رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
أولا: الجريمة انتكاسة فاضحة لبلد طويل عريض يحتمى بعضوية الناتو ويزعم أنه قوة عسكرية هائلة ويشارك فى حربين فى بلدين متجاورين فى آن واحد، ويواجه تمردا كرديا مسلحا فى جنوبه الشرقي، وانقلابا مزعوما فى الداخل، ويستضيف على أرضه من يحرض ويخطط للعنف والفوضى والإرهاب فى أكبر دولة فى المنطقة. ثانيا : الجريمة تؤكد بوضوح أن «بضاعتهم ردت إليهم»، وأن تركيا تحولت من دولة حاضنة للإرهاب، إلى دولة يحكمها الإرهاب ويسيطر عليها فعليا، ويمارس نشاطه على أرضها بحرية كاملة، بدليل أن «الخطبة» العصماء التى ألقاها الجانى مولود ألطنطاش لم تخرج فى مضمونها أو فحواها على الإطلاق عما يقوله أردوغان و«صبيانه» بشأن سوريا والوضع فى حلب وإنقاذ الإرهابيين بداخلها، يعنى فى تركيا .. الدولة والإرهاب «إيد واحدة»، و«استراتيجية واحدة»، و«هدف واحد»! ثالثا : أثبتت الجريمة أن الدولة التركية مخترقة أمنيا ومخابراتيا من داعش تحديدا، وأن الدواعش متوغلون بقوة بين صفوف وزارة الداخلية هناك، وهو أمر ليس بمستغرب بعد إجراءات الطرد والفصل والاعتقال التى اتخذها أردوغان ضد الآلاف من أفراد الداخلية التركية بدعوى انتمائهم إلى جماعة فتح الله جولن، وتعيين «بدلاء» لهم من الأهل والعشيرة! رابعا : الجريمة كانت - رغم دمويتها - أشبه بالعروض السينمائية، ونجحت فى الحفاظ على الخط «الدرامي» رفيع المستوى الذى شاهدناه فى فيديوهات داعش السابقة فى سوريا والعراق وليبيا، ولوحظ هذه المرة أن القاتل – الذى يشبه شخصية «مستر بين» الكوميدية الشهيرة – وقف أمام كاميرات التليفزيون بثبات غير عادى بعد قتل السفير ليلقى خطبة عصماء على مدى دقائق يقول فيها ما يشاء من عبارات رافعا مسدسه فى الهواء دون أن يتدخل أحد لمنعه أو وقفه أو مقاومته، وكأنه يؤدى دورا فى عمل سينمائى أو تليفزيوني! خامسا : أردوغان ومعظم رجال الدولة التركية اختفوا تماما بعد جريمة الاغتيال، ولم يصدر منهم أى تصريح إلا بعد ساعات مما حدث، ورغم اتصال أردوغان وبوتين الذى لم يتم الكشف عن تفاصيله، لم يتكلم «صاحبنا» للإعلام إلا فى ساعة متأخرة من المساء، على الرغم من أنه هو نفسه الذى أذهل العالم بظهوره السريع فى مطار اسطنبول بعد دقائق من محاولة الانقلاب ضده فى يوليو الماضى رغم خطورة الموقف، فلماذا التأخير هذه المرة؟! سادسا : بيان رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية عن الجريمة كانا فى محلهما تماما، توقيتا ومضمونا، فمن حيث التوقيت، صدر بيان الخارجية المصرية – وياللمفارقة - قبل صدور أول تصريح من أردوغان، أما من حيث المضمون، فقد كان موفقا فى إدانة الجريمة والإرهاب عموما، وتعزية روسيا، لا تركيا، خاصة وأنه لا يوجد ضحايا مدنيون، ومطالبة أنقرة – دون ذكر اسمها – بالالتزام بالاتفاقيات الدولية بشأن حماية البعثات الدبلوماسية .. «ملعوبة»! سابعا : لم تبث أى وسيلة إعلام أجنبية مثل «رويترز» أو «الفرنسية» أو «أسوشييتدبرس» أو «سي.إن.إن» أو «بي.بي.سي.»، أو حتى «الجزيرة»، ولا خبراء مصاطب الفضائيات عندنا أى كلمة عن القصور الأمنى فى تركيا، ولا عن تطهير الداخلية، ولا عن انهيار مستقبل قطاع السياحة هناك، فهؤلاء كما هو واضح لا يتعاطون حبوب الشجاعة، إلا عندما تتعلق المصيبة بمصر، التى تحارب الإرهاب بمفردها وتدفع فاتورته بمفردها أيضا، وسط تصفيق وضحكات الآخرين! ثامنا : لا تفرحوا، فأردوغان مستفيد فى كل الأحوال، ولن يتعلم الدرس، فالقمع سيزداد، وتعديل الدستور سيتسارع، وابتزازه لأوروبا باسم محاربة الإرهاب أمر مؤكد! .. أخيرا : يا خوفى على باقى أصدقاء داعش! لمزيد من مقالات هانى عسل