لم تعد الكتابة فى السياسة والقضايا الجادة تجذب القراء, فالضغوط الاجتماعية والاقتصادية والاستسلام للإحباط بفعل الظروف المحيطة تدفع بالقارئ بعيدا عما يعمق أحزانه ويضاعف اكتئابه.
لكن ما يجذب القارئ مهما كانت حالته المزاجية هو إلقاء الضوء على المفارقات الصارخة التى تنفجر فى وجوه الجميع لتؤكد يوما بعد الآخر أننا نعيش فى مجتمع فقد اتزانه واستأنس بمتناقضاته.
فتاتان مصريتان صعدتا إلى واجهة الإعلام والسوشيال ميديا تعبران عن ذروة ما بلغه مجتمعنا من انفصام بالشخصية وتناقضات صارخة,فهل نحن بالفعل كما نردد شعب(متدين بالفطرة) أم أن الأمر مجرد تعظيم للشخصية المصرية على غرار (أذكى طفل فى العالم وأطيب أم فى العالم)؟
مريم فتح الباب,الأولى على الثانوية العامة التى اشتهرت باسم (ابنة حارس العقار)اهتم بها الإعلام وأبرز نجاحها وفخرها بحياتها البسيطة وبوالدها,لكن السؤال: هل التركيز الإعلامى على مريم كان بغرض تقديم رسالة تربوية واجتماعية بأن التفوق لا يشترى بالمال؟
لا أظن, لأننا لم نجد مثل هذا التركيز مع متفوقين آخرين يعمل آباؤهم موظفين عاديين, فكلمة السر فى حالة مريم هي(حارس العقار) الذى أخرج للمجتمع الطالبة الأولى و ربما فشل أبناء سكان بنفس العقار فى اجتياز الثانوية العامة رغم أموال الدروس.
ولأن عالم الفضائيات والسوشيال ميديا يعلم تماما بحكم الخبرات السابقة أن المتلقى يصيبه الملل بسرعة,فقد توارت قصة مريم لتصعد قصة أكثر تشويقا لصاحبة كليب يدعى (ركبنى المرجيحة).
ورغم أن القصة متكررة اعتدناها فى زمن الغث والابتذال حين (ينجم) الإعلام بلا مبررات مجهولين لا يمتلكون ناصية الموهبة,إلا أن المفارقة أننا اكتشفنا ما يجمع المتفوقة مريم بصاحبة (المرجيحة)!
فإذا كانت مريم تفخر بالغرفة التى تعيش بها مع أسرتها بالكامل وتعتبرها قصرا سيخرج للمجتمع طبيبة كبيرة,فإن فتاة (المرجيحة) هى الأخرى تفخر بنفسها ولا تستمع لمن يستهزئ بصوتها وتجاهر بأنها فرضت نفسها على الوسط الفنى وتستعد للتعاقد على بطولات سينمائية.
والسؤال:من سنتذكر بعد سنوات, مريم بعد أن تحقق أحلامها فى الطب,أم من اختارت (المرجيحة) للصعود السريع ؟
[email protected]
[email protected]
لمزيد من مقالات شريف عابدين
رابط دائم: