تتجه الأنظار بعد انتخاب يحيى السنوار (55 عاما)، رئيسا لحركة "حماس" في قطاع غزة خلفا لإسماعيل هنية، إلي مستقبل التعاطي مع ملفات فائقة الأهمية، ولعل أبرزها التهديدات الإسرائيلية والمصالحة الفلسطينية والأسري والعلاقات مع مصر. وفي اعتقادي أنها لم تكن مجرد عملية انتخابية دفعت بالسنوار، علي رأس حركة "حماس" في غزة، فالسنوار الأسير المحرر والقيادي البارز في الجناح العسكري للحركة، في مساره ومواقفه، يبدو واجهة جديدة لمرحلة جديدة مختلفة محاطة بالتحديات الفلسطينية والا قليمية والدولية.
426 عاما هي مجموع الأحكام التي صدرت بحقه في سجون الإحتلال الإسرائيلي، يحيي السنوار الأسير المحرر وأبرز مؤسسي كتائب القسام الجناح العسكري لـ "حماس"، رجل الحركة القوي قضي 24 عاما متنقلا بين سجون الإحتلال علي خلفية اتهامه بالتخطيط لعمليات ضد الإحتلال وقتل عملاء إسرائيل. أطلق سراحه عام 2011، في صفقة تبادل للأسري مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مع 1027 من الأسري، صفقة لم تكن لتري النور دون ضلوع شقيقه القسامي محمد السنوار، المتهم بإختطاف واخفاء شاليط لخمس سنوات متتالية، في منتصف عام 2015، أوكلت "حماس" للسنوار، إدارة ملف أسري جنود الإحتلال لديها وقيادة أي مفاوضات تتعلق بشأنهم، فالرجل له باع طويل في سجون الإحتلال، ودراية بشئون الأسري وأوضاعهم. واليوم تدخل غزة منعطفا جديدا بتنصيب السنوار خلفا لهنية. ذلك لأنه يحظي بقيول كبير في أوساط القيادتين العسكرية والساسية للحركة، بوصفه حلقة الوصل بين جناحي الحركة، كما أنه لعب دورا هاما في تحديد مواقف "حماس"، في التفاوض بشأن التهدئة مع إسرائيل بوساطة مصرية. إسرائيل التي أثقلت كاهل الرجل بـ 4 مؤبدات، لاتريده خارج قضبان سجونها. فإبن خان يونس، يعد من صف الصقور في الحركة، وهو أول مؤسس لجهاز الأمن والدعوة 1985، والذي عرف باسم "مجد"، وخلافته هذه تعني إحكام قبضته علي الأجهزة الأمنية والعمل العسكري في القطاع والضفة، السنوار، الذي تحول في غضون 4 سنوات من الأسير رقم واحد، إلي العدو رقم واحد، قد يؤدي تدرجه إلي رأس الهرم إلي إعادة رسم علاقات الحركة بالمنطقة، وفتح جبهة جديدة مع إسرائيل لاتحمد عقباها.
ولكن يبقي السؤال المهم والكبير هنا، والذي يفرض نفسه وبقوة. ما دلالة اختيار السنوار؟ ولماذا في هذا التوقيت تحديدا؟ هل يدل علي رغبة تيار واسع من "حماس"، في دفع شخصيات صلبة ومتشددة إلي الواجهة؟ ولاسيما في ظل حالة الاحباط التي تسود القطاع، جراء استمرار الحصار الخانق، وتعثر عمليات إعادة الإعمار، فضلا عن التهديدات الإسرائيلية بشن حرب جديدة علي القطاع، ومن ثم التمترس أكثر وأكثر خلف المقاومة. أم يمكن قرأته في سياق قطع الطريق علي أي محاولات إسرائلية مباشرة أوعبر وسطاء لإنتزاع صفقة تبادل أسري جديدة، مقابل ثمن بخس؟ في حين يري مراقبون، أن انتخاب السنوار، ربما يعقد المشهد أمام "حماس"، وقد يجرها إلي مواجهة ليست في صالحها، أو في صالح القطاع المنهك. فضلا عن تقليل فرصها في إحداث اختراق حقيقي في ملفات الحصار علي غزة، والمصالحة الفلسطينية. وكذلك في فرص خلق وبناء علاقات قوية مع أطراف عربية وإقليمية ودولية.
لمزيد من مقالات ابراهيم النجار; رابط دائم: