رئيس مجلس الادارة
هشام لطفي سلام
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
"عقدة الخواجة"، مصطلح ظهر ليعبر عن حالة نفسية لكثير من الأفراد في المنطقة العربية. مكون من كلمتين الأولى "عقدة"، وتعني مشكلة نفسية، و "الخواجة"، وهو الشخص الأجنبي من خارج البلاد، خصوصا خارج المنطقة العربية، ويقصد به غالبا الشخص الأوروبي أوالأمريكي. وهي عكس "زينوفوبيا"، التي تعني رهاب الأجانب. هذه الحالة تعبر في نفوس أصحابها، عن حبهم لكل ما هو غربي، ورفضهم لكل ما عربي. كلمة حب، هنا تعني الإعجاب والاعتقاد والقناعة وتصديق واعتماد كل ما هو غربي، واستبدال العربي بالغربي. في المقابل تقليل واستخفاف بكل ما هو عربي، وعدم الاعتقاد فيه أو تصديقه أو اعتماده في حال وجود بديل غربي له. أثرت هذه العقدة، في الثقافة العامة للعرب وبعض شعوب الشرق بشكل كبير، من حيث مأكولاتهم وملابسهم بل وحتى أكثر الأشياء خصوصية بالفرد، كطريقة الكلام والمشي وطريقة ارتداء الملابس، وطريقة الإيماءات كلها مقلدة قدر الإمكان من الإنسان الغربي. هذه المقدمة فرضت نفسها علي بعد حديث عاصف مع النفس، حديث جال بخاطري كثيرا، واستوقفني طويلا طويلا، أثناء دراستي الجامعية وما بعدها، فعندما قرأت "ماركيز"، و"دايستويفسكي"، و"هوجو"، و"وتولستوي"، و" ولسن"، وغيرهم، فأعجبوني لأنهم جيدون. ولكني عندما قرأت عبد الرحمن منيف، في "مدن الملح"، و" زياد القاسم "، في إلياذة " أبناء القلعة "، و" محمد ديب " في ملحمة " الحريق "، و" نجيب محفوظ "، في " ثلاثية بين القصرين وقصر الشوق والسكرية "، ويحيى حقي، في أم الروائع " قنديل أم هاشم "، وغيرهم كثير، اندهشت وذهلت، ولم أعجب فقط، لأنهم كانوا مبهرين. ومع ذلك وجدت المجموعة الأولى، تسجل في ذاكرة الأدب الإنساني بماء الذهب، بينما لا يعرف المجموعةَ الثانية، سوى بعضِ المثقفين العرب وثُلةٌ أقل منهم من مثقفي العالم. فحتى العربي عندما يريد أن يتباهى، بأنه قارئ للأدب الروائي ومهتم به، يصفعك بأسماء مثل " زوربا "، و" الحرب والسلام "، و" العجوز والبحر"، و" الجريمة والعقاب "، و" أحدب نوتردام "، و" بيت الأرواح "، و" الحب في زمن الكوليرا "، و" خريف البطريرك "، و" الطاعون "، و" البؤساء "، و" قصة مدينتين "، " وألف شبح وشبح "، و" الزوج الأبدي ". ويعيي نفسه في تكلف إيصالك ما أحسته شغاف روحه من عناصر الإبداع فيها. وقلما تجد من يحاول أن يفعل ذلك، مع رواياتِ وأعمالِ مساكين و" غلابي " المجموعة الثانية. حيرني الأمر كثيرا، واستوقفني أكثر. ولكني بعد البحث والتحري عرفت السبب، وإذا عرف السبب بطل العجب. وراء " شكسبير "، ومجموعة الروائيين الأولى، أُمم عرفت وتعرف كيف تسوِّق مبدعيها، وتخلدهم وتجعلهم في مقدمة رموزها، وتضخم صغيرهم، وترفع إلى مواقع النجوم من كان منهم كبيرا. بينما وراء " توفيق الحكيم " ومجموعة الروائيين الثانية، أمة لا تعرف للأسف الشديد قدر وقيمة مبدعيها، وأعمالهم، وإنتاجهم العلمي والإنساني الكبير. فمن لمبدعي العرب والعربية والعروبة؟ أعتقد أننا بحاجة ماسة وملحة، لإرادة سياسية لتحفيز هؤلاء المبدعين العرب في كل المجالات، وتوفير البيئة السياسية والاجتماعية والتعليمية والثقافية الحاضنة لأعمالهم الإبداعية، والمناخ الملائم من حرية البحث والتفكير العلمي... لمزيد من مقالات ابراهيم النجار;