رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

تحية واجبة للإعلام الأمريكى «المسئول»!

لا خطأ فى عنوان المقال، فهذا ما أعنيه بالفعل!

الإعلام الأمريكى قدم درسا «مفحما» لكل العاملين فى حقل الإعلام عندنا، سواء الأكثرية التى التحقت به «صدفة» أو الأقلية التى تعمل فى هذه المهنة بما يرضى الله!

فى الانتخابات الرئاسية السابقة، اعتاد الإعلام الأمريكى أن يتخذ صف أحد المرشحين صراحة، فتنشر مثلا «واشنطن بوستً» أو «نيويورك تايمز» بيانا قبل الانتخابات بفترة تعلن فيه تأييدها للمرشح الجمهورى للرئاسة، أو المرشح الديمقراطى، وتعرض مبرراتها الموضوعية لذلك، ولكنها فى الوقت نفسه، تحتفظ فى تغطيتها بنسبة معقولة من النزاهة والموضوعية، مهما كان موقفها، فلا تلجأ للكذب أو الإثارة أو الفبركة أو تشويه السمعة.

فى انتخابات الرئاسة 2008، انحاز الإعلام الأمريكى بوضوح إلى المرشح الديمقراطى الشاب الأسود باراك أوباما على حساب منافسه الجمهورى العجوز جون ماكين، وكانت مبررات تأييد أوباما قوية وقتها، فبرنامجه الانتخابى كان الأقوى بالفعل، ونائبه جوزيف بايدن كان الأفضل كذلك من نائبة ماكين «المتواضعة» سارة بالين، وكان لشعار «التغيير الآن» الذى رفعه أوباما وقتها مفعول السحر أيضا، لأن كلمة «التغيير» عادة ما تحسم اتجاهات تصويت الناخبين فى أمريكا بالذات!

أما فى الانتخابات الحالية، التى تدور فيها المنافسة بين الجمهورى دونالد ترامب، والديمقراطية هيلارى كلينتون، فنجد دور الإعلام الأمريكى قد اختلف تماما، ولم يعد يقتصر على دعم مرشح على آخر، بل وصل الأمر إلى درجة الرفض القاطع لوصول مرشح بعينه إلى البيت الأبيض!

منذ البداية، أعلن الإعلام الأمريكى صراحة تأييده الكامل لهيلارى، بمبررات شخصية وموضوعية وسياسية، فهو يرى أن كلينتون امتداد طبيعى لأوباما، ولزوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون، وصاحبة خبرة كافية، كونها سيدة أولى سابقة، ووزيرة خارجية سابقة، على عكس ترامب غريب الأطوار الذى يرفضه الإعلام الأمريكى ترامب رئيسا، ويراه خطرا على الأمة، وعلى بقاء الدولة، وعلى تركيبة المجتمع التى تضم أقليات ومهاجرين، بل ويراه منفذا لـ«مؤامرة» روسية، ولذلك، استخدم هذا الإعلام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتدمير ترامب، لأنه لو جاء رئيسا، فسيقضى على «أمريكا العميقة», أى مؤسسات الدولة التقليدية، من بيت أبيض وبنتاجون وسى آى إيه ومراكز أبحاث ووسائل إعلام، وهو ما يريده مؤيدو ترامب الآن بالفعل، ممن ينشدون التحرر من سطوة هذه المؤسسات على حياتهم!

ساند الإعلام الأمريكى هيلارى ظالمة ومظلومة منذ اليوم الأول لترشحها، و«لفق» لها استطلاعات رأى «ملاكى» و«طنش» على فضائحها، وركز على اصطياد أخطاء ترامب يوميا وتشويه سمعته بأساليب رخيصة، بل وتجاهل قبل يومين نبأ إحراق مقر حملته فى كارولاينا الشمالية، ليس هذا فحسب، بل إنه استخدم أيضا استمالات «التخويف» صراحة عندما حذر من أن فوز المرشح الجمهورى يعنى «خراب» أمريكا واقتصادها، ودمار العالم، واندلاع حرب عالمية!

ولهذا، ورغم تعاطفى مع ترامب عامة، وتحفظى على «البجاحة» الإعلامية الأمريكية المتناهية مع مصر منذ سنوات، فإننى أتوجه بالشكر والتحية لوسائل الإعلام الأمريكية على تعاملها مع انتخاباتهم الحالية «بمسئولية» و«وطنية», فقد دافعت بشتى السبل عن الدولة الأمريكية ومؤسساتها، وساندت مرشحة «استقرارهم» بقوة، ورفضت مجاملة ترامب من أجل خبر «حراق» أو عنوان «مشطشط», فقدمت بذلك درسا بليغا لن يستوعبه إعلام «التوك توك» عندنا الذى أدمن صناعة الإحباط ومغازلة «الشارع» بكل ما فيه من قمامة وسفهاء وأراذل!
لمزيد من مقالات هانى عسل

رابط دائم: