دقيقة لحادث وفاة راقصة بسبب خطأ جراحى يروح ضحيته العشرات يوميا ولا يسأل عنهم أحد.البحث عن الإثارة وعدد القراءات (الترافيك) وخصوصا لدى الإعلام الإلكترونى يمتلكان غريزة الإعلام حين يقرر الإنحراف عن مبادئه المعروفة,وأن يحيد عن قيادة معارك الوطن لصالح مكاسب مادية رخيصة تضعه فى خانة من يزحزح دعائم تثبيت الدولة.
[email protected]
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: