محمد الزواري عالم من علماء العرب، لا يقل عبقرية وخطورة عن العلماء الذين تم إغتيالهم من قبل "الموساد" الإسرائيلي. فقد جندته "كتائب القسام" في سوريا في عام 2006، وسخر كل علمه في خدمة المقاومة، جاب العديد من الدول من أجل تطوير قدرات المقاومة، أسس وطور منظومة الطائرات بدون طيار في كتائب القسام. الزواري البالغ من العمر49 عاما، هو رئيس جمعية الطيران في الجنوب، التي كانت تدرب الشباب التونسي على تصنيع طائرات من دون طيار، وقد تعرض إلى عملية اغتيال بـ 6 طلقات نارية مباشرة في جمجمته أثناء جلوسه في سيارته، يوم الخميس 15 ديسمبر الجاري، أمام منزله في منطقة العين بولاية صفاقس جنوب تونس.
عملية الإغتيال التي تعرض لها مهندس الطائرات التونسي محمد الزواري في صفاقس، ربما تختلف بشكل كبير، عن باقي العمليات التي نفذتها المخابرات الإسرائيلية في تونس، مثل عملية إغتيال خليل الوزير "أبو جهاد" قبل30 سنة بشكل محوري، الإغتيال تم في وقت تعيش فيه الأجهزة الأمنية التونسية، حالة استنفار بسبب تهديدات الجماعات السلفية الجهادية "القاعدة" و"داعش". فقد ظهر جليا أن عملية الإغتيال، تمت على يد مجموعة محترفين يتبعون جهازا أمنيا لدولة كبرى. حيث أشارت مصادر أمنية إلى أن الأمن التونسي، كان قد حصل على تحذير من احتمال تعرض الزواري، للإغتيال على يد "الموساد"، إلى أن التحذير لم يؤخذ على محمل الجد، بسبب اعتقاد مسئوليين تونسيين، بأن إسرائيل ليست علي استعداد لتنفيذ مثل هذه الفعلة الأن، وكان الاعتقاد أنها ستنتظر لحين مغادرة الزواري لتونس حتى تغتاله، إلا أن القرار اتخذ في إسرائيل، بإغتياله بسبب تقدمه في برنامج خاص لتطوير طائرات بدون طيار، لصالح حركة "حماس"، وجناحها العسكري "كتائب القسام". ودفعت عملية إغتيال التونسي محمد الزواري، المدير العام للأمن التونسي للإستقالة، حيث كشف بيان لوزارة الداخلية التونسية، أن عبد الرحمن بلحاج علي المدير العام للأمن الوطني، قدم استقالته لأسباب شخصية.
وكان ناشطون عبر صفحات "التواصل الاجتماعي"، قد أذهلهم دخول مراسل ومصور القناة "العاشرة" الإسرائيلية الأراضي التونسية، بعد أيام قليلة من إغتيال الزواري، معتبرين أن تونس "مستباحة" أمام الإسرائيليين، هذا ما أكدته تصريحات لكتاب وصحفيين تونسيين، بأن "الموساد"، يخترق البلاد، ووزارة الداخلية على وجه التحديد. فقد أجرى مراسل القناة "العاشرة" الإسرائيلية، تقريرا عن اغتيال الزواري من أمام منزله، حيث تمت عملية تصفيته، من قبل جهاز "الموساد" الإسرائيلي، كما أعلنت كتائب "القسام". وأجرى مراسل "العاشرة"، مقابلات ميدانية مع عدد من شهود العيان. وظهر المراسل الإسرائيلي مرحبا بالمذيعة، من وسط ساحة عامة متحدثا بالعبرية، ويظهر شعار القناة واضحا بشكل علني، حيث بدأ رسالته بالقول: "نحييكم من تونس"، حيث اغتالت إسرائيل خليل الوزير- أبو جهاد- عام 1988. وفي بداية تقريره المصور أشار المراسل، إلى أنه وصل الأراضي التونسية، عبر مطار تونس قرطاج الدولي، ومن ثم استقل سيارة إلى مدينة صفاقس. كما ظهر يتجول بحرية مطلقة في موقع الجريمة، حيث ظهر و أشار دالا بأصابعه على مكان آثار الرصاص الذي اغتال الزواري على أحد الجدران، كما استطلع آراء المواطنين بعد إخفاء هويته، حيث ظهر وهو يتحدث مع أحد المواطنين باللغة الفرنسية، وأخبره أحد سكان المنطقة، أن العملية جرت بصمت دون سماع أي صوت لإطلاق نار. كما قال، "نحن داخل منزل عائلة الزواري، التي عادت قبل وقت قصير من الجنازة، لم يكونوا مستعدين للتصوير. لم أقدم نفسي كإسرائيلي، ودخلت من دون كاميرا". ولفت، إلى أن الزواري، عاد إلى تونس من الخارج، قبل أربعة أيام من إغتياله، وتابع، "على ما يبدو كان مراقَبا منذ وصوله".
وكما هو - معلوم من الأعلام بالضرورة - أن أي تصوير تلفزيوني لقنوات أجنبية، لا يكون بأي حال من الأحوال إلا بترخيص من الجهات الأمنية. هذا المراسل قام بنقل تلفزي، من أمام وداخل منزل الزواري في تونس، والحال أن المكان مسرح جريمة، مازلت قيد البحث والتحقيق. إن صح هذا الأمر، فلابد لنا من وقفة وسؤال، كيف وصل إلى مسرح الجريمة؟ من هي الجهة الأمنية التي منحته ترخيص التصوير من شارع الحبيب بورقيبة، على بعد خطوات من وزارة الداخلية؟! أين هي الدولة التونسية؟! أين الأعلام التونسي؟! الحقيقة مشهد يطرح ألف سؤال وسؤال.
ما زالت المعلومات حول عملية الإغتيال قليلة ومتضاربة ومتباينة في نفس الوقت، ولكنها تذكر بإغتيالات مماثلة لرموز المقاومة الفلسطينية، حدثت في الأراضي التونسية، أبرزها محاولة اغتيال زعيم الجناح العسكري في حركة "فتح" خليل الوزير "أبو جهاد"، ورفاقه صلاح خلف "أبو آياد"، و"أبوالهول" عام 1991، فضلا عن إغتيال محمود المبحوح القيادي في حركة "حماس" في دبي عام 2010، وقبله فتحي الشقاقي زعيم حركة "الجهاد الاسلامي" في مالطا، والمحاولة الفاشلة لإغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في الأردن عام 1995. فهل يكون إغتيال الزواري، سببا لكشف الإغتيالات الأخرى؟ والأهم من ذلك معرفة من يقف وراءها من الداخل ومن الخارج؟!.
لمزيد من مقالات ابراهيم النجار; رابط دائم: