رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حكاية الكابتن
«بولكلى» و «فليمنج»

أمل الجيار
“ ضاحية الرمل “ هى مفتاح اللغز والكلمة السحرية لحل طلاسم الجمال والسحر فى مدينة الإسكندرية القديمة ، “

الرمل “ هى الشفرة السرية ورمز الأناقة والشياكة فى زمن مضى ، ولمن لا يعرف فمنطقة الرمل ليست هى المنطقة المعروفة حالياً بمحطة الرمل والتى تقع فى وسط المدينة ، بل هى منطقة بعيدة تماماً يقول عنها “ رونى فان بليكوم وبيتر جريش والآن ستريجيير “ فى بحثهم عن تطور البريد فى رمل الإسكندرية : أن ضاحية الرمل تم إكتشافها بواسطة الأوروبيين فى عام ١٨٦٠، وكانت عبارة عن شريط من الرمال معتدل المناخ سرعان ما جذب الأوروبيين وتبعهم بعض المصريين فى إكتشافه والتمتع به .

وحكاية هذا الأسبوع من واقع مجموعة نادرة من الكروت البوستال القديمة لمحطات الترام بالإسكندرية وخاصة محطتى فليمنج وبولكلى اللذين لا يفصلهما على نفس الخط إلا أمتار قليلة وتبدو صورهما النادرة تحكى بوضوح عن جمال وثراء وأناقة زمن مضى وحكاية تسميتهما بهذين الاسمين حكاية طريفة وإنسانية ومدهشة كتبتها “ ميبيل كيارد “ إبنة أ. كيليرد مدير عام البريد فى الفترة من ١٨٧٦ وحتى ١٨٧٩ فى كتابها “ …. Life time in Egypt 1935 “ فقالت : فى أحد الأيام قمنا برحلة الى منطقة الرمل .. المنتجع الصحراوى الجديد الذى ظهر على بعد خمسة أميال الى الشرق من الإسكندرية ، وكان المكان الذى قررنا الإقامة به هادئاً وله سحر من نوع خاص و يوجد به ما يقرب من ٦٠ أو ٧٠ منزلاً متناثرين على الرمال ويربطهم بالمدينة خط السكة الحديد الصغير ( الترام).. وتضيف ميبيل أن خط السكة الحديد الصغير (الترام ) لعب دوراً هاما ًفى حياة وتواجد (مستوطنة) الرمل كما اسمتها، فقد قسم الضاحية الى عدة مناطق تحمل كل منها اسم محطة ترام حملت كل واحدة منهم اسم أحد سكان المنطقة البارزين .. فعلى سبيل المثال كان فليمنج وكابتن بولكلى إصدقاء بالإضافة لكونهم أعضاء فى مجلس إدارة شركة الترام وكانا قد بنيا منزلين متجاورين فى موقع هام على الحافة الجنوبية لتلال الرمال فى بدايات مشروع الترام. وفى كل صباح كان الرجلين يظهران فى مدخلى منزليهما فى نفس التوقيت ويتوجهان ليركبا القطار سوياً فى طريقهما الى عملهما فى الإسكندرية ليعودا فى منتصف النهار لتناول الغذاء والعودة مرة أخرى للعمل حتى المساء وكان هذا السيناريو يتكرر يومياً ، حتى كان اليوم الذى سافر فيه فليمنج الى إنجلترا لقضاء عطلته وفى تلك الأثناء عقد مجلس إدارة الترام إجتماعاً تقرر فيه إعطاء أسماء لمحطات الترام ، وقد قبل “ شودس والسيد باكوس “ أن تحمل محطتين إسميهما وتبقى المحطة الثالثة التى تم الإتفاق أن تحمل اسم “ بولكلى “ وتم نقش الأسماء على لوحات وضعت على مداخل المحطات ، وقد فوجئ “ فليمنج “ لدى عودته من رحلته بهذه التطورات وغضب بشدة من صديقه “ بولكلى “ الذى إنتهز فترة غيابه ليستحوذ على هذا الإمتياز بدون وجه حق ، وقد طلب فليمنج أن يتم تغيير إسم المحطة بإسمه موكداً أن منزله أقرب للمحطة من منزل صديقه ولكن لم تكلل جهوده بالنجاح مما أصابه بالحزن والإحباط مما دعا مجلس إدارة الشركة لإقامة محطة أخرى ليست بعيدة عن الأولى على نفس الخط لإستخدام مستر فليمنج الخاص .. وبمرور الأيام أصبح سكان هذه المنطقة يشاهدون الصديقين اللدودين فى ملابسهم الأنيقة وقبعاتهم السوداء العالية يسيران فى نفس الطريق كل يوم لركوب القطار من محطة “ فليمنج “ ولكن كل واحد منهما فى عربة بعيداً عن من كان يوماً صديقه …

‎والحكايات عن منطقة الرمل جميلة ولذيذة يقول على باشا مبارك فى الخطط التوفيقية - الجزء السابع - عن تعمير منطقة الرمل : أنه لأجل توسعة دائرة العمارية (العمار)، أُعطيت للمتطلبين من لدن المكارم الخديوية قطع من الفضاء والتلول خارج المدينة ، وصرح لهم بالبناء فيها فكثرت المبانى حولها ، وجعل فيها من أول الشروع فى عمارتها عشرة شوارع فى أحسن وضع يقرب طول الواحد منها من ١٥٠٠ متر فى ١٢ متراً ، وتحلى دائر المدينة بالبساتين النضرة ، وصار من يغدو للنزهة فى تلك الجهات يرى ما يسره ويشرح صدره . ثم مما زاد فى تحسين دائرها وتنمية فوائدها وتكثير محلات النزهة ، الرخصة التى أعطيت لشركة من الإفرنج رأسمالها ٨٠٠٠٠٠ فرنك بإنشاء وابور على المحمودية لتوصيل المياه الحلوة الى جهة الرمل وما جاورها، فإن هذا الأمر كان سبباً فى بناء المنازل والحوانيت فإتسعت مساحة العمران ، وفى أقرب وقت صار ما حدث من الأبنية جهة الرمل يشبه مدينة قاسمة ما بين ناحية إبى قير وثغر الإسكندرية بما حوته من الإنتظام والرونق والبهجة فى منازلها وقصورها الجميلة وشوارعها وحوانيتها المشتملة على نفائس التجارات، وما ذاك إلا لكونها صارت من أعمر الأماكن لسكنى المعتبرين من التجار والأمراء بها ، وبها البساتين المشتملة على جميع أنواع الأشجار والأزهار والرياحين ، وقد بلغ عدد سكانها الذين يقيمون بها وقت الصيف قريباً من ٧٠٠٠ نفس وفى وقت الشتاء على نحو النصف من ذلك .

‎والله ... الله على إسكندرية زمان


[email protected]

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق