رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

" الربيع العربي" والكاميرا الخفية!!

صدق أو لا تصدق، كشفت مصادر اعلامية، نقلا عن مصدر مقرب من الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، أن ملف عودته إلى تونس، مطروح وبقوة في ظل رغبته في ذلك. وأضافت ذات المصادر، أن هناك بعض الملفات التي مازالت تعوق سبل عودته، منها علي سبيل المثال لا الحصر، الأملاك المصادرة المتعلقة ببعض أفراد عائلته، وخاصة ابنه الصغير، وكذلك بخصوص راتب تقاعده على القترة التي قضاها على رأس رئاسة الجمهورية. والمرجح عودة بن علي إلى تونس قبل سبتمبر 2017.

يبدو أن هناك عدة أطراف تساهم بدورها في إيجاد صيغة لتسوية هذه الملفات العالقة، وإزالة عقبات عودة بن علي، خاصة أنه التزم بالوعد الذي قطعه مع السلطات السعودية، بالابتعاد عن أي نشاط سياسي أوظهور اعلامي طيلة حوالي 6 سنوات من الإقامة على أراضيها.
والسؤال الذي يتبادر إلي الذهن، ما الذي يجعل شعبا يثور على حاكمه، ثم يتبرأ من ثورته؟، فيثور نادما على الثورة، وحالما بعودة الحاكم المخلوع إلى الحكم من جديد؟ّ ثمة حقيقة لا مراء فيها، وهي أن الواقع في تونس يلح، يوما بعد يوم، على أن ما قام به الشعب في يناير2011، لم يكن أو لم يعد محل إجماع. فلا يوجد ثمة اتفاق حتي على تسمية موحدة لما حدث، أهي ثورة ؟ أم انتفاضة؟ أم تداول على السلطة؟ أم مؤامرة خارجية أديرت من الداخل؟ أم انتقال من حزب مدني حاكم إلى حزب ديني كان حالما فصار حاكما، وحالما بأن يتحول إلى حزب مدني؟!
هي أسئلة لم تستقر لوضع لم يستقر بعد. فالحلم كان في وادي، والإنجاز أصبح في وادي آخر. 6 سنوات خلت، كلها في انتظار تحقيق أحلام لم تزدها الأيام إلا أوهاما. لماذا طردوا بن علي أصلا؟ ولماذا الثورة؟ ماذا لو لم يهرب بن علي؟ ماذا لو بقي في تونس، وأخمد ثورة الاحتجاجات التي لم تكن أصلا تطالب برأسه، بقدر ما كانت تطالب بإصلاحات سياسية في البلاد؟
هل أن الشيخين الرئيس الباجي قايد السبسي (٩٠عاما)، ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي (٧٤ عاما)، صارا في حاجة إلى شيخ ثالث كحل وسط؟. وما الشيخ الثالث، غير الرئيس السابق زين العابدين بن علي (٨٠عاما). هل باتت الحاجة ملحة حقا لدى الشيخين للاستنجاد بالماضي؟ وهل عودة بن علي هي نوع من الحل أمام حكومة تبدو عاجزة عن الاعلان أنها لم تستطع أن تعمل ما عليها فعله في ظل اقتصاد متدهور. إن الحكومة التونسية الحالية، تسعى جاهدة إلى الاستنجاد برجال بن علي، وتريد استدراجهم، وبكل الوسائل، إلى مصالحة أومقايضة، بين طرفين هما، من صاروا في قلب السلطة والقضاء، ومن يملكون ثروات طائلة، وتريد هذه الطبقة الجديدة، أن تفوز بهذه الثروة عبر المقايضات بعد أن عجزت عنها بالمقاضاة.
حاول بعض الثوار في تونس، استعادة بن علي، من السعودية، التي وفرت له المأوى والأمان، وعندما استحال هذا الأمر، تحول الطلب إلى استرجاع ما قيل عن أموال هربها بن علي، خارج الوطن وفي البنوك الأجنبية، ولما استحال هذا أيضا، التفت "الثوار" في الحكومة، إلى أموال أصهار بن علي، فصادروا ما استطاعوا، وفهم أصهار الرئيس المخلوع، أنه لا بد لهم من الاندماج في المجتمع من جديد، ولا مناص من الرجوع إلى القضاء، التي يتحكم في أحكامه ويفصل فصوله محامون وقضاة ينتمون أو موالون لحركة النهضة. وهكذا صار على الحكومة التونسية الراهنة، أن تتدوال على السلطة، وصار على الثورة "الربيعية"، أن تستهلك عددا هائلا من الوزراء الذين لا يشغلهم شيء غير العمل على تحسين شروط تقاعدهم، والتدرب على العمل في أجواء مبدأ المحاصصة الحزبية.
لقد كانت الفترة الفاصلة عن تاريخ خلع بن علي، كافية لإنتاج الوضع الاقتصادي الهابط بالدينار التونسي، إلى ما لم يعرفه عهد بن علي، وهو ما جعل غالبيةَ الشعب تترحم على أيام بن علي. ولعل حلقات برنامج " ألو جدة "، الذي أذيع في رمضان الماضي علي إحدي القنوات التونسية، واستضافت فيه بن علي في حوار حصري، قد أثار الكثير والكثير من شجون المواطنين الموالين لحكم بن علي، فصاروا مهيئين لكل شيء، صاروا مهيئين لاستقبال بن علي، في "الكاميرا الخفية"، وأكثر من هذا، القبول بأن ما حدث يوم 14 يناير2011، وكل "الربيع العربي"، كان مجرد "كاميرا خفية".


لمزيد من مقالات ابراهيم النجار;

رابط دائم: