رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

وانتصرت إرادة الأقصى

أخفقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في فض جماهير القدس, وأهل الأقصى المحتشدين, لحماية مسرى رسولنا الكريم, وبقيت الجماهير على عهدها في الدفاع عن الأقصى المبارك, ولا تبالي لو فاضت الأرواح أو مزقت الأجساد, في معركة الطهر والشرف الفلسطيني لمواجهة التعنت والغطرسة الإسرائيلية، بعد ما يقرب من أحد عشر يوما من الصمود الأسطوري, والرباط اليومي والاحتشاد الضخم, في أداء الصلوات الخمسة في أزقة البلدة القديمة، وعلى أبواب الأقصى المبارك, رفضا للبوابات الإلكترونية والكاميرات الذكية، وكافة الإجراءات الإسرائيلية, التي حاول الاحتلال من خلالها تمرير مخطط السيطرة على الأقصى.

فقد حققت معركة الأقصى، في أدواتها ونتائجها انجازا وطنيا يسجل للثورة الفلسطينية. وتمكن المقدسيون بالدرجة الأولى من صناعة نموذجا فريدا، يمكن البناء عليه واستثماره في تشكيل طريق يحظى بإجماع وطني. وأمام عظمة الأبطال من صنعوا برباطهم وصلواتهم مقاومة برزت ملاحظات مهمة، رسمت مشهدا جديدا لصناعة الفعل السياسي القادر على إرهاق الاحتلال وضرب جبهاته الداخلية، وهو ما أكدته أرقام استطلاعات الرأي في فشل قيادة الاحتلال خلال معركة الأقصى. إرادة الفلسطيني التي انتصرت في معركة الحرم، أكدت أن القاعدة الشعبية الفلسطينية متعطشة لمجابهة الاحتلال، وتحدي غطرسته ورفض سياسة أمر الواقع المتفاقمة في المدينة المقدسة.

بعد أحد عشر يوما، من الإصرار على الحق, والتمسك بقدسية المكان, والرفض لتهويده أو تدنيس باحاته, انتصرت إرادة المقاومة, وانتصرت عزيمة المرابطات, وهن يرابطن على أبوابه, أنتصر الأطفال المقدسيين وهم يوزعون ابتسامة الاستبشار بمستقبل الأمة الواعد بين صفوف المرابطين على أبواب الأقصى, ويقهرون جنود الاحتلال, وقد عزموا على الدخول للأقصى, انتصرت الأمهات ودموعهن المنهمران في محراب الدعاء للأقصى وفرسانه, بأن ينصرهم الله, انتصرت سماء القدس, وقد أشرقت على شموس الحق ترابط مع نداءات الفجر, حي على الرباط, انتصرت جبال القدس, وهي تتهلل فرحا بصمود المقدسيين كالأوتاد, في وجه سيول التهويد الأسنة, انتصرت بلابل القدس، وقد تغنت بتراتيل النصر مع زهو المنشدين الواثقين بالنصر عند باب الأسباط في كل ليلة رباط, انتصرت فلسطين وهي تدفع الشر الصهيوني عن الأقصى, انتصرت فكرة المقاومة وثقافة الصمود, انتصرت إرادة التحدي والإصرار على الحق, انتصرت جنين وأم الفحم, انتصرت غزة ونابلس, انتصرت رفح ورام الله, انتصر كل الوطن وأبنائه, انتصرت فلسطين من بحرها إلى نهرها, وهي تنافح عن الأقصى المبارك بفلذات أكبادها.

انتصر الأقصى, وجدد المنتفضين الأخيار في قدسنا, سيادتنا كعرب ومسلمين على أقصانا الشريف, وأحيوا في نفوس الأمة, قدرة التحرير وإمكانية تطهير الأقصى, وأن المقاومة خيار أصحاب الحق, فلا تسترد الحقوق إلا بالاعتصام والقوة والتمسك بالحق دون تنازل أو تهاون أو نسيان أو تفريط .

فمنذ اللحظة الأولى، اجتمع شيوخ القدس وقساوستها، رجالها ونساؤها، شبابها وصباياها، وقرروا وحدهم، الاقتراب من قلب الوطن والانصهار فيه. قرروا عدم الانصياع لإرادة المحتل، والامتناع عن العبور عبر بواباته الإلكترونية، واعتبروا كل صلاة في الأقصى لمن يلج إليه عبر إجراءات العدو باطلة، فباتت القدس كلها مسجدا وطهورا، بعد أن قرروا إغلاق مساجدها كلها، والإبقاء على الصلاة أمام بوابات المسجد الأقصى، وفي الشوارع المؤدية إليه. هناك وقف الجميع كتفا بكتف، رجالا ونساءً، مسلمين ومسيحيين، يؤدون صلاة واحدة يعلنون فيها أن القدس انتصرت على أعدائها. مع إرادة القدس الواضحة والجلية، لن يجرؤ أحد على موافقة نتانياهو، على إجراءاته الغير مشروعة علي الإطلاق. إن انتصار القدس حتمي، ولن تمر مخططات الاحتلال تجاهها، بل ربما نستبق الأحداث، ونقول إن ألسنة لهيب الانتفاضة، التي تتوالى هباتها منذ سنتين، والتي بدأت من القدس، توشك أن ترتفع عاليا مرة أخري، مؤشرة إلى مرحلة جديدة في النضال الوطني الفلسطيني.

أخيرا، يمكننا القول، إن المشهد الذي رسمته معركة الأقصى، له ما بعده على كافة الأصعدة سواء في شكل العلاقات الداخلية، أو العلاقة مع الاحتلال، ومن ثم فلا مفر أمام الفلسطينيين سوى اللجوء لخيار الوحدة الوطنية. كما أن أمامهم أيضا، معركة كبيرة للوقوف في وجه مخططات ضم الكتل الاستيطانية إلى القدس، وتغيير معالمها العمرانية والجغرافية والديمجرافية، ووقف جرائم الاحتلال في مواصلة سرقة الأرض الفلسطينية، ومواصلة سياسات التهويد والحفريات أسفل أساسات المسجد الأقصى المبارك...
 


لمزيد من مقالات ابراهيم النجار;

رابط دائم: