من أكثر العبارات التي أسمعها كثيراً هي أننا شعب «دمه خفيف» مثلما يحب دائماً أن يطلق البعض، لدرجة أن «خفة الدم» أصبحت في غير محلها؛ أي خلط الجد بالهزل.. بل أصبحت سمة تلك المرحلة التي نعيشها، خصوصاً وقت الأزمات.
وجزء من السبب في هذا الخلط أننا نحب الهزل.. أي «الهزار»، حتى انتقل ذلك من العامة إلى بعض المسئولين، فما بالك إذا انتقل ذلك إلى السياسات الاقتصادية للدولة، في توقيت يشهد أخطر الظروف الاقتصادية الصعبة؟!
ففي خلال لقاء تليفزيوني، أكد محافظ البنك المركزي أن إحدى شركات البترول العملاقة ستضخ مليارات الدولارات هذا العام، في السوق المصري!! وأن حديثه السابق عن أن الدولار سيصل إلى 4 جنيهات كان «نكتة»، والمصريون يحبون النكتة، ولا يجوز تشويه سمعة الاقتصاد!! في أمر يُذكرني بـ«الخليل كوميدي» الذي يطلق نكاته «الظريفة.. جداً» ويختمها بالإفيه «تم ترالالم تم تم»!!
ففي وقت انشغال الشعب كثيراً بأزمة البلاد الاقتصادية، وتحمله قرارات تعويم الجنيه؛ من أجل الإصلاحات المنتظرة!! نجده يُفاجأ بتصريحات السخرية واللامبالاة عند الحديث في أمور تتعلق بمسائل غاية في الأهمية مثل مشكلة الدولار، والتي تعبّر عن عدم الشعور بمعاناة الشعب وآلامه.
ولأن حضرته «بينكّت»، فليسمح أن أقول له نكتة: «بيقولك مرة موظف بسيط متجوز صِحي الصبح لقى طبق البيض بـ45 جنيه.. تم ترالالم تم تم»!!
تصريح آخر سمعته لفت انتباهي؛ عند حديث وزير التعليم الجديد عن مناقشة جدول الثانوية العامة؛ بأن الإعلام يركز على أشياء غريبة، ويجب أن ينصبّ على تطوير التعليم.. وكذلك وَصَف نظام «البوكليت» للثانوية العامة بأنه «فكرة عبيطة»، والإعلام صنع منه البعبع!!
كلام جميل من جانب الوزير، ويستحق الإشادة؛ لأنه يجب فعلاً ألا نضيع الوقت في الأمور التافهة، وأن نركز على تطوير التعليم والامتحانات وهذا واجب الوزارة، وعلى أولياء الأمور عدم التدخل في أمور تعليمية يضعها متخصصون.
ولكن... لا يصح من وزير التعليم أن يصف فكرة طرحها وزير قبله بأنها «عبيطة»؛ لأنه لكل مقام مقال، واللفظ لا يناسب المقام، وقد يُفهم مراد الكلمة خطأ، وهو الذي يتولى وزارة (التربية والتعليم) فكان ينبغي عليه توضيح ما يريده بألفاظ «راقية» لأنه «قدوة»؛ حتى لا يقلده الطلاب وغيرهم.
وأقول لوزير التعليم: إذا كنت صرحت بأن فكرة البوكليت «عبيطة».. فنرجو أن يقول أولياء الأمور والمتخصصون والمهتمون بسير العملية التعليمية عن أفكارك القادمة في تطوير التعليم بأنها.. «عــظيمة»!!
لمزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة; رابط دائم: