رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
معلوماتي المتواضعة تقول إن قانون التظاهر ليس هو مشكلة مصر الأولى، ولا الثانية، ولا العاشرة، بل على العكس، سيؤدي إلغاء القانون أو تعديله أو «التفعيص» فيه إلى مشكلة أمنية حقيقية سندفع ثمنها جميعا، وحذرنا من قبل من خطورة إباحة التظاهر «ع البحري» هكذا في بلد يستطيع فيه أي حزب أو جماعة أو منظمة أو حتى دار أيتام تنظيم مظاهرة من ألف شخص بخمسين جنيها لكل متظاهر! معلوماتي الأكثر تواضعا تقول إن العفو عن محبوسين ليس مطلبا شعبيا، ولا حتى شبابيا، فلا يوجد في سجون مصر حاليا مانديلا ولا غاندي ولا جيفارا، ولا سجناء تهمتهم أنهم «قالوا رأيهم»، وإنما معظمهم ولله الحمد إرهابيون على مخربين على مرتزقة على خونة ممن خالفوا القوانين وتحدوا الدولة بالإصرار على التظاهر في وقت صعب، إما لحساب جماعات إرهابية أرادت من يخفف الضغط عنها، أو لإرضاء نخب كاذبة أفتت بعدم دستورية قانون التظاهر! إذن الأدق أن نقول إن تعديل قانون التظاهر والعفو عن محبوسين مطلبان للشباب المسيس الذي لا يشكل أكثر من 5% من شباب مصر، ولكنهما ليسا من مطالب القطاع الأوسع من الشباب، فلسنا بهذه السذاجة التي تجعلنا نصدق أن «أم» المشاكل لدى شبابنا حاليا قانون التظاهر أو المعتقلين، وأن نتخيل أن أزمات مصر كلها ستحل فور تلبية هذين المطلبين، فما أعرفه أن طلبات شبابنا تنحصر في التعليم والوظيفة والزواج، وأشياء أخرى ليس من بينها التظاهر والمحبوسون! جربوا مثلا أن تختاروا عشرة شبان، أو مائة، أو ألفا، أو حتى مليون، اختاروهم من شباب المدارس والجامعات، من النوادي والكافيهات، من على القهاوي والنواصي، أو حتى من شباب الحرفيين والأرزقية والعشوائيات، اسألوهم : «ما هي مشكلاتكم»؟ اطلبوا منهم تسمية أهم ثلاث أو أربع مشكلات تنغص عليهم معيشتهم، ترى، هل ستكون إجاباتهم «قانون التظاهر»؟ «الإفراج عن محبوسين؟ .. «بالطبع لأ»، بصوت راقية إبراهيم! يا بهوات، يا من تكذبون علينا وعلى أنفسكم، الشاب «المصري» يريد تعليما متطورا خاليا من «الصم» و«الدح» و»الحشو» والدروس الخصوصية، وبدون «نفسنة» و«أنزحة» بعض المدرسين وأساتذة الجامعات! الشاب «الطبيعي» يريد فرصة عمل لائقة تناسب تخصصه بعد التخرج بدون واسطة أو ابتزاز، توفر له عيشا كريما، على ألا تكون الوظيفة «مندوب مبيعات بالعمولة»! الشاب «العادي» يريد شقة «محندقة» بسعر معقول أو بتقسيط مريح يناسب قدراته، لكي يستطيع الزواج في سن طبيعية بمن أحب، بدلا من أن ينتظر «تكوين نفسه» قرب الخمسين أو الستين! الشاب يحلم بـ «عروسة» أهلها ولاد حلال، لا زعماء عصابة يحيلون حياته إلى جحيم و«يعقدونه» بالطلبات، من مهر وشبكة وقايمة وفرح وهدايا وشقة بخمس حمامات ومطبخ أمريكاني وسقف ساقط و«سبوتات»! الشاب يريد سينما ومسرحا وكتبا وفنا راقيا، ومباريات غير مشفرة، وإنترنت لا ينقطع، وكورسات لغات وكمبيوتر ومهارات خاصة بأسعار معقولة، وإعلاما يحترم عقله، ونخبا لا تتاجر بقضاياه، ومعاملة لائقة في وسائل النقل العام والمصالح الحكومية، وفرصا للترقي في أماكن العمل، بالكفاءة وحدها! الشاب يريد دولة قانون تطبق فيها الحقوق والواجبات بوضوح على الجميع، لا دولة تصدر القوانين، ثم يحصل منتهكوها على البراءة بضغوط في الإعلام والمؤتمرات، أو لأن بعضهم «تبع» دول أخرى! أعرف أن العفو حق للرئيس، وإبطال القوانين بيد القضاء، وتعديلها بيد البرلمان، ولكن من حقنا نحن أيضا أن نحذر من الخطأ قبل وقوعه، ومن «استدعاء» الفوضى بأيدينا بحجة إزالة احتقان الشباب، فليس هذا ما يريده الشباب بالضبط! لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل