رئيس مجلس الادارة
عبدالمحسن سلامة
رئيس التحرير
علاء ثابت
فكانت كالكلمة السحرية التي أثارت فضولي ولفتت انتباهي الي وجود قصر يحمل هذا الإسم فقررت التفرغ التام للبحث عن كل ما يخصه ، ومن بناه ؟ وما هي قصته ؟ لأكتشف سلسلة من المفاجآت بعضها سار والبعض الآخر أصابني بالحزن علي ما آل اليه حال التراث والآثار في بلادنا !! والوثيقة المثيرة مفتاح اللغز والتي أعرضها هذا الأسبوع كانت موجهه من خواجة أجزجي ( صيدلي) الي ناظر ( الإسبتاليات ) المستشفيات والحكم خانة ( أي وزير الصحة بلغة هذا الزمان) وتقول : إنه قد وصلنا خطاب من عزتلو وكيل ديوان المالية يتضمن أصناف لزوم جنينة النباتات بالقصر العالي مذكورة في فاتورة فرنساوي وأصل التوصية عنهم كان بمعرفتنا ببلاد الإنكليز ، وبالسؤال من ناظر جنينة النباتات بالقصر العالي أفاد أنه لم يصل منها شئ فلزم مكاتبة الديوان للبحث عنها وخصوصاً أن هذه الأصناف صار التوصية عنها مع أصناف أخري وصل البعض منها الجنينة والبعض الآخر لم يصل ..وجاء الرد من وكيل ديوان المالية يقول فيه إن الخواجات ” أوبنهايم وشركاهم “ ( صرفوا ) مبلغ ٩٥ ليرة الي الخواجات “ بورجس وكي “ بلوندرا ( لندن ) تمن الآت زراعة ولقد طال البحث عن جهة استلام تلك الأصناف ولم يستدل علي جهة استلامها وبالتحرير الي الخواجات أوبنهايم بطلب إذن صرف المبلغ وإيضاً جهة استلام الأصناف المرقومة وردت إفادتهم أن ذلك كان بإذن حضرة “ كنيك بك “ وبالتحرير لحضرته أفاد بعدم معلوميته بورود هذه الأصناف ولا عن جهة استلامها وأن أصل التوصية بتوريدها كان بمعرفة حضرتكم . فما كان من الأجزجي إلا أن أرسل لمسيو “ جاستنيل “ ناظر جنينة النباتات بالقصر العالي يسأله عن ورود هذه الأصناف فأجاب “ جاستنيل “ أنها لم تصل وطلب استعجالها لأنها ضرورية للجنينة علي حد تعبيره .. ثم كانت الوثيقة الأهم وهي الموجهه من “ كنيك بك “ مأمور تحريرات أفرنكية خديوية الي وكيل وزارة المالية ويقول فيها : ما هو معلوم لدينا هو أن الأصناف المندرجة بالقائمة التي هي معدة لجنينة الإنشا بالمحروسة صار توصيتها للخواجات “ بورجس وكي “ بلوندره بمعرفة حضرة فيجري بك بمقتضي أمر شفاهي من المرحوم سعيد باشا “ والي مصر ولما كان الخواجات “ أوبنهايم نفو وشركاه “ مأمورين بإستلام الأشياء المذكورة وإرسالها صاروا مأذونين بصرف أثمانها بعد إستلامها ولا معلومية لنا عن ورورد الأصناف ولا عن الجهة التي صار تسليمها اليها ، ربما يكون في معلومية “ فيجري بك “ وإن لم يكن كذلك فعند ورود الأصناف الي إسكندرية صار تسليمها بمعرفة الخواجات “أوبنهايم “ فلابد أن يكون بيدهم وصل من الجهة التي إستلمتها . ثم كانت الوثيقة الأخطر التي فكت شفرة هذه المشكلة وهي عبارة عن صورة ترجمة بإمضاء الخواجة “ لوبير “ الإبن بباريز بتاريخ ٢٩ يوليو ١٨٦٢ فيها فاتورة بقيمة ٩٣٩ فرنك و١٠سنتيم منها ٨٢٤ فرنك و٦٠ سنتيم ثمن صناديق مستديرة لزوم زراعة الأشجار مثل رمان وبرتقال وغيره و١٠٠ فرنك مصاريف حزم و١٤ فرنك ونصف مصاريف نقل الي السكة الحديد ، ثم خطاب موجه الي ناظر إسبتاليات مصر يقول : منذ كان المرحوم سعيد باشا بأوروبا قد جري صرف جملة نقود الي حرم سليم بك الفرنساوي لزوم تطقيم ( تأثيث ) المحل الذي صار إستئجاره لسكن المرحوم بفرنسا وثمن مشتروات وغيره وفيما بعد قدم جناب البيك قوايم حسابات متضمنة ٩٣٩ فرنك منصرفة الي الخواجة لوبير تمن صناديق مستديرة لزوم زراعة الأشجار .. وبعدها وردت إفادة من ناظر جنينة النباتات بعدم ورود هذه الصناديق للجنينة ….وحتي هذه اللحظة لم أعرف هل وردت النباتات لجنينة القصر العالي أم لا ؟ ولكن الشئ المؤكد أن هذا القصر كان بالغ الضخامة ومترامي الأطراف ويحظي بعناية خديوية شديدة ، خاصة بعد أن أهداني الصديق موفق بيومي عاشق التراث صورة لخريطة توضح حدود القصر العالي وإمتداداته ترجع لعام ١٨٨٩ وتوضح أن سراي القصر العالي كانت تطل علي شارع مصر العتيقة وتصل إمتدادتها الي شارع منصور وحوش العبيد وتجاور سراي المنيرة و ميدان فسقية الزهرية وسراي البرنس أحمد باشا رفعت ..وتقول المصادر القديمة إن القصر كانت به حديقة مزروعة بعدد كبير من أشجار الزينة والفواكه وكان مبني القصر نفسه مكونا من جزءين وإنتهي من بنائه عام ١٨٢٠ وسُمي بقصر المشورة لأن إبراهيم باشا عقد فيه أول مجلس للمشورة بعد وفاة إبراهيم باشا أصبح القصر ملكاّ للحكومه ثم وهبه الوالي عباس حلمي الأول إلى الأمير اسماعيل. وحينما اصبح إسماعيل خديو مصر و هبه الى والدته خوشيار هانم الملقبة بالوالدة باشا وفيه رُزق بإبنه الخديو توفيق ، وقد قامت الوالدة باشا بترميم القصر وفرشته بالأثاث والرياش النفيسة وأقامت فيه وشهد هذا القصر العديد من الإحتفالات الخديوية فمنه بدأت مراسم إحتفالات زفاف الأنجال أولاد الخديو الأربعة ، وبعد نزول الخديو إسماعيل عن العرش إستردت الحكومه القصر لتسديد جزء من ديونه و باعته الى الدائره السنية التي أقامت مزاداّ لبيع أثاث القصر وتحفه عام ١٩٠٠ وهكذا تناثرت تحف القصر بين بيوت الكبراء والأثرياء .. وللحديث بقية عن القصر العالي الذي ما زالت بعض جدرانه وأثاره باقية الي اليوم تشهد علي العز الذي كان ،، والله علي مصر زمان