رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ثورات الصيف المصرى

شهدت مصر ثورتين كبيرتين كانت لهما آثارهما المهمة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والدوليةعلى المجتمع المصرى وعلى النظام السياسى بأكمله، وهما ثورة 23 يوليو 1952، وثورة 30 يونيو 2013 والتى جاءت لتصحيح مسار ثورة 25 يناير، والتخلص من بعض السلبيات التى انطوت عليها، ورغم أن الفاصل الزمنى بين ثورتى 23 يوليو والتى تحتفل بها مصر هذا الشهر، وثورة 30 يونيو والتى تم الاحتفال بذكراها الرابعة منذ فترة قصيرة يصل إلى قرابة ستة عقود من الزمان، إلا أنه توجد العديد من أوجه التشابه بين الثورتين، ويمكن الإشارة إلى بعضها على النحو التالى:أولا: الإرتباط بين الشعب والجيش ووجود رغبة مشتركة فى تغيير النظام القائم ولعل هذا ما يكسب الثورة سماتها المميزة والتى تتمثل فى المشاركة الشعبية ففى ثورة 1952 قامت نخبة من أبناء القوات المسلحة بالمبادرة ثم التف حولهم الشعب ليحولها إلى ثورة بالمفهوم العلمى، وتصبح من الثورات المهمة فى التاريخ السياسى مثلها فى ذلك مثل الثورة الفرنسية، والثورة الأمريكية وغيرهما من الثورات المهمة فى التاريخ الإنسانى، أما بالنسبة لثورة 30 يونيو فيمكن القول إن المبادرة والرغبة فى التغيير والإصلاح والتصحيح جاءت من الشعب وانحاز لها ودعمها الجيش المصرى باعتباره جيشا شعبيا ينحاز إلى رغبات وتطلعات الشعب ويؤيدها بالضرورة، ولذلك فإن نقطة التشابه هى التقاء رغبة الشعب وقواته المسلحة فى تغيير ما هو قائم، بينما نقطة الاختلاف هى أن القوات المسلحة هى التى بادرت فى عام 1952 وانحاز لها الشعب، بينما جاءت المبادرة من الشعب وانحاز إليها الجيش فى عام 2013. ثانيا:الرغبة فى تحقيق الوحدة والتخلص من الانقسامات الحادة بين أفراد الشعب، ولذلك فقد دعت وعملت ثورة يوليو على تحقيق التحالف بين قوى الشعب المختلفة من عمال، وفلاحين ومثقفين، ورأسمالية وطنية، وجنود وبحيث يكون المجتمع عبارة عن نسيج واحد متكامل، كما هدفت ثورة يونيو بدورها إلى تحقيق الوحدة والاصطفاف الوطنى وبحيث يكون الحكم لمصلحة الجميع وليس لمصلحة فئة بالذات أو فصيل معين يسعى إلى السيطرة أو التمكين لجماعة أو قلة على حساب الأغلبية العظمى من الشعب . ثالثا: بناء الدولة الحديثة، وهذا ما حاولته ثورة يوليو بعد مرور أكثر من قرن من الزمان على انتهاء تجربة محمد على، ولذلك فقد عملت ثورة يوليو على التطوير الهيكلى للاقتصاد المصرى فى مجال الصناعة، والزراعة، وتشغيل الأيدى العاملة وتبنى مشروعات تنموية مهمة مثل مديرية التحرير، والسد العالى، وإن كانت هذه التجربة قد ضربت فى عام 1967 نتيجة للهزيمة وما احدثته من اختلالات اقتصادية وبنيوية ظل الإقتصاد المصرى يعانيها لفترة زمنية طويلة وتمثل ضغوطا حادة على مكونات النشاط الاقتصادى، كما عملت ثورة يونيو أيضا على وضع أسس الدولة الحديثة والعصرية وفى مختلف المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتنموية، ولذلك جاء الاهتمام بالمشروعات القومية المختلفة، وتطوير البنية التحتية، وجذب الاستثمارات الأجنبية والعربية.

رابعا:رغم اختلاف البيئة، والظروف، وطبيعة النظام الدولى والإقليمى فى الفترة التى حدثت فيها ثورة يوليو 1952 حيث كان يوجد نظام القطبية الثنائية، والفترة التى حدثت فيها ثورة يونيو 2013 والتى وجد فيها نظام القطب الوحيد إلا أنه فى الحالتين كانت التحديات قوية وخطيرة والتى يمكن إيجازها فى الآتى :

أ- التدخل الإقليمى والدولى فى شئون المنطقة وملفاتها المختلفة والتى بدأت منذ حلف بغداد بالنسبة لثورة 1952، واستمرت التدخلات والتحديات الإقليمية عقب ثورة يونيو سواء وفقا لنظرية التآكل الذاتى، أووفقا لنظرية شد الأطراف والضغط على القلب وهو مصر .

ب - تزايد حدة الصراعات الطائفية والعرقية سواء داخل الدولة الواحدة، أو اقليميا ودوليا بمعنى تدخل الأطراف المختلفة لمناصرة فصيل سياسى على آخر مما أدى إلى تزايد حدة المشكلات واستمراريتها، خصوصا مع الأخذ فى الاعتبار التوترات العربية العربية .

ج - تنامى ظاهرة الإرهاب سواء فى مصر، أو المنطقة، أو العالم وهو ما يتطلب تكثيف الجهود لمواجهتها سواء داخليا أو اقليميا أو دوليا، وظهور أشكال جديدة من الإرهاب لم تكن مألوفة من قبل .

د- إن هذه التحديات تطرح آثارها على الجوانب الاقتصادية، والتنموية، والأمنية، وهو ما يتطلب مزيدا من التوحد والاصطفاف الوطنى للتغلب على هذه المشكلات والتحديات وتحقيق المبادئ التى قامت من أجلها الثورة وهى الحرية (للوطن والمواطن)، والعيش (أى النهوض الاقتصادي)، والعدالة الاجتماعية، حيث إن مواجهة هذه التحديات وتحقيق هذه الأهداف تكفل تحقيق الدولة الحديثة المنشودة.

لمزيد من مقالات د. إكرام بدرالدين

رابط دائم: